لو كنا في غير هذه الظروف السياسية الساخنة، هل كان بالإمكان أن يثير كتاب للشيخ الراحل محمد مهدي شمس الدين جدلا في قاهرة الأزهر وسيدنا الحسين؟ هذا الشيخ الشيعي اللبناني، الذي يمثل صورة من أرفع صور الاعتدال الديني، أصبح موضوعا إشكاليا وشائكا، ورأى البعض في بلاد الكنانة، أن «ترويج» كتابه شكل من أشكال التبشير بالمذهب الشيعي في قلعة من قلاع الإسلام السني! لو كنا في غير هذه الظروف والغليان السياسي في المنطقة، والذي تسهم إيران في تصعيده بسهم وافر، هل كان بالإمكان أن يثار هذا الجدل الديني، والتاريخي، والاجتماعي، حول المذهب الشيعي، أو حول مذهب أهل السنة ؟! في كثير من الأحوال، فتش عن العامل السياسي في الاشتباكات والصراعات ذات الطابع الديني، وإلا فما الذي يفسر لك تقارب منظمة حماس (السنية) مع نظام إيران ذي (الصبغة الخمينية) ؟، أو يفسر لك من قبل سرعة مساندة الإخوان المسلمين للخميني منذ أن كان في باريس، كما في اعترافات يوسف ندا «رئيس حكومة الظل» للإخوان المسلمين في العالم، حسب لقاء احمد منصور معه في برنامج «شاهد على العصر» في وقت سابق. الصراع السياسي هو وقود كثير من الخلافات الطائفية والمذهبية في التاريخ، وليس وقفا على تاريخنا الإسلامي وحسب. وبالعودة الى تاريخنا الإسلامي، والى رحى الخلاف الشيعي السني، الذي اندلع مع بداية أول سطر في التاريخ الإسلامي بعد وفاة نبي الإسلام، وانفجر بشكل دموي في معارك الفتنة الكبرى بين علي ومعاوية، واستمر يشطر مياه الذاكرة الإسلامية إلى ضفتين... منذ تلك الحقبة إلى يومنا المعاصر، لم يتغير شيء، تهدأ الأمور وتثور تبعاً لميزان القوى بين الطرفين. الصراع السياسي، والتهديد المباشر، هما أكبر ما يحرك مياه الأدبيات الطائفية، والتاريخ يخبرنا الكثير في هذا الصدد. ومن ذلك ملحمة الصراع بين العثمانيين والصفويين، تلك الملحمة التي دشنت بدايتها الهائلة في معركة«جالديران» الشهيرة في أغسطس سنة 1514 ميلادية بين الشاه إسماعيل الصفوي، مؤسس الدولة الصفوية ومكرس الثقافة الصفوية، وبين السلطان العثماني سليم الأول، وهي المعركة التي كان دافع السلطان سليم الأول فيها هو حشر «الإمبراطورية» الصفوية الطامحة للتوسع، تحت شعار الطائفية الشيعية، والغريب في الأمر أن جد الأسرة الصفوية، الولي صفي الدين الاردبيلي، كان زاهدا صوفيا سنيا، ثم بالتدريج بدأت سلالته بالتحول إلى المذهب الشيعي، وفق تعقيدات معينة، لنصل إلى لحظة الشاه إسماعيل الصفوي. بالغ الشاه اسماعيل في تشيعه، وقمع السنة، ونشر المذهب في إيران، وطمع في العراق وفي الأراضي المجاورة لإيران من جهة الشرق والشمال، ولطمعه في العراق دوافعه المعلومة حيث العتبات المقدسة. والأمر المثير الآخر في القصة، أن والد السلطان سليم الأول، وهو «بايزيد» كان يتراسل مع الشاه الصفوي، وكان محبا للشعر والفلسفة، ولم يكن يشعر بوجوب منازلة الصفويين، ولما تواترت الأنباء عن القمع الذي يقوم به الشاه ضد السنة، بدأ السلطان العثماني ينصحه بالرفق وعدم الاعتداء على السنة، بحكم مسؤولية السلطان عن رعيته، لكن السلطان سليم الأول لم يكن يرى الأمر كذلك، وكان تقديره أن الامبراطورية الصفوية تشكل خطرا حقيقيا على الدولة العثمانية، وأن حماسة الشاه في نشر الصيغة المتشددة من التشيع تأتي في إطار سعي إسماعيل إلى توفير أرضية ثقافية ملائمة لتمدد الدولة الصفوية. وهنا يشتبك السياسي بالديني والاجتماعي. وفي الأصل فربما كان سبب، أو قل من بين الأسباب، اختيار أسلاف إسماعيل للتشيع ، وتكريس إسماعيل له ، الهاجس السياسي ، في سياق خلق هوية ثقافية للإمبراطورية الجديدة ، هوية تقوم على التمايز المذهبي والاختلاف في المرجعية التاريخية والذاكرة المحلية من أجل استكمال أدوات الهوية المختلفة... ولنا هنا أن لا نستغرب ذلك، فأطماع الإنسان، على كثرتها، لا حدود لها، ولا محرمات عليها، حين تقترن بالسلطة. على كل حال، نجح العثمانيون في محاصرة التمدد الصفوي في حدوده الحالية، لكن جبهة الصراع المفتوحة ظلت في العراق، فمرة يدخل الشاه الصفوي الى بغداد فينكل بالسنة، ومرة يدخل السلطان العثماني فينكل بالشيعة، ويعمر قبر أبي حنيفة ... وهكذا. التشيع بالنسبة لـ«دولة» إيران، أيا كان النظام الحاكم فيها ، حتى ولو كان علمانيا تقريبا ، هو قناة توسع سياسي قومي خارج الحدود الإيرانية ، وبالذات في العراق، ومن هنا كانت أهمية الأصوات الشيعية الوطنية التي تؤكد دوما على التمييز بين التشيع العربي والتشيع الإيراني أو «الصفوي».. بصرف النظر عن تجسيد هذا الفرق على الأرض. يحدثنا معروف الرصافي في كتابه «الرسالة البغدادية» كيف كان شاه بهلوي، وهو رجل علماني، أو هو «أتاتورك إيران» لكنه مع ذلك كان شديد النصرة لحوزة النجف وللخط الشيعي المرتبط بإيران لأسباب سياسية بحتة، مع انه كان يحارب علماء الدين الشيعة في الداخل، أي أن الأمر برمته يشتعل بمحرك الطموح السياسي، حتى ولو بدا لنا ذا صبغة دينية بعيدة. هذا الأمر لم يكن محصورا بالصفويين ، فسلاطين بني عثمان حاربوا الصفويين بكل الأوراق المتاحة، واشتدت في تلك المرحلة من الصراع بين الصفويين والعثمانيين حرب الفتاوى المتبادلة، وكانت حربا منهجية، ولذلك فإن أكثر الأدبيات الشيعية المتطرفة، والتي «ثقفنت» التشيع ومنحته موسوعاته الكبرى، مثل «بحار الأنوار» للمجلسي ذات المجلدات التي ناهزت المائة، تنتمي لتلك الحقبة، وهو أمر لو منح المجلسي كل عمره لما أطاق كتابته، خصوصا ان كتاب «بحار الأنوار» ليس إلا كتابا واحدا من كتب المجلسي، الأمر الذي يدل على وجود جهد (دولتي مؤسسي) كما يلمح الى ذلك علي الوردي. وأيضا في تلك اللحظة تواترت فتاوى شيوخ الإسلام في «الاستانة» وغيرها ضد الشيعة، تبعا لسخونة المواجهة أو برودتها بين السلطان والشاه، ويذكر الوردي أيضا كيف انه في إحدى فترات الهدنة خرجت فتوى من الاستانة لينة الجانب وتتحدث عن الشيعة بلغة ودية، ثم لما خربت الهدنة وتوتر الوضع مجددا بين الطرفين، اشتعلت حرب الفتاوى مجددا. لماذا نتحدث عن الماضي البعيد؟! دعونا نشير إلى القريب والحاضر، فمشروع التقريب بين السنة والشيعة تحمس له شيوخ الأزهر في مصر، وجماعة الإخوان حينما كان التشيع لا يمثل هوية سياسية، بالنسبة لشيوخ الأزهر مثل الشيخ شلتوت، أو يمثل حليفا سياسيا في الجماعات ذات النهج الحركي مثل جماعة نواب صفوي، الذي ألقى محاضرة شهيرة برعاية الإخوان في القاهرة أوائل الخمسينات. وحينما نجحت الثورة الخمينية «الإسلامية الحركية» نظر لها الإخوان المسلمون بود، كما في حديث يوسف ندا، وخبر وفود الإخوان لطهران، لكن حينما أصبحت الثورة تريد تصدير نفسها، واندلعت الحرب، باردة وساخنة بين الخليج والعراق من طرف ، وبين إيران الخميني من طرف آخر، انكفأ مشروع التقريب، وتقدم مشروع المواجهة، وتقاطرت الأدبيات المتبادلة التي تهاجم الطرف الآخر مستندة الى ارث الصراع الطويل بين السنة والشيعة. ولكن أيضا، وحينما وصل رفسنجاني إلى الحكم لاحقا، وتعب رجال الثورة، وبدأت الثورة تصبح دولة، عادت لغة التقريب و«ثقافة التقريب» بين العالم السني والعالم الشيعي، وظل «شهر العسل» هذا حتى اندلعت مشكلة العراق، ودخلت إيران أحمدي نجاد بقوة على الخط وألقت بظلها على رجالها هناك، وبزغ «الهلال الشيعي» ـ بالمعنى السياسي للتشيع ـ حتى انبعثت معارك الماضي مجددا...نحن الآن في بداية فصل جديد من فصول الحكاية السنية الشيعية، وهي حكاية، في كل فصولها، كانت مطلية بالدين والعقائد والخلافات اللاهوتية... الخ ولكنها مبطنة بالخلاف السياسي. المثير للسخرية، أننا نكرر أساليب الماضي بحذافيرها، والمثير للسخرية أكثر أن هذه الأساليب دائما تنجح وتفعل فعلها ! فهل المشكلة في انه قد قدر على العرب والمسلمين أن يخففوا في استيعاب وهضم هوية وطنية عابرة للطوائف والأعراق... أين الخلل ؟ ستنتهي المشكلة مع إيران، إما بالحرب أو بالسلم ، او يقضي الله ما لا تعلمون داخل إيران ... لكن من ينهي هذه الحرب الخالدة بين المسلمين أنفسهم، هذه الحرب التي وقودها الناس والأمن والنور....؟!لو كنا في غير هذه الظروف السياسية الساخنة، هل كان بالإمكان أن يثير كتاب للشيخ الراحل محمد مهدي شمس الدين جدلا في قاهرة الأزهر وسيدنا الحسين؟ هذا الشيخ الشيعي اللبناني، الذي يمثل صورة من أرفع صور الاعتدال الديني، أصبح موضوعا إشكاليا وشائكا، ورأى البعض في بلاد الكنانة، أن «ترويج» كتابه شكل من أشكال التبشير بالمذهب الشيعي في قلعة من قلاع الإسلام السني!و كنا في غير هذه الظروف والغليان السياسي في المنطقة، والذي تسهم إيران في تصعيده بسهم وافر، هل كان بالإمكان أن يثار هذا الجدل الديني، والتاريخي، والاجتماعي، حول المذهب الشيعي، أو حول مذهب أهل السنة ؟!في كثير من الأحوال، فتش عن العامل السياسي في الاشتباكات والصراعات ذات الطابع الديني، وإلا فما الذي يفسر لك تقارب منظمة حماس (السنية) مع نظام إيران ذي (الصبغة الخمينية) ؟، أو يفسر لك من قبل سرعة مساندة الإخوان المسلمين للخميني منذ أن كان في باريس، كما في اعترافات يوسف ندا «رئيس حكومة الظل» للإخوان المسلمين في العالم، حسب لقاء احمد منصور معه في برنامج «شاهد على العصر» في وقت سابق.الصراع السياسي هو وقود كثير من الخلافات الطائفية والمذهبية في التاريخ، وليس وقفا على تاريخنا الإسلامي وحسب.وبالعودة إلى تاريخنا الإسلامي، والى رحى الخلاف الشيعي السني، الذي اندلع مع بداية أول سطر في التاريخ الإسلامي بعد وفاة نبي الإسلام، وانفجر بشكل دموي في معارك الفتنة الكبرى بين علي ومعاوية، واستمر يشطر مياه الذاكرة الإسلامية إلى ضفتين... منذ تلك الحقبة إلى يومنا المعاصر، لم يتغير شيء، تهدأ الأمور وتثور تبعاً لميزان القوى بين الطرفين.الصراع السياسي، والتهديد المباشر، هما أكبر ما يحرك مياه الأدبيات الطائفية، والتاريخ يخبرنا الكثير في هذا الصدد. ومن ذلك ملحمة الصراع بين العثمانيين والصفويين، تلك الملحمة التي دشنت بدايتها الهائلة في معركة«جالديران» الشهيرة في أغسطس سنة 1514 ميلادية بين الشاه إسماعيل الصفوي، مؤسس الدولة الصفوية ومكرس الثقافة الصفوية، وبين السلطان العثماني سليم الأول، وهي المعركة التي كان دافع السلطان سليم الأول فيها هو حشر «الإمبراطورية» الصفوية الطامحة للتوسع، تحت شعار الطائفية الشيعية، والغريب في الأمر أن جد الأسرة الصفوية، الولي صفي الدين الاردبيلي، كان زاهدا صوفيا سنيا، ثم بالتدريج بدأت سلالته بالتحول إلى المذهب الشيعي، وفق تعقيدات معينة، لنصل إلى لحظة الشاه إسماعيل الصفوي.بالغ الشاه اسماعيل في تشيعه، وقمع السنة، ونشر المذهب في إيران، وطمع في العراق وفي الأراضي المجاورة لإيران من جهة الشرق والشمال، ولطمعه في العراق دوافعه المعلومة حيث العتبات المقدسة.والأمر المثير الآخر في القصة، أن والد السلطان سليم الأول، وهو «بايزيد» كان يتراسل مع الشاه الصفوي، وكان محبا للشعر والفلسفة، ولم يكن يشعر بوجوب منازلة الصفويين، ولما تواترت الأنباء عن القمع الذي يقوم به الشاه ضد السنة، بدأ السلطان العثماني ينصحه بالرفق وعدم الاعتداء على السنة، بحكم مسؤولية السلطان عن رعيته، لكن السلطان سليم الأول لم يكن يرى الأمر كذلك، وكان تقديره أن الامبراطورية الصفوية تشكل خطرا حقيقيا على الدولة العثمانية، وأن حماسة الشاه في نشر الصيغة المتشددة من التشيع تأتي في إطار سعي إسماعيل إلى توفير أرضية ثقافية ملائمة لتمدد الدولة الصفوية. وهنا يشتبك السياسي بالديني والاجتماعي. وفي الأصل فربما كان سبب، أو قل من بين الأسباب، اختيار أسلاف إسماعيل للتشيع ، وتكريس إسماعيل له ، الهاجس السياسي ، في سياق خلق هوية ثقافية للإمبراطورية الجديدة ، هوية تقوم على التمايز المذهبي والاختلاف في المرجعية التاريخية والذاكرة المحلية من أجل استكمال أدوات الهوية المختلفة... ولنا هنا أن لا نستغرب ذلك، فأطماع الإنسان، على كثرتها، لا حدود لها، ولا محرمات عليها، حين تقترن بالسلطة.على كل حال، نجح العثمانيون في محاصرة التمدد الصفوي في حدوده الحالية، لكن جبهة الصراع المفتوحة ظلت في العراق، فمرة يدخل الشاه الصفوي الى بغداد فينكل بالسنة، ومرة يدخل السلطان العثماني فينكل بالشيعة، ويعمر قبر أبي حنيفة ... وهكذا.التشيع بالنسبة لـ«دولة» إيران، أيا كان النظام الحاكم فيها ، حتى ولو كان علمانيا تقريبا ، هو قناة توسع سياسي قومي خارج الحدود الإيرانية ، وبالذات في العراق، ومن هنا كانت أهمية الأصوات الشيعية الوطنية التي تؤكد دوما على التمييز بين التشيع العربي والتشيع الإيراني أو «الصفوي».. بصرف النظر عن تجسيد هذا الفرق على الأرض.يحدثنا معروف الرصافي في كتابه «الرسالة البغدادية» كيف كان شاه بهلوي، وهو رجل علماني، أو هو «أتاتورك إيران» لكنه مع ذلك كان شديد النصرة لحوزة النجف وللخط الشيعي المرتبط بإيران لأسباب سياسية بحتة، مع انه كان يحارب علماء الدين الشيعة في الداخل، أي أن الأمر برمته يشتعل بمحرك الطموح السياسي، حتى ولو بدا لنا ذا صبغة دينية بعيدة.هذا الأمر لم يكن محصورا بالصفويين ، فسلاطين بني عثمان حاربوا الصفويين بكل الأوراق المتاحة، واشتدت في تلك المرحلة من الصراع بين الصفويين والعثمانيين حرب الفتاوى المتبادلة، وكانت حربا منهجية، ولذلك فإن أكثر الأدبيات الشيعية المتطرفة، والتي «ثقفنت» التشيع ومنحته موسوعاته الكبرى، مثل «بحار الأنوار» للمجلسي ذات المجلدات التي ناهزت المائة، تنتمي لتلك الحقبة، وهو أمر لو منح المجلسي كل عمره لما أطاق كتابته، خصوصا ان كتاب «بحار الأنوار» ليس إلا كتابا واحدا من كتب المجلسي، الأمر الذي يدل على وجود جهد (دولتي مؤسسي) كما يلمح إلى ذلك علي الوردي.وأيضا في تلك اللحظة تواترت فتاوى شيوخ الإسلام في «الاستانة» وغيرها ضد الشيعة، تبعا لسخونة المواجهة أو برودتها بين السلطان والشاه، ويذكر الوردي أيضا كيف انه في إحدى فترات الهدنة خرجت فتوى من الاستانة لينة الجانب وتتحدث عن الشيعة بلغة ودية، ثم لما خربت الهدنة وتوتر الوضع مجددا بين الطرفين، اشتعلت حرب الفتاوى مجددا.لماذا نتحدث عن الماضي البعيد؟! دعونا نشير إلى القريب والحاضر، فمشروع التقريب بين السنة والشيعة تحمس له شيوخ الأزهر في مصر، وجماعة الإخوان حينما كان التشيع لا يمثل هوية سياسية، بالنسبة لشيوخ الأزهر مثل الشيخ شلتوت، أو يمثل حليفا سياسيا في الجماعات ذات النهج الحركي مثل جماعة نواب صفوي، الذي ألقى محاضرة شهيرة برعاية الإخوان في القاهرة أول الخمسينات.وحينما نجحت الثورة الخمينية «الإسلامية الحركية» نظر لها الإخوان المسلمون بود، كما في حديث يوسف ندا، وخبر وفود الإخوان لطهران، لكن حينما أصبحت الثورة تريد تصدير نفسها، واندلعت الحرب، باردة وساخنة بين الخليج والعراق من طرف ، وبين إيران الخميني من طرف آخر، انكفأ مشروع التقريب، وتقدم مشروع المواجهة، وتقاطرت الأدبيات المتبادلة التي تهاجم الطرف الآخر مستندة إلى ارث الصراع الطويل بين السنة والشيعة. ولكن أيضا، وحينما وصل رفسنجاني إلى الحكم لاحقا، وتعب رجال الثورة، وبدأت الثورة تصبح دولة، عادت لغة التقريب و«ثقافة التقريب» بين العالم السني والعالم الشيعي، وظل «شهر العسل» هذا حتى اندلعت مشكلة العراق، ودخلت إيران أحمدي نجاد بقوة على الخط وألقت بظلها على رجالها هناك، وبزغ «الهلال الشيعي» ـ بالمعنى السياسي للتشيع ـ حتى انبعثت معارك الماضي مجددا ...نحن الآن في بداية فصل جديد من فصول الحكاية السنية الشيعية، وهي حكاية، في كل فصولها، كانت مطلية بالدين والعقائد والخلافات اللاهوتية... الخ ولكنها مبطنة بالخلاف السياسي.المثير للسخرية، أننا نكرر أساليب الماضي بحذافيرها، والمثير للسخرية أكثر أن هذه الأساليب دائما تنجح وتفعل فعلها ! فهل المشكلة في انه قد قدر على العرب والمسلمين أن يخففوا في استيعاب وهضم هوية وطنية عابرة للطوائف والأعراق... أين الخلل ؟ستنتهي المشكلة مع إيران، إما بالحرب أو بالسلم ، أو يقضي الله ما لا تعلمون داخل إيران ... لكن من ينهي هذه الحرب الخالدة بين المسلمين أنفسهم، هذه الحرب التي وقودها الناس والأمن والنور....؟![c1]* كاتب سعودي[/c]
|
فكر
الطائفية .. وطيوف السياسة!
أخبار متعلقة