ما إن نجحت الاعتصامات والمظاهرات التي شهدتها جمهورية مصر العربية الشقيقة في إجبار الرئيس محمد حسني مبارك على التنحي عن كرسي الرئاسة إلا وتحركت بعض قيادات الأحزاب اليمنية الطامعة في السلطة لحشد الشباب في الشارع اليمني بهدف استنساخ التجربة المصرية على أمل الوصول الى النتيجة ذاتها وإجبار الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية اليمنية على التنحي عن السلطة دون أن تدرك تلك القيادات الحزبية الطامعة أن لكل مجتمع من المجتمعات العربية خصائصه الخاصة به التي يجب مراعاتها وأخذها في الاعتبار. فنجاح تجربة في دولة عربية ما ليس من الضرورة أن يتم في دولة عربية أخرى . بل ان التجربة ذاتها في حال استنساخها في دولة عربية أخرى قد تؤدي الى كوارث لا تحمد عقباها بسبب عدم الأخذ في الاعتبار الفوارق المجتمعية بين المجتمعات العربية كما هو الحال فيما يتعلق بمحاولة استنساخ التجربة المصرية من قبل بعض القيادات الحزبية اليمنية الطامعة التي لا يهمها ما قد يحل بالوطن وأبنائه بقدر ما يهمها تحقيق أهدافها ومطامعها فالغاية تبرر الوسيلة بالنسبة لتلك القيادات الطامعة بالجلوس على كرسي السلطة حتى إن كان ذلك على جثث وجماجم الأبرياء من ابناء الوطن المغرر بهم من قبل تلك القيادات الحزبية التي تعلم علم اليقين ان اليمن ليست مصر وان علي عبدالله صالح ليس حسني مبارك فالشعب اليمني الذي يبلغ تعداده ما يقارب 23 مليون نسمة يمتلك ما يزيد على عشرين مليون قطعة سلاح ناري بمختلف انواعها (الخفيفة والمتوسطة والثقيلة) وهو ما يعد بمثابة قنبلة قابلة للانفجار اذا ما تم اشعال فتيلها في أي وقت من الاوقات لن تبقي ولن تذر وستلتهم الاخضر واليابس بدون استثناء . بينما الشعب المصري الشقيق الذي تجاوز عدده 83 مليون نسمة لا يمتلك ما نسبته 1 % من الاسلحة النارية التي يمتلكها الشعب اليمني ناهيك عن الاسلحة البيضاء ممثلة بالجنابي التي يتزين بها ابناء الشعب اليمني وبالتالي فان أي التحام بين مجموعتين من ابناء الشعب اليمني معارضة ومؤيده سيؤدي الى ازهاق ارواح العشرات ان لم يكن المئات من ابناء الشعب اليمني. اضف الى ذلك الفارق الكبير في المستوى التعليمي والثقافي بين المجتمع المصري وبين المجتمع اليمني الذي يصب في مصلحة المجتمع المصري وهو ما ينعكس على مستوى وكيفية إدارة الخلافات والاختلافات في الآراء والافكار بين ابناء المجتمع المصري في ما بينهم البين اما بين ابناء المجتمع اليمني فعادة ما يتم تسوية ذلك بالاسلحة النارية أو السلاح الابيض في احسن الاحوال فإذا كان هناك خلاف بسيط بين شخصين في احد اسواق القات تكون النتيجة سقوط عدد من القتلى والجرحى وللجميع ان يتخيل ما الذي ستسفر عنه المواجهات المباشرة في الشوارع بين المؤيدين والمعارضين ؟!.من هنا نقول ان اليمن ليست مصر وان علي عبدالله صالح ليس حسني مبارك حيث إن فخامة الرئيس علي عبدالله صالح يحظى بحب عدد كبير من ابناء الشعب اليمني الذين هم على اهبة الاستعداد لأن يضحوا من اجله بأرواحهم ويقدموا حياتهم رخيصة ليعبروا عن مدى حبهم لرئيسهم وزعيمهم كما حدث في محافظة إب في الانتخابات الرئاسية الماضية في المهرجان الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية عندما قضى العشرات من المواطنين نحبهم بسبب التدافع الشديد في الميدان الذي أقيم فيه المهرجان. اما الرئيس محمد حسني مبارك فقد اظهرت الاحداث الاخيرة التي شهدتها جمهورية مصر العربية الشقيقة ان هناك شبه اجماع في الشارع المصري ان لم يكن اجماعاً مطلقاً على عدم رغبتهم ببقاء حسني مبارك على كرسي السلطة في جمهورية مصر وان انصار ومحبي مبارك في الشارع المصري يعدون على اصابع اليدين وهم المنتفعون المستفيدون من وجوده على قمة السلطة . ولذلك اسباب ومبررات عديدة لا مجال هنا لذكرها جميعها يأتي من ضمنها موقف مبارك من الجماعات الإسلامية وكذلك موقفه من القضايا القومية وهو ما جعله مكروهاً في الشارع المصري والعربي على السواء ، وجعل سقوط نظامه أسهل بكثير مما كان متوقعاً الى درجة ان اقوى جهاز أمني في الشرق الأوسط وإفريقيا ممثلاً بالأمن المصري تحول الى أثر بعد عين بعد لحظات من انطلاق المظاهرات والاعتصامات التي شهدها الشارع المصري أواخر شهر يناير المنصرم ليعلن الجيش المصري انحيازه التام الى جانب المتظاهرين والمعتصمين مقراً بمشروعية مطالبهم التي يأتي في مقدمها إسقاط نظام مبارك وهو ما تحقق بصورة غير متوقعة على الإطلاق الأمر الذي أنعش أحلام القيادات الحزبية اليمنية الطامعة التي شعرت انها اصبحت على مرمى حجر من كرسي السلطة وأن الأمر لا يحتاج سوى استنساخ التجربة المصرية ليتحقق المراد من رب العباد وهي تدرك جيداً وعلى علم مسبق أن اليمن ليست مصر وأن علي عبدالله صالح ليس حسني مبارك أما عن سقوط نظام بن علي في تونس فلا مجال للمقارنة بين نظام بن علي القمعي الاستبدادي ونظام الحكم في اليمني وما يمتاز به من حرية وديمقراطية وهو ما جعلنا نستبعده من المقارنة والاستنساخ.. والله من وراء القصد .[c1]* رئيس تحرير صحيفة (الزاجل )[/c]
أخبار متعلقة