( 14 اكتوبر ) تنشر نص حديث الأمين العام المساعد لحزب البعث السوري أمام الوفد الصحفي اليمني :
عبدالله الأحمر يلتقي رئيس الوفد اليمني
دمشق/ علي الاسدي:في أثناء زيارتنا للجمهورية العربية السورية كان لنا شرف اللقاء بالرجل الثاني في حزب البعث العربي الاشتراكي - القيادة القومية - المناضل القومي الجسور/عبدالله الأحمر - الأمين العام المساعد - الذي تكرم بمنحنا جزءاً من وقته الثمين رغم انشغالاته اليومية الكثيرة حسب علمنا بحكم مهامه القطرية والقومية الكبيرة التي آمن بها وتقع على عاتقه.وقد رحب بنا ترحيباً كريماً في مكتبه بمقر القيادة القومية وخصنا باهتمام ورعاية جعلتنا نستشف منه القيم والروح العربية الأصيلة وبادرنا بالسؤال عن أحوال وأوضاع اليمن السعيد؟ مبدياً قلقه من الأحداث التي تشهدها اليمن والتي تنبئ بحجم التحديات وعمق المؤامرة التي تستهدف وحدة وأمن واستقرار اليمن باعتبارها تحديات لا تستهدف اليمن وحسب وإنما الأمة العربية قاطبة وسوريا على وجه التحديد باعتبارها صاحبة المشروع النهضوي الوحدوي العربي الذي ناضل ويناضل حزب البعث العربي الاشتراكي من أجل تحقيقه والذي تعد الوحدة اليمنية التي تحققت عام 1990م في زمن الضعف العربي جزءاً من هذا المشروع النهضوي على طريق الوحدة العربية الشاملة.وأكد لنا موقف سوريا الثابت “قيادة وشعباً” الداعم لوحدة اليمن وأمنه واستقراره ووقوف سوريا مع الأشقاء في اليمن من أجل تجاوز أزمته والعمل على معالجة أوضاعه الداخلية بعيداً عن أي تدخلات خارجية في الشئون الداخلية اليمنية .. مشدداً على دور الإعلام في تمتين الجبهة الداخلية ونشر ثقافة الحوار والتسامح وتعزيز الوحدة الوطنية على طريق الوحدة العربية .. إليكم نص حديثه أمام الوفد:إن الفكر العربي مرتبط بالإسلام، فالعروبة والإسلام متكاملان، والإسلام المعتدل والإسلام النير ليس تطرفاً ولا عنفاً ولا إرهاباً وإنما هو دعوة إلى سبيل الله بالحكمة الحسنة، والإسلام حكمة إلهية ودعوة إلى المحبة والتعاون والسلام .. وإذا ما تعرضنا إلى اعتداء من الخارج فإن الإسلام في هذه الحالة يدعونا إلى الرد بالمثل، فمثلاً الصهيونية كحركة عالمية عندما ظهرت في القرن التاسع عشر شرعت إلى احتلال فلسطين وجعلتها وطناً قومياً لليهود كجزء من مشروعها في الوطن العربي، وبدعم من الغرب، وتجاه ذلك العدوان هب المسلمون للدفاع عنها “فلسطين” كواجب شرعي، وبشكل رسمي كان هنالك وما زال انحيازاً وأضحاً أمريكياً، سياسياً وعسكرياً وإعلامياً واقتصادياً لإسرائيل لتنفيذ مخططاتها في الوطن العربي وبوروتوكول صهيون في فلسطين وفي غيرها من الأقطار العربية، وهنالك محاولة للعب على الحبلين من قبل دول أخرى، إلا أن هذه القوى الدولية “أمريكا” وإسرائيل لا تريد أي تضامن عربي ولا حتى لقاء عربي، بالإضافة إلى أن الصهيونية العالمية لا تزال تعمل على تنفيذ المزيد من مشاريعها على أرض الواقع بتعاون كامل من أمريكا فكانت النتيجة لهذا الإصرار التآمري العجيب على الأمة العربية، تعزيز آخر في جنوب لبنان أدى إلى هزيمة العدو في حرب 2006م وهزائم أخرى قبل هذه الحرب.وكذا إلحاق هزيمة بالعدو في غزة أثناء عدوانه عليها نهاية عام 2008م وبداية عام 2009ملكن ورغم كل هذا الإصرار من قبل المقاومة الذي أدى إلى نصرها في جنوب لبنان وفي قطاع غزة بفلسطين المحتلة، ما تزال المواقف العربية الرسمية ضعيفة، فمنذ الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية صنعت الدول الغربية أوضاع أخرى في الوطن العربي هي أوضاع التجزئة والخلافات بين الأقطار العربية، غير الأوضاع الحقيقية كتوحد الأقطار في كيان واحد، وكلما ساد تعاون أو عقد لقاء سياسي أو اقتصادي أو ثقافي أو غيره بين الأقطار العربية، نجد من يجهض هذا التعاون ويفشل ذلك اللقاء بغية إبقاء القطيعة فيما بيننا وإيجاد مساحة مناسبة للصهيونية العالمية لتنفيذ مشاريعها وتعبث بأمننا القومي المشترك وقد نفذت مشروعها في العراق بعد احتلاله عام 2003م إلا أنهم “الصهاينة” لم يتمكنوا من تنفيذ مشروعهم في لبنان بفضل تماسك أبنائه ووقوفهم مع المقاومة ودعمهم الكبير لها، وفي العراق استطاعوا تنفيذ خططهم ومشاريعهم وأشعلوا الفتن الطائفية والمذهبية بين المجتمع العراقي، وجزؤوا أرضه إلى كانتونات مذهبية وطائفية و... و.. الخ، وصار هنالك محاصصة بين العرب والأكراد وبين العرب أنفسهم، وكذا فيما بين الأكراد وبالتالي وضعوا يدهم على ثروة العراق، ولكن المقاومة جعلتهم حالياً يعيشون في مأزق العراق، ومأزق في أفغانستان من عام 2001م بعد أن فشلوا في إيجاد النتيجة التي كانوا يرجونها هنالك، صحيح أن أمريكا دولة قوية، إلا أنها إذا لم تحترم إرادة الشعوب وتسهم في إيجاد الحلول الصائبة لمشاكل بعض الدول، وكذا التوقف عن دعم إسرائيل في إرهابها المنظم واعتداءاتها وجرائمها على شعب وأرض فلسطين المحتلة، فإن ذلك لن يجدي شيئاً ولن يحقق لأمريكا ما تحلم به وستنتهي إلى ما آل إليه الإتحاد السوفيتي، إلا أن هذا لا يعني أن نترك لأمريكا وإسرائيل حرية العبث بأمننا القومي وأوضاعنا المعيشية، وإنما علينا كعرب وقبل أن يؤول وضع أمريكا إلى أي وضع كان، أن ننسق فيما بيننا وأن يكون لنا موقف واحد وأن نتوحد في سبيل خدمة قضايانا العربية والحفاظ على أمتنا وأرضنا.وأن نعلم بأن الخلافات الجانبية فيما بين الأقطار العربية تصب في مصلحة العدو، والحروب العربية تصب في مصلحة العدو، وأن نعلم - أيضاً - بأن ظهور أي خلافات طارئة فيما بيننا هي خلافات بين أسرة واحدة تربط أفرادها ببعضهم المودة والمحبة والألفة والتاريخ المشترك واللغة وغير ذلك من القواسم المشتركة في كافة المجالات والجوانب، كما أن وجهات النظر دائماً ما تكون موجودة بين أفراد الأسرة الواحدة، وإذا ظلت وجهات النظر هذه تناقش في إطار الأسرة الواحدة نستطيع تصويبها ومعالجتها، وبالتالي تصل الحوارات إلى نتيجة ونحن العرب لا يوجد لنا أي خيار غير خيار الحوار فيما بيننا فالحوار هو الطريق الأمثل لإيجاد الحلول وكل بلد أدرى بمشاكله ومصالحه، أما بالنسبة للقضايا المشتركة فيما بيننا، إذا ما نظرنا إلى أن لغتنا واحدة وتاريخنا واحد ومصيرنا واحد .. وأمننا مشترك ومستقبلنا واحد، فإن الموضوع القومي لا يعني فقط بلد أو أكثر وإنما يعني كافة الأقطار العربية وأنه يجب أن يكون هنالك عمل مشتركة فيما بين هذه الأقطار تجاه الموضوع القومي، ولكن في حقيقة الأمر إذا ما وضعنا الأسس الصحيحة لهذا العمل المشترك، فإننا نترك المجال مفتوح للغير ليتدخل في شئوننا وقضايانا.ولهذا فإنه لا ينبغي أن نترك فراغاً أو مجالاً لأي قوى أو دولة للتدخل فيما يهمنا نحن دون غيرنا وذلك من خلال البدء في إيجاد الأرضية المناسبة للحوار فيما بيننا، دون أن يظل أي منا مشدود إلى عصبية الجاهلية، لنستطيع أن نكون موقفاً واحداً يخدم أبناء أمتنا العربية ويدفع بها إلى المكانة المرموقة التي تستحقها بين الأمم، خاصة ونحن أمة لها من الإرث التاريخي والأصالة والمجد يؤهلها إلى أن تتبوأ المكانة المتقدمة، ويكون لها دور لا يستهان به عربيا وإقليميا ودولياً، وللولوج إلى هذه المكانة يجب علينا أن لا نغفل أهمية تشكيل لجان مشتركة فيما بين الأقطار العربية، في مجال التربية والتعليم والإعلام والاقتصاد والثقافة وفي غيرها من المجالات تكون مهمتها توحيد المناهج التعليمية والخطاب الإعلامي وتعزيز الروابط الثقافية والأخوية، وإيجاد التكامل الاقتصادي فيما بين هذه الأقطار وربطه ببعضه البعض وكذلك في الجانب السياسي والجانب الأمني وخذوا مثلاً ما جرى في الثمانينات والتسعينات فقبل وأثناء حرب تشرين استطاع العرب أن يتخذوا قرارات بالإجماع وبإرادتهم الحرة وخلال الحرب الإيرانية - العراقية وحرب الخليج الثانية برز الخلاف العربي، ومعه فشل العرب في إصدار قرارات جماعية أو إتخاذ موقف موحد فما كان من الحركة الصهيونية إلا أن قامت بتوسيع دائرة هذا الخلاف واستطاعت الإنفراد بالأقطار العربية قطر .. بعد الآخر كما أن الأمم المتحدة وتحديداً بعض الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن تتخذ قراراتها ومواقفها التي تخدم العدو الصهيوني ومشاريع أخرى عدائية بناءعلى ضعفنا الذي يغري هذه الدول للوقوف ضدنا وضد مصالحنا،لكوننا تفرقنا أحادى،أما إذا اجتمعنا حزمة واحدة فإن النتيجة ستكون عكسية تماماً لما جرى ويجري.ولكن للأسف الشديد ما زلنا حتى اللحظة متفرقين ويسهل كسرنا،والعدو يقرأ تاريخنا أكثر مما نقرؤه نحن العرب،وعندما يقرأ السلبيات يعظمها ويشيعها،ويهمل الإيجابيات مع أن لبقية الأمم تاريخ تطغى السلبيات فيه على الإيجابيات بعكسنا تماماً،إلا أنهم يتجاوزون تلك السلبيات.وكما قلت أننا لا نقرأ تاريخنا جيداً،ولهذا لا نستطيع تجاوز السلبيات،ولا نستفيد من الإيجابيات ومن ثم نعمل على تطويرها.وهنا أقول أنه من اللازم أن يكون تاريخنا موجود،وأنه من الواجب أن نوثقه،ونضيف للأجيال ما يفيدها،والأمر هنا يتطلب عمل وتوعية،والتوعية بدرجة رئيسية في مسئولية الأحزاب في نشر الفكر القومي والدفاع عنه وبناء المشروع القومي النهضوي،لابد من توعية المواطن العربي،وبالإضافة إلى الأحزاب هنالك المؤسسات التعليمية والثقافية والإعلامية لها القدرة في توعية المواطن العربي في هذا الجانب،وهذا جزء من واجبها تجاه المجتمع العربي.وعندما ننظر إلى وسائل الإعلام وقنوات الاتصال العالمية نجد أنها تبلغ رسالتها وتقوم بنقل السلبيات التي تريدها بيسر وسهولة إلى مجتمعنا العربي،والإنسان العربي عندما يدخل الإنترنت يشاهد أشياء سلبية كثيرة،ونحن لا نقوم بواجبنا في مواجهة هذه السلبيات،وتوجيه شبابنا إلى الفكر المستنير..الفكر السوي..وإلى توعيتهم،وغرس مفاهيم الهوية العربية في نفوسهم،وتوجيههم إلى حيث الثقافة والعلوم والإبداع،وإبعادهم عن الأشياء السلبية وهذا لا يتم إلا بتكامل الأدوار فيما بين الأسرة والمجتمع ومؤسساته الحزبية والثقافية والتعليمية وبقية أجهزة الدولة،وكلاً فيما يخصه،وكنتيجة للغزو الفكري السلبي أنشغل بعض العرب بأمور لا تهمهم وبأشياء أخرى تلحق الضرر بمصالحهم ومستقبلهم،ونسوا ما يتعرض له إخوانهم في قطاع غزة من جرائم وحصار وجوع وتشريد ومرض،وما تعرضوا له من مجازر جماعية..وحشية وما لحق بالقطاع من دمار شامل خلال العدوان على غزة نهاية عام 2008م وبداية عام 2009م وقبل العدوان،والبعض منا والعالم مستهتر،لأن العرب ليست لهم كلمة واحدة،وما زاد الطين بلة الخوف الفلسطيني- الفلسطيني الذي جعلنا نترك الأهم،ونتجه للخوض في إجراء مفاوضات وعقد اجتماعات فيما بين الإخوة الفلسطينيين ليتوحدوا؟!.ويمكن أن الوضع العربي عكس نفسه في فلسطين المحتلة فبرز هذا الخلاف،لأن العملية متكاملة،وطبعاً هنالك سبب سياسي وآخر تنظيمي،بالإضافة إلى دور إسرائيل في ظهور هذا الخلاف،لتستفيد من ورائه،إلا أن السبب السياسي يمكن حله من خلال اجتماع ثنائي بين طرفي الخلاف،أما عقد المفاوضات هنا وهناك،فإن ذلك لن يأتي بحل،،وخير مثال على ذلك تلك المفاوضات التي أدت إلى اتفاقية أسلو وتواصلت إلى يومنا بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم تؤد سوى إلى مزيد من الإستحواذ على أراضي الفلسطينيين والتوسع في بناء المزيد من المستوطنات الإسرائيلية،وبمعنى أخر مكنت هذه المفاوضات إسرائيل من كل شيء في فلسطين المحتلة،ولسنا هنا ضد التفاوض الذي تقف وراءه قوة تدعمه،وإنما ضد ذلك التفاوض الذي يملي فيه المعتدي شروطه كافة على المعتدي عليه لينفذها..والسلام يحتاج إلى قوة تسانده وتدعمه،فمثلاً وجود المقاومة في لبنان وفي غزة يعني أن هذه قوة تحتاجها المفاوضات وتحقيق السلام العادل والدائم،أما المفاوضات التي لا تسند إلى أي قوة فإن القوي يملي على الضعيف فيها ما يريد ولا يتحقق من خلالها أي سلام،إذاً عندما تكون لدينا مقاومة فهي ضد الاحتلال وليست مقاومة ضد بعضنا البعض وهذا ما يجب علينا جميعاً أن نعيه،والمقاومة دوماً ضد من يعتدي على أبنائنا ويحتل أرضنا،هذه هي المقاومة التي نريد..وهذه هي المقاومة التي تشرفنا..وهذه هي المقاومة في لبنان وفي فلسطين وفي العراق،التي تحتاج إلى الدعم العسكري والبشري والمادي والإعلامي..لأن المعركة هي معركة شعوب مع عدو محتل وليست معركة قوات مسلحة فقط مع هذا العدو،وإنما القوات المسلحة هي جزء أساسي إلى جانب الشعوب والإعلام لخوض المعركة ضد هذا العدو المحتل،بل أن الإرادة هي الأساس في هذه المعركة،لأن غياب الإرادة يؤدي إلى غياب المقاومة والاستسلام والخضوع للعدو،والحمد لله أن لدينا الإيمان والإرادة التي تذلل الصعاب وتقود إلى النصر المبين.وشعوبنا عندما يكون لديها قيادات قومية واعية فإن لا شيء سيكون مستحيل أمامها،وفي الستينات والسبعينات كانت هنالك إرادة جماهيرية أدت إلى رضوخ، القيادات العربية لتلك الإرادة الجماهيرية،والآن لم يعد أمامنا سوى الشعوب نعود لنوعيها من جديد لتقوم بدورها.