غضون
- وزراء ونواب ورجال أعمال ومسؤولون مصريون آخرون أصبحوا الآن موضوعاً لقضايا تتعلق بالفساد، والنائب العام يطلبهم للتحقيق.. استغلوا مواقعهم ووظائفهم العامة لتحقيق مصالح شخصية وأسرية غير مشروعة.. بناء قصور وإنشاء جامعات خاصة ومشاريع استثمارية من كل صنف وفي كل قطاع حيوي.. وكل ذلك من المال العام وبسبب استغلال الوظيفة العامة والمكانة السياسية استغلالاً سيئاً طوال سنوات.. فأضروا بالمجتمع وأثاروا النقمة ضد نظام الرئيس حسني مبارك وأسقطوه.. المعروف أن الفساد له ثمنه.. فهو سبب رئيسي للفقر.. ومحفز للغضب العام الذي لا تنقصه أي دولة عربية.. وقد عبر عن نفسه وحجمه في دول عربية فيها قدر كبير من الحريات والديمقراطية تعبيراً أكثر أماناً كما في مصر وتونس، ويعلم الله كيف سيعبر المواطنون في الدول غير الديمقراطية عن غضبهم المغطى أو المكبوت. وهذا سيحدث ذات يوم حتى لو كانت كثرة الأموال تحجب الفساد أو تقلل من تأثيره السلبي في حياة الناس.- حركت قضايا المسؤولين الفاسدين في مصر تحت تأثير الأحداث السياسية والهياج الشعبي الذي صاحبته مظاهر مدمرة.. لم تحرك من قبل.. الأنظمة العربية اعتادت انتظار الكوارث، فإذا وقعت تحركت.. لا تبادر إلى الإصلاح بصورة منظمة وحيثما وجدت الدواعي ولا تعمل مبدأ المساءلة ونظام النزاهة بصورة يومية.. تسكت عن الفاسدين وتقعد على ماهو سائد ولا تغير.. تتحرك فقط تحت ضغوط الزلازل.. الشعوب العربية تسبق حكامها وتتقدم من حيث الشعور بالخطر والوعي السياسي على الأنظمة القائمة أو قل الجالسة عليها.. لا يكتشفون الفساد إلا بعد وقوع الفأس في الرأس، ولا يرون حاجة للإصلاح أو التغيير إلا عندما توقظهم الجماهير من سباتهم العميق.- لا يزال النظام العربي مؤمناً بالمقولة الفارسية «الناس على دين ملوكهم» وهي مقولة قديمة وقد ماتت في فارس قبل مئات القرون.. والتجارب كلها خلال مائة سنة تقول إن الناس ليسوا على دين ملوكهم.. ولا أيضاً «كما تكونون يولى عليكم» وهي مقولة مضادة للأولى وكلاهما فاسدتان في كل الأحوال وفي هذا الزمان خاصة.إن الفساد بكل أشكاله أكبر عدو للأنظمة والشعوب العربية.. والحاجة تدعو إلى تنظيف كل بيئاتنا من هذا العدو الشرير.. من خلال نظام مبني على الشفافية والمساءلة وتكافؤ الفرص والمساواة في الحقوق، واستبعاد أو عدم السماح للفعاليات التقليدية أن تفعل فعلها في المجتمع.. المال العام والممتلكات العامة والوظائف العامة يجب أن تكون محمية أو محصنة ضد أي شكل من أشكال الفساد.. أكان شخصياً أو أسرياً أو قبلياً.. والفساد لا يأتي بخير مهما قيل إنه قد يسمح به لمصلحة ما في بعض الظروف.. ليس في الفساد مصلحة.. بل ضرر.. وقلبوا الفساد على كل وجه، فستجدونه كذلك.. فساداً.. فاقتلعوه قبل خراب مالطا وإلا..