تقتضي المسؤولية الوطنية والأخلاقية من الجميع دون استثناء ، النأي بالوطن عن الانزلاق نحو بؤر التأزيم ، وتجنيبه أي خلافات من شأنها الزج به في أتون الفتن والمخاطر ، وهذا باعتقادي أمر لا جدال فيه ، وليس من قبيل المزايدة كما يردد البعض ، وإلاّ ما الذي سنحافظ عليه ، إذا جعلنا استقرار وطننا مرتهناً بخلافاتنا السياسية وتبايناتنا الضيقة؟؟كل من يتابع تفاعلات المشهد السياسي في بلادنا هذه الأيام ، يجد أن هناك تجاذبات خارجةً عن إطار التنافس الشريف المفترض بين طرفي المعادلة السياسية ، بالذات ما يصدر من قبل إخواننا في المعارضة ، بسبب التعبئة الخاطئة للشارع والإفراط في الخصومة ، والذهاب بالخطاب السياسي بعيداً عن ذلك المعهود في جميع الديمقراطيات ، والسير باتجاه طريق الاحتقان ، بغرض تحقيق أهداف لا تتوافق مع أي مبدأ شوروي ، دون النظر إلى تداعيات ذلك وانعكاساته على مستقبل البلد..لا أدري لماذا يرفضون المشاركة في الانتخابات النيابية القادمة ويحكمون عليها مسبقاً بالتزوير، وهم يعرفون الآلية التي تدار بها العملية الانتخابية من أولها إلى آخرها ، وقد خاضوا ثلاثة انتخابات برلمانية سابقة وانتخابين محليين وآخر رئاسياً ؟ حيث لا تخلو لجنة انتخابية واحدة من عضو أو عضوين للمعارضة من إجمالي ثلاثة أعضاء ، إضافة إلى وجود مندوب عن كل مرشح سواءً كان حزبياً أو مستقلاً ؟ لماذا كل هذا القفز على الواقع والإجحاف بحق الوطن وتشويه العملية الديمقراطية التي يعتبرون أحد قطبيها الرئيسيين على الساحة بهذه الصورة الهزلية التي تسيء للديمقراطية في اليمن رغم الشهادات المحلية والإقليمية والدولية بنزاهتها ؟هل يدركون أنهم بخطاباتهم المتشنجة يشجعون القوى المتطرفة على التمادي في جرائمها، واستثمار هذا المناخ كغطاء لضرب الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي ؟طالبوا فيما مضى بتصحيح السجل الانتخابي ، وهذا مطلب مشروع لا يعارضهم فيه أحد ، على الرغم من أنهم يعلمون تماماً حجم المخالفات الموجودة فيه وتأثيرها المحدود على العملية الانتخابية مقارنة بعدد المقيدين في السجل، ووقفوا عند هذا المطلب فترة طويلة ، حتى فتحت لهم أبواب أخرى كالقائمة النسبية التي يطالبون بإقرارها رغم استحالة تطبيقها في بلد كاليمن له خصوصيته سواء فيما يتعلق بتضاريسه أو تركيبته السكانية وتقسيمه الإداري ، ومع ذلك تراهم كل يوم يرفعون سقف مطالبهم إلى حدود التعنت وتجاوز القانون الذي لا يرضاه أحد ولا يقبل به حتى المجانين، ويضعون شروطاً تعجيزية لمشاركتهم في الانتخابات وكأن السماء ستسقطُ على الأرض إذا لم يشاركوا فيها .أخيــراً .. كفى عبثاً بأمن الوطن ، واللعب على أوراق خاسرة، فالقضاء على الفساد ، ومكافحة الفقر والبطالة والأمية والمرض ، مسؤولية الجميع بشكل عام والحكومة على وجه الخصوص ، إنما لا يتم ذلك سوى بانتهاج السبل السليمة المتبعة في مختلف دول العالم ، بعد تحديد الأولويات التي من أهمها على الإطلاق تحييد الوطن عن أي خلافات ، إذا لم يكن هذا التنافس من حيث المبدأ هو من أجل النهوض بالوطن وازدهاره ورفعة أبنائه ، لا من أجل تمزيقه واعتباره غنيمة يتنافسون على من يظفر بالنصيب الأوفر منها.. والعاقبة للمتقين .
تحييد الوطن عن الأزمات
أخبار متعلقة