دبي / وكالات : تبدأ اليوم الاثنين جولة مفاوضات تجارية جديدة بين وفد من دول مجلس التعاون الخليجي العربية وممثلي الاتحاد الأوروبي بهدف الوصول إلى اتفاقية تجارة حرة طال انتظارها, بعد أن تسبب عدم التوصل لاتفاق خلال السنوات الماضية في احباطات لقطاعات اقتصادية عديدة.وقالت مصادر قريبة من المفاوضات التي ستعقد في بروكسل إنها تأمل أن تكون هذه الجولة حاسمة للطرفين وأن تستكمل مناقشة كل القضايا العالقة والتي ترتبط في معظمها بتجارة الخدمات, وأن تنهي مسيرة المفاوضات التي استمرت فترة طويلة.وأضافت أن المحادثات التي ستجري مع الشريك التجاري الأول لدول الخليج, ستكون متشعبة وستتناول الموضوعات التي لم تحسم بعد, مشيرة إلى أن الحديث عن حالة من الغموض تغلف مستقبل المفاوضات غير دقيق.وتواجه المفاوضات التي انطلقت قبل نحو 19 عاماً صعوبات فيما يتعلق بالموقف من قطاع الخدمات بصفة عامة والقطاع المالي في بعض الدول الخليجية بشكل خاص, بالاضافة إلى قواعد المنشأ وبعض النقاط المتعلقة بالمشتريات الحكومية. وكان الاتحاد الأوروبي أزال عام 2006 عقبة كبيرة بالموافقة على إلغاء الرسوم الجمركية المفروضة على وارداته من الألومنيوم الخليجي والمقدرة بـ6 % وأن يبدأ تطبيق ذلك في اليوم الأول لوضع الاتفاقية موضع التنفيذ.وكانت مصادر خليجية رفيعة المستوى, أعلنت أكثر من مرة خلال العامين الماضيين عن قرب توقيع الاتفاق, أو عن أملها في انجازه قبل نهاية عام 2006, لكن الوقائع كانت تأتي دائما مخالفة للتوقعات والإعلانات الأمر الذي دفع دولا خليجية لإبرام اتفاقات تجارة حرة منفردة مع الولايات المتحدة الأمريكية لتجنب طول فترة المفاوضات إذا أجريت في إطار خليجي خصوصاً أن أمريكا كانت حريصة على المحادثات المنفردة. ويشار أن الأوروبيين كانوا يصرون قبل عام 2003 على ضرورة وجود تعرفة جمركية خليجية موحدة حتى يتم الاتفاق على إقامة منطقة للتجارة الحرة بين الطرفين الأوروبي والخليجي. وهذا ما تحقق بالفعل في يناير 2003، في حين تمسك الطرف الخليجي بضرورة إلغاء التعرفة الجمركية على صادراته من منتجات الألومنيوم والبتروكيماويات، إذ تشكل هذه المنتجات معظم الصادرات الخليجية غير النفطية.ويذكر أن مساهمة قطاع الألومنيوم تتراوح بين 6- 7% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي لكل من البحرين ودبي، وهي نسبة كبيرة لقطاع صناعي بمفرده، وأن مصانع جديدة ستبدأ الإنتاج في غضون السنتين المقبلتين، في أبوظبي وسلطنة عُمان, لكن الصادرات الخليجية إلى الأسواق الأوروبية تواجه حالياً منافسة حادة وغير عادلة من قبل الواردات الأوروبية من الألومنيوم المنتج في بلدان أوروبا الشرقية والمعفي من الرسوم الجمركية في بلدان الاتحاد الأوروبي.ومن جانبه, قال المحلل الاقتصادي البحريني حسن العالي إنه بعد تكرار جدولة مواعيد عقد اتفاقية التجارة الحرة بين الدول الخليجية والاتحاد الأوروبي عدة مرات عام 2006، دخل الجانبان عام 2007 بمواعيد جديدة ولكن أيضا غير مؤكدة، مما يعني أن هذه المفاوضات المستمرة منذ عام 1988 اقتربت من عامها العشرين دون بوادر نهائية على اختتامها.وأضاف: أنه يبدو أن أمام اتفاقية التجارة الحرة بين دول المجلس والاتحاد الأوروبي شوطا لا بد أن تقطعه، على الرغم من التكهنات السابقة التي أشارت إلى أن قيام الولايات المتحدة بتوقيع اتفاقيات ثنائية للتجارة الحرة مع عدد من دول المنطقة قد يدفع الأوروبيين بالتسريع بعقد اتفاقيتهم مع دول المجلس. وأوضح أن الأوروبيين وانطلاقا من إدراكهم بضخامة المصالح الاقتصادية المشتركة والمتشابكة بينهم وبين دول المجلس، باتوا يسعون إلى تحقيق أقصى المطالب الممكنة من خلال مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة مع الجانب الخليجي، كما أنهم يسعون إلى ترتيب هذه العلاقات بما يؤمن مصالحهم، أو على الأقل يحميها حتى في حالة قيام دول المجلس فرادى بتوقيع اتفاقيات ثنائية للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة، او التوسع الراهن لدول مجلس مجتمعة ومنفردة بالتوقيع على اتفاقيات للتجارة الحرة مع عدد من الدول العربية والآسيوية. وذكر, بحسب ما نشرته جريدة “البيان” الإماراتية أمس أنه لن يكون مجحفا القول إن خارطة العلاقات الاقتصادية الراهنة بين دول المجلس والاتحاد الأوروبي تعتبر نموذجا للاختلالات الموجودة في علاقات دول المجلس مع بقية التكتلات العالمية. وأشار إلى أن دول الاتحاد الأوروبي وافقت على طلبات دول الخليج بإلغاء الرسوم الجمركية على الألومنيوم والبتروكيماويات اعتبارا من اليوم الأول لتطبيق الاتفاقية، وفي المقابل تطالب بفتح جميع القطاعات الاقتصادية بدول المجلس، ومعاملة الشركات الأوروبية نفس معاملة الشركات الوطنية الخليجية.وقال إنه من المتوقع حل القضايا الخلافية المتبقية وهي تتعلق أساسا بقواعد المنشأ، والعروض المقدمة لتحرير تجارة الخدمات، بالإضافة إلى بعض النقاط المتعلقة بالمشتريات الحكومية والاستثمار, على المستوى الفني. وأضاف أن دول الاتحاد الأوروبي حريصة على تضمين قائمة الخدمات المحررة أسماء لقطاعات خدمية تفوق تلك التي التزمت دول الخليج الخمس الأعضاء في منظمة التجارة العالمية بتحريرها كما سبق لدول الاتحاد الأوروبي أن أصرت في مراحل سابقة من المفاوضات على تحرير كامل للخدمات، وهو ما لم تقبله دول الخليج التي أصرت على وضع قائمة “ايجابية” بالخدمات المراد تحريرها.وبخصوص المشتريات الحكومية, استنتج أن دول الاتحاد الأوروبي ترغب في معاملة تفضيلية تتجاوز الامتيازات التي تمنحها اتفاقيات منظمة التجارة العالمية لأعضائها, إذ أن المنظمة لا تلزم دولها الأعضاء بتحرير قطاع المشتريات الحكومية. وذكر أن دول مجلس التعاون الخليجي تبدي الكثير من التحفظات على هذا الموضوع نظرا لارتباطاته بحماية الصناعة الوطنية حيث يعتبر التفضيل في المشتريات الحكومية للمنتج الوطني أحد أساليب هذه الحماية.
اليوم..جولة “حاسمة” لمفاوضات التجارة الحرة الأوروبية - الخليجية
أخبار متعلقة