سعيد صالح با مكريدالطريق الثقافي القومي جعل من الثقافة ساحة نضال حقيقية، حين مارس المثقف أدق وأصعب لحظات الصراع الجوهري من خلال اكتشاف “ الذات “ ومعرفة “ العدو “ وبالتالي امتلاك القدرة على تحقيق اللحظات التاريخية المتفردة، لحظات التحول والتغيير والتقدم.. عشرون عاماً أو يزيد حاول العدو الصهيو أمريكي تغييب صوت العراق عن ساحة الحرية والحب والإباء، ولحسن الطالع فشلت كل محاولاته بدءاً بالحصار ثم الغزو والاحتلال.[c1]« هذا العراق هو العراقالله بارك خطوهوالشمس تغفو في يديهالدهر يعرف سحرهوالأرض هاربة لديههذا العراق هو العراقالأرض تبقى في يديهعذراء طاهرة البطاح » [/c]العراق والشعر وجهات لا يمكن الفصل بينهما، فهو وطن الشعراء الكبار : الجواهري، السياب، البياتي، نازك، سعدي يوسف وعشرات الشعراء لذا لا غرابة أن يكون شعراء العراق هم أول من رسخ القصيدة العربية الحديثة ونشروها في طول وعرض الساح الثقافي العربي بالتزامن مع تنامي المد القومي العربي.. لقد ارتبط الاثنان بتفجر الثورات العربية في منتصف القرن الماضي حين بدأت تلوح في الأفق مأساة الشعب الفلسطيني بأبعادها القومية والإنسانية.لقد واجه الشعر العراقي الحصار بقصائد ممتلئة كبرياء وشموخ وصمود، تصدى للغزو بأجمل الصور وأروعها.. قاتل ولم يزل يقاتل جنباً إلى جنب مع رجال وأبطال المقاومة..الشاعر حميد سعيد[c1]يقول في أحد مقاطع قصيدته “ الموت على حافة الموت “ :[/c]إنها الآن تتبعه وهو يتبعهاالجنود يحيطون بالساحة أنتفض الفجري وظلت تراقبهربما يقطعون عليه الطريق عاودته سجاياهعاد يمارس أحلامه..مشهد حقيقي من العراق الجريح يقدمه لنا الشاعر حميد سعيد.. جنود الاحتلال يحيطون بالعاصمة الحبيبة من كل مكان، يقطعون الطريق يزرعون الخوف لكنهم فشلوا في إضافة العراقي الذي لم يزل كما كان منذ سالف الزمن يقهر الرعب ويسمو فوق الجراح والعذاب متمسكاً بسجاياه يعود لممارسة أحلامه.. يا له من عراقي جسور..عدنان الصائغصوت بلبل عراقي حزين لكنه شجاع وجرئ ولا يتراجع عن قول الصدق وتحدي المحن.. ها هو هذا الشاعر المكتنز وعياً بحقيقة الحرب ضد العراق.. يقول في قصيدته بريد القنابل :من سيرتب هذا الصباح القلقالفناجين باردة كالصداقاتوالحرب تعلك أيامناكيف يربكني خجليكيف تفضح وجهي مرايا النساءكيف يكسرني زعل الأصدقاءأنتِ لو تفهمين إذنكيف تجمعني الحرب في طلقةثم تنثرني في شظايا المدنأقلبي الصفحة الآنلا وقت إن القنابل تقتسم الأصدقاءنعم أيام العراق هي حرب وقنابل وطلقات ورصاص، لكن أهل العراق ينظرون بأمل كبير إلى الغد وثقة أكبر في مستقبل يصنعه حاضر المقاومة مكللاً بالنصر وهزيمة قاصمة للعدو والغازي والمحتل..[c1]خالد الخزرجي[/c]انتشرت قصيدته “ حتى آخر الشظايا “ للغتها البسيطة وتعبيراتها الفنية المدهشة وتعاطيها مع الأحداث اليومية بصورة رائعة.. نأخذ هذا المقطع من قصيدته الجميلة تلك :على رسلكم لا تصبوا على النار زيتاًولا تخدعوا القوم بالعنتريات أو فور عاطفة لا تسدوا المنافذ في وجهناولتقروا برأي الجماهير أن لها منطقاًلا يساوم أو ينحني للعواصفيا أيها القوم فاحتشدوا قبل أن يتوغلفرسان حجاجكم في محاجركموانفضوا بيعة كتبت بالسيوف وبالدملا تخلدوا للطغاةليس بالصمت ينتصر الشعب إن لكم وطناًمنه ينبعث الأنبياء.العراق حاضر بكثافة في قصيدة الخزرجي حين يقول لتقروا برأي الجماهير بإرادة الشعب المتمثل في الرفض التام للاحتلال، رفض الخضوع لمنطق القوة والغطرسة، ويأتي ذلك واضحاً حين يقول الشاعر :[c1]لا يساوم أو ينحني للعواصف[/c]نعم إرادة المقاومة اليوم وأعمالها البطولية غير قابلة للمساومة، ولا تراجع عنها، ولذا فالعمل المطلوب هو حشد الدعم الكامل والمناسب لرجال المقاومة لأجل انتصارها ودحر العدو.. هذا الانتصار هو المطلوب لمعانقة الوطن الممتلئ حرية وكبرياء.[c1]دنيا ميخائيل[/c]لؤلؤة من لآلئ الفرات الحزين، صعدت من رفات الشهداء ودم العراق وأحلام أهله الطيبين الرافضين وجود المحتل الباحثين عن الحرية والهواء النقي.. تقول في قصيدتها “ حبة خردل “ :ما الذي تريد أن تراهلا خطى، لا رسائل، لا غيابمن أين إذن سأبدأ أغنيتي؟أستعير من الشمس خوفيومن الخوف وطناً، ومن الدمع أنتِعين على الباب، وعين عليكما أضيق الباب الذي يؤدي إليكأبحث عن ركن أدق فيه الكونمثلما أشتهيفلا طبول ولا عسس ولا ذكرياتأريد الأرض تدور والشمس تشرقوالطيور تغني..نعم متى تنزاح المرارة عن صدر العراق، ويتنفس العراقيون شمساً مشرقة وحياة آمنة، ويذهبون بعيداً في الغناء والفرح والسرور، أجل متى؟!يبحث العراقيون عن وطنهم الذي دمره بوش وأركان حربه من لصوص النفط العراقي.. حتماً سوف يستعيد هذا الشعب الأبي وطنه، لأن العراقي لا يترك حقه لأنه لا يخشى الموت لاخضرار قلبه المصنوع من سعف النخيل، هذا ما قاله الشاعر كمال نشأت : العراقي الذي ضحى الحياةوالموت في الهول أرتجفوجهه الأسمر من لون الفراتقلبه الأخضر من لون السعف
|
ثقافة
العراق يرفض الاحتلال وينحاز للشعر
أخبار متعلقة