كل الأشياء في حياتنا المادية بحاجة ماسة إلى صيانة إذا ما أردنا لها أن تدوم لفترة محددة من عمرها الافتراضي. فالشيء قد يتلف بفعل كثرة الاستعمال. وقد يتلف بفعل الهجر والإهمال.فالبيت الذي تقيم فيه فترة من الزمن قد تجد أركانه تتصدع وجدرانه تتشقق، وسقفه الداخلي ينخر في أعمدته الخشبية النمل الأبيض (الأرضة)، فإن لم تراقبه بين الفينة والأخرى. وتصلح عطبه، خسرته وعدمته. والسيارة التي تشتريها جديدة من وكالة الشركة، فإذا ما بدأت باستخدامها ألفيت قطعها تتلف واحدة تلو الأخرى، فإن لم تتعهدها بالرعاية والصيانة خسرتها في فترة وجيزة.والأرض إن لم تحرسها وتحافظ عليها فقد تعرضها للبسط والاستيلاء عليها من أي شخص كان.. وحتى الوطن إن لم تسهر على حمايته وتدافع عن حماه فسيتعرض للنهب والسرقة والاستيلاء من قبل الغريب، ويضيع منك وتضيع معه هويتك. وأشياء كثيرة ومتنوعة في حياتنا المادية لا حصر لها تحتاج دائماً للصيانة الدورية المنتظمة حتى لانفقدها بالإهمال والتقاعس.والإنسان مثله مثل الأشياء المادية، بل أشد خطورة وأكثر أهمية، فإن لم يتعهد نفسه بالرعاية والتهذيب بالتربية تارة والتعليم تارة أخرى خسر نفسه، وفقد إنسانيته، وأهان كرامته، وانحرف عن النهج المستقيم، فكرامة المرء مرآة سلوكه.ولعل الأهم من ذلك كله صيانة العلاقات الإنسانية التي يقيمها الإنسان مع غيره من الناس، فإن لم نصنها خسرناها وخسرنا معها أنفسنا. وإن كانت صيانة العلاقات تعود علينا بالنفع الكثير، فإن صيانة العلاقات الإنسانية تعود علينا بنفع أكثر، نفع معنوي يتجلى في شعورنا بالسعادة وراحة البال.خلاصة القول، إن صيانة العلاقات الإنسانية تعني أن نغذيها بالمحبة ونرفدها بالإخلاص، ونتوجها بالوفاء.. يعني أن نصلح الخلل حال وقوعه، ونحل المشكلات بروح سمحة، وأكثر من ذلك، أن نحمي أنفسنا من التدهور والفرقة والغربة، خاصة في هذا الزمن الصعب الذي يعز فيه وجود الصديق المخلص والوفي.
كل شيء بحاجة إلى صيانة.. حتى الإنسان
أخبار متعلقة