قبل 34 عاماً من يومنا هذا السادس عشر من أغسطس 2010م نزل المصاب الجلل نزول الصاعقة حين سماع النبأ الحزين المفجع حقاً بتوقف القلب الكبيرالنابض بالحب للوطن أرضاً وإنساناً، وتوقف القلم الذي لايعرف الاسفاف، القلم القوي اللاذع المتقد شراراً في وجه كل المخططات الاستعمارية، واختفت الكلمات المعبرة عن قضايا الناس ومعاناتهم، البعيدة عن الأهواء والأحقاد الشخصية.. رحل من أحب من أعماق القلب وطنه وشعبه وامتلك بل تميز برؤية وطنية واضحة صادقة، الوطن فيها فوق كل اعتبار شخصي، المفقودة اليوم من عالم السياسة وقواميس الدنيا إلا ما رحم ربي.ومن وحي هذه الذكرى الأليمة التي عاهدت نفسي وروح أستاذي ورفيقي منذ تلك الليلة الموحشةـ وأي وحشة افظع من وحشة زمن الخذلان ـ ان اكتب واكتب ما حييت ما تجود به الذاكرة عن صاحب الريادة في العمل الصحفي إبداعاً وفي السياسة فناً ومواقف جادة.. اكتب لمن حمل لواء الوحدة الحقيقية مبكراً، وحدة الأرض والإنسان، وحدة في الوجدان لحالم بيمن سعيد.. يمن حر (يمن ديمقراطي موحد) وجسد الحلم قوالب عملية عانى من اجلها الكثير وكانت الوحدة الهاجس الذي ارقه كثيراً، شعار “الميثاق الوطني” للاتحاد الشعبي الديمقراطي أول شعار يرفع يربط التحرر بالوحدة ليس على مستوى الجنوب المحتل آنذاك ـ الذي كان التآمر على وحدته بالتجزئة بفصل “عدن” عن المحميات ـ بل وحدة تراب اليمن كل اليمن شمالاً وجنوباً وكانت الوحدة وهموم البسطاء هي القاسم المشترك في كل كتاباته وأعماله وسبب معاناته وسجنه ونفيه ومحاكمته.. ويعد فقيدنا أول من تعرض للمحاكمة بسبب كتاباته الصحفية ليس في اليمن فحسب ولكن في المنطقة بأكملها..ووفاءً للعهد وما قدمه الفقيد لوطنه ولنا نحن الرفاق، خصوصاً أن بصماته مازالت في كل أعمالنا ونشاطاتنا المتواضعة، سأظل اكتب ما حييت في ذكرى الرحيل، وعندما تحين الفرصة، ما تجود به الذاكرة وتحمله النفس التواقة إلى عطاء رفيق الأمس عبد الله عبد الرزاق باذيب رحمة الله عليه الذي غادرنا في أحلك الظروف وأمس الحاجة التي تتعاظم اليوم بل هي أعظم من ذي قبل لمن هو مثل عبد الله باذيب وله مثل تاريخه النضالي الحافل بالعطاء الإنساني والتلاحم والتراحم في ظل المناخ المحموم والمفعم بالقلق على البلاد والعباد.أكتب للذكرى- عسى أن يذكر من نسي او تناسى ذاك العملاق من الرفاق فالذكرى تنفع المؤمنين ولكي تعرف الأجيال الشابة صاحبة الحق في مستقبل مشرق، في يمن سعيد موحد كما أراد فقيدنا- ما نستطيع مما لدينا وهو أقل القليل من كنوز الفقيد الوطني الحق.. وفي ذكرى الرحيل أتقدم ـ رغم مرور السنين، لتعاظم الحاجة وازدياد الحنين ـ بالعزاء مراراً وتكراراً للأهل والرفاق وهو موصول لكل الرجال ولكل النساء والأطفال في بلادنا، لكل الشوارع والمكاتب والمدن والقرى، للشاطئ والبحر ونسماته المخنوقة، للجبال التي اخترقت وللفقراء الذين أغرقهم طوفان الفساد في غياهب الفقر والافتقار وكوتهم أسعار التجار النار النار ولمن كانوا يعانون من الافتقار والوضوح في الرؤية ومن كانوا على هامش الحياة قبل ان يمسك الرفيق عبد الله باذيب بقلمه ويدافع به عن قضيتهم العادلة حتى اضاءت الدروب وتكاثر سيل المناضلين ودخل تحت لواء فكره المواطنون افواجاً افواجاً، افراداً وجماعات، نساء ورجالاً، شيبة وشباباً، جنوباً وشمالاً.وبدأ ماهو اسوأ من افتقار المعرفة والوعي في الانحسار في بلادنا واختفى شيئاً فشيئاً وتنفست الصحف الصعداء بنقاء الفكر ومصداقيته ووضوح الرؤية ودب فيها الروح بعد الجمود بتبني قضايا وهموم الناس وفضح المخططات الاستعمارية بالكفاح بحزم بسلاح القلم والكلمة ودعم الكفاح المسلح ضد المستعمر وعملائه في الجنوب اليمني المحتل (عدن والمحميات) من أجل التحرر الوطني التام والوحدة الكبرى في الوطن السعيد اليمن ومقارعة المستعمر وعملائه وفضح مخططاتهم ومشاريعهم الاستعمارية الهادفة إلى تثبيت التجزئة وإطالة أمد الاستعمار في المنطقة مثل مشروع الحكم الذاتي المزعوم “لعدن” وما يسمى باتحاد إمارات الجنوب العربية المتجددة الدعوات لها اليوم نتيجة للممارسات الانفصالية الحقيقية (النهب والفساد وادعاء الوحدة والمظالم وإفقار الناس) وان لم تكن مبرراً لدعوات الانفصال فإنها حتماً من مسبباته الأساسية التي يجب الاصطفاف معاً للقضاء عليها وترسيخ حلم الحالمين الأوائل وكل البسطاء، ماضي وحاضر ومستقبل حلمنا جميعاً في كل بقعة من هذه الأرض الطيبة اليمن السعيد بسعادة وتآخي أبنائه تحت مظلة العدل والأمن والأمان.
في ذكرى رحيل الحالم بيمن حر ديمقراطي موحد
أخبار متعلقة