أضواء
مع كل موضوع يطرح عن المرأة يعود الجدل كالعادة إلى الساحة، في الخليج صارت المرأة سبباً للصراع بين الأطراف، بين الإسلاميين من جهةٍ على كافة انتماءاتهم وبين الليبراليين وتيارات الدعوة إلى الحريات والمجتمع المدني بمختلف انتماءاتها من جهة أخرى. مؤخراً عادت قضية المرأة في السعودية إلى الواجهة على خلفية الجدل حول «الكاشيرات» كما عادت إلى الجدل بعد كتاب وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور: محمد بن أحمد الرشيد والذي طبع تحت عنوان «المرأة المسلمة.. بين إنصاف الدين وفهم المغالين» يتوقع أن يعيد الكتاب الجدل إلى قضية المرأة في الخليج بعامةٍ، وفي السعودية بخاصةٍ ذلك أنها في السعودية أكثر افتقاداً إلى حقوقٍ تنعم بها المرأة في دول الخليج الأخرى وعلى رأسها «قيادة المرأة للسيارة».لم أطّلع بعد على محتوى الكتاب مطبوعاً لكن الخلاصات التي نشرتها الصحف عن الكتاب تشير إلى أنه احتوى مضامين ربما تكون «صادمة»، جاء في ملخص الكتاب كما نشرته جريدة «الشرق الأوسط»: «المجتمعات الإسلامية في حاجة ماسة إلى تجنيد كل طاقات الناس فيها، ذكورهم وإناثهم، وطاقاتهم الفكرية والإيمانية لتعمير البلاد، والنهوض بالمجتمع في ظل سور أخلاقي إيماني دون حجر على فئة والحد من عطائها. إن الإسلام في كل شعائره وواجباته يسوي في أصولها بين الرجل والمرأة، ومورداً حدود العلاقة بين الذكر والأنثى من بني البشر. إنه لأمر مهم يجب أن نمعن التفكير فيه، ذلك هو الرأي القائل بأن تغطية وجه المرأة جزء من حجابها الشرعي. ومعلوم أن أغلبية العلماء والأئمة من سلفنا الصالح، ومن الفقهاء المعاصرين لا يرون أن تغطية الوجه جزء من الحجاب. وقلة منهم هم الذين رأوا ذلك، وليعذرني المطالبون بتغطية وجه المرأة أن أقول: إن معياريّ السابقين: العقيدة والفضيلة، لا تحققهما تغطية المرأة لوجهها».يشير الرشيد إلى ضرورة قيادة المرأة للسيارة، وإلى أهمية مزاولتها للعمل، ودعا الوزير الأسبق إلى إيجاد آلية تدريجية للعمل المختلط، يقول: «تعلم المرأة الطلاب حين تكون هي الأكثر فائدة وتأهيلًا في مجالها، وأن يعلم الرجل الطالبات كذلك، حين يكون تخصصه لازماً لهن، دون خوف من أحد الطرفين على الآخر. وعدم الفصل بين النساء والرجال في قاعة دراسية، أو أي ندوة علمية، أو اجتماع فكري يجمع بين الطرفين، بحيث تكون صفوف الرجال في المقدمة والنساء في المؤخرة كما هو الأمر في الصلاة، دون إنكار من أحد لذلك».من الرائع أن يدخل الوزراء وأصحاب القرار السابقون على خط الجدل الاجتماعي، استبشرتُ كثيراً بكتاب الوزير الذي أثار وسيثير جدلاً كبيراً، لأن موضوعه هو «المرأة»، ولو رصدنا الجدل في الخليج والسعودية تحديداً حول المرأة لخرجنا بمادة علمية كبيرة يمكن أن تكون مادة درس وبحث علمي مميز. الأكيد أن الوزير بكتابه هذا خرج عن عادة قديمة لدى الوزراء أن لا يدخلوا في شأن المجتمع العام، باستثناء وزراء قلائل مثل الراحل غازي القصيبي، ومحمد عبده يماني، ووزراء آخرين معدودين. إنها أسئلة لن تحسم ببساطة، ومهما تخيلنا أن مسألة قيادة المرأة للسيارة قصة صغيرة وبسيطة غير أنها لن تحسم ببساطة لأن المجتمع يعيش في ذاكرة تغذّت على تحريم هذا الأمر على الأقل التحريم الاجتماعي وهو أخطر وأدوم من التحريم الديني.[c1]*عن/ جريدة(الاتحاد) الإماراتية[/c]