* تقرأ في كتب الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: أوتيت بهريسة في الجنة فأكلتها فزادت قوتي قوة أربعين رجلاً، وفي نكاحي نكاح أربعين .. وأحاديث مثل: الحناء سيد ريحان أهل الجنة.. الديك الأبيض صديقي.. أفضل طعام الدنيا والآخرة اللحم .. كلوا الزبيب فإنه ينشف المرة ويذهب البلغم .. عليكم بالعدس فإنه مبارك مقدس .. من أكل فولة بقشرها أخرج الله تعالى منه من الداء مثلها.. الجبن داء والجوز دواء .. البطيخ قبل الطعام يغسل البطن ويذهب الداء .. كذلك أحاديث تمتدح الورد والبنفسج والنبيذ والرمان والنرجس والحجامة والكحل.والمرء وهو يقرأ مثل هذه الأحاديث لا يحتاج أن يكون من أهل الجرح والتعديل لكي يجزم أنها من صناعة المشتغلين بزراعة وبيع وصناعة النبيذ والخضروات والفواكه والدجاج والنباتات العطرية، ولا يمكن أن يصدق مثل هذه الأحاديث حتى وإن وردت في صحيح البخاري ورويت عن ابن عباس أو أبي هريرة وأنس وغيرهم، إذ هي من صناعة أصحاب تلك المهن والتجارات افتروها لترويج بضائعهم. * الشاهد مما سبق هو أن الذين نسبوا ذلك للرسول وأصحابه وجعلوا منهم ( شركة إعلان وتسويق ) لخدمة مصالحهم، هم شهود على الانحدار الأخلاقي واهتزاز القيم الدينية الذي كان سائداً في عصر تدوين الحديث، وإلا كيف نفهم الجرأة على توظيف الدين لخدمة المصالح التجارية على هذا القدر من الصراحة والفجاجة. وهذا أو قل مثله تماماً فعله المتنافسون والخصوم السياسيون .. فأصحاب السنة نسبوا للرسول حديثاً يقول: كره الرسول أن يستكتب معاوية فاستشار جبريل ، فقال له: استكتبه إنه أمين .. وإن الرسول قال: الأمناء عند الله ثلاثة : أنا.. وجبريل ومعاوية. وإنه قال: إن الله يتجلى للناس عامة يوم القيامة ويتجلى لأبي بكر خاصة! ويرد عليهم الشيعة بالسلاح نفسه، فقالوا إن الرسول قال إن جبريل قال له: يا محمد (علي) خير البشر من أبى فقد كفر .. وإنه قال: إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه .. وحتى في إطار أهل السنة، يقول أتباع الإمام أبي حنيفة إن الرسول قال: يكون في أمتي رجل يقال له محمد بن إدريس ( الشافعي ) اضر على أمتي من إبليس، ويكون في أمتي رجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي .. ويرد أتباع الشافعي بحديث: عالم قريش يملا الأرض علماً .. وينعت أبا حنيفة بالكفر! * وواضح أنها أحاديث مكذوبة على الرسول، والمشتغلون بالحديث والجرح والتعديل قد يقولون لك إنها موضوعة .. أو هذا غير صحيح ، وهذا حسن، وهذا ضعيف، استناداً إلى تدقيقهم في الرواة وليس استناداً إلى تقييم النص أو المتن .. بدليل أنهم يسلمون بأحاديث مشابهة وحجتهم أنها وردت في صحيح البخاري أو مسلم أو الحاكم بدعوى أن رجالهم ثقات .. فهم يثقون بالرجال رواة الحديث أكثر من ثقتهم بالرسول والقرآن. وفي هذه ( الصحاح ) عندهم ترد أحاديث أسوأ من تلك التي صنعها صناع الهريسة والنبيذ وتجار الحناء والجوز وبائعو البطيخ واللحم ومربو الديوك البيضاء، وضررها أنها تستخدم الآن للتكفير وتقديس رجال الدين وتمزيق النسيج الوطني وتحقير النساء.. ومع ذلك يقولون لك : رواها البخاري ومسلم والنسائي و.. و.. يعني كونها وردت في مثل هذه المصادر يؤخذ بها ولو خالفت العقل والقرآن وسيرة الرسول.
أخبار متعلقة