د. زينب حزام في مساهمة نقدية نقدم موجز العمل الفني للفنان التشكيلي نبيل محمد النمر ، الذي قدم العديد من الأعمال الفنية عن الموروث اليمني ، وقد نال هذا الفنان العديد من الجوائز منها المركز الثالث في الفنون التشكيلية 2001م- 2003م من جامعة عدن كما حصل على المركز الأول في مسابقة الأسبوع الثقافي الثاني جامعة عدن 2002م - 2003م . قدم الفنان اليمني نبيل محمد النمر العديد من اللوحات الفنية التي نالت إعجاب جمهور الفن اليمني وقد تجاوزت عشرات اللوحات الفنية بين الرسم والنحت والسدو وهو نوع من الفن البدوي في نسج الصوف، وهو مما تشتهر به المحافظات اليمنية ويستخدم السدو في نواح وظيفية وجمالية في آن واحد ، فهو البساط الذي يمد ، وهو الوسادة التي يتكأ عليها وهو ما يغطي الجدران والأرائك ، وهو ما يستخدم كأغطية على الإبل وهو الرداء الذي لا يقي من البرد سواه .وقد ربط الفنان التشكيلي نبيل محمد النمر الثقافة المحلية وعلم الاجتماع ، وقدم تفسيراً للدلالات المتعددة وراء ارتباط تجريده ارتباطاً حثيثاً مع عنصرين لا يلتقيان عادة في الفن التشكيلي اليمني ، وهما الفنون البدوية ونزعة الحداثة. وقد ألهم هذا الفن البدوي فناننا اليمني نبيل محمد النمر منذ مطلع 2002م بخطاب حضري وبدأت محاولاته في زرع التيار التجريدي في الفن والحساسية المعاصرة التي تستنطقها في تربة جمالية وقوالب فنية تنبع من الموروث المحلي، ما جعله يبتدع قراءات جديدة أو لنقل يعيد قراءة هذا الفن . وهي القراءات التي لا تزال تتوالى واحدة تلو الأخرى ، لفن شعبي مرتبط بكل ما هو جمالي يرفع تذوق المشاهد لهذا الفن الرائع ، حتى أصبح السدو النافذة التي يظهر نبيل محمد النمر من خلالها امتنانه بالحركة الحرة والفضاء المفتوح والانطلاق الذي لا يعرف الكبح أو الأحجام وفي سبيل ذلك نقدم هذا الفنان المبدع بإلقاء الضوء الكاشف على الرؤية الجمالية الرحيبة وتحليل الخطاب البصري سياقياً لأكثر من عشرين عملاً فنياً مختاراً من الأعمال التي تشكل عملاً فنياً مميزاً يحتوي على الصور المبدعة لدى هذا الفنان التشكيلي اليمني وهو من مواليد تعز عام 1973م حاصل على دبلوم فنون تشكيلية - معهد جميل غانم للفنون الجميلة عدن. منذ 1999م وهو موظف في هيئة الاستكشافات النفطية. [c1]تجربة الفنان نبيل مع الموروث اليمني [/c]يقول الفنان نبيل في احد لقاءاته الصحفية : بعد بحثي الدؤوب في جوانب الفن وتطلعي العميق في معطياته ، أنجزت اعمالاً كثيرة ومتنوعة دارت جميعها حول خط ولون ولقد أسميتها المنحنيات ومنها اتجهت إلى الموروث الشعبي مستوحياً من نقوش المثلثات ، ثم ربطت المثلثات بالمنحنيات حيث أن خطوط المنحنيات إذا تقاطعت مع بعضها بعضاً شكلت مثلثات ومربعات وبما أن الموروث الشعبي ، يعتمد كلياً على شكل مثلثات متساوية الأضلاع في تشكيلاته الفنية فقد قمت بمزاوجة تجربتي السابقة المنحنيات بعضها ببعض من نقوش فن السدو ووضعتها في قالب فني جديد. لقد حقق الفنان التشكيلي نبيل محمد النمر نجاحات كبيرة وحظى بالتشجيع المعنوي من قبل أفراد وهيئات مختلفة وأضحى ـ سريعاً - واحداً من الأسماء اللامعة في الساحة الفنية اليمنية ومعظم أعماله غير تقليدية نابعة من فكر مبتكر وبساطة في التصميم بقدرة بصرية تحمل متابعته للأحداث والمشاهدة اليومية الملاصقة. لمشاعر أهل بلده ومجتمعه اليمني بشكل عام.وعندما نتلمس خط سير رحلته مع الفن ندرك مدى بحثه وتعمقه في العموم والمطلق وتجنبه أن يحصر نفسه في الضيق السهل التناول ، فقد كانت لديه قناعات بتجاوز المحصور المحلي وتطوير ذاته الفنية بان يكون مفهوماً بابتداع أشكال جديدة أوسع تصل إلى أي إنسان في العالم. أما في ما يخص التفكير المرئي للنبيل محمد النمر من خلال ما يخص أعماله الفنية والفكر المسبق للعملية الإبداعية الذي يوفره وجود المثير المحرك لمشاعره ، فنجد بحكم توزيع أشكاله وتخليصها والاقتصار على أبجديات اللغة التشكيلية في محاولة جادة للارتفاع بكم التحصيل الجمالي للرؤية الفنية فهو لا يتقيد بالظل والنور أو التجسيد بل يستطح أشكاله ويربط عمله ككل بجزيئاته، فتصبح اللوحة نسيجاً متحداً من الحلول الفنية فتظهر علاقة الأجزاء التي تم تلوينها ببعضها البعض وبالأجزاء الأخرى ويظهر التوازن واضحاً، كما يظهر العلامة النسبية على الألوان وتوافق الألوان المختارة وحساب كمياتها الحسية والتعبيرية.ومن خلال متابعتنا لمجمل الأعمال الفنية للفنان التشكيلي نبيل محمد النمر، نلحظ انحيازه إلى التيار التجريدي دون مختلف الاتجاهات الفنية التي غلبت على الحركة التشكيلية اليمنية عموماً. ومما هو معروف أن التجريد تيار فني عالمي، ويعتبر مرحلة متقدمة في تاريخ الفن ومسار التطور الفني في العصور الحديثة، وهو يلي التكعيبي، الحركة الأكثر حسماً وجذرية وعاصرت التجريد في مراحله الأولى مع بداية القرن العشرين وتكرس بعد الحرب العالمية الثانية بلغ قمة ازدهاره في أوربا مع السنوات الأولى من خمسينات القرن الماضي.ويقول الفنان التشكيلي نبيل محمد النمر: “ التراث لغتنا الأولى وأبجديتنا الخالدة التي نعتز بها والاهتمام بالتراث هو التعطش لمعرفة الماضي مهما كانت إمكاناته، إنني أحاول الاطلاع دائماً على التراث والاهتمام به”.وإن كان للون في التصوير الحديث دور فاعل، فإنه في التجريد له أهمية قصوى ومباشرة للفنان الحديث أكثر من الفنان التقليدي، فاستعمال اللون يكون استعمالاً جمالياً وفنياً بحتاً، نجده بشكل واضح في أعمال مون دريان وكاندنيسكي وبوكلي وماتيس وغيرهم.وعندما نشاهد الأعمال الفنية للفنان التشكيلي نبيل محمد النمر نجد مجموعة من الخطوط المتعانقة والمتقاطعة والمتوازية المرسومة داخل هذا الفراغ. لكل خط من الخطوط دلالاته وإيحاءاته وقيمته الجمالية والتعبيرية. فالخط المنكسر يوحي بالحدّة والصرامة والقسوة والشدة. بينما يوحي الخط المنحني بالليونة والطراوة والوداعة والمرونة والخط المستقيم يوحي بالرسوخ والثبات والاستقرار والاستقامة. بينما يوحي الخط الحلزوني بالحركة والانعتاق والاتساع والتسامي والحرية. وكلما أدرك المتذوق للأعمال الفنية للفنان التشكيلي اليمني نبيل محمد النمر هذه الدلالات والإيحاءات والقيم الجمالية والتعبيرية لتلك الخطوط كان أكثر قرباً من اللوحة وأكثر قدرة على الدخول إلى عوالمها.[c1]تجربة غنية[/c]إن تجربة الفنان التشكيلي نبيل محمد النمر غنية بمختلف مراحلها، وبشتى الموضوعات التي طرقتها. وهي تجربة لها دلالة الفنان الذي خاض غمار كل التيارات الفنية، وقدم أعمالاً فنية من التراث الشعبي اليمني- التقاليد الفنية- الحداثة روح العصر، كما أهتم بمسائل الشكل: الضوء واللون والتأليف والبناء وقد اتسم بفعل منفتح، وعين نفاذة إلى جوهر الأشياء .وكان يجدد مع كل عقد من الزمن، دائم الابتكار متوهج الرؤية، فمن الضروري أن يصار إلى تشجيع أعماله الفنية، وتقديم الدعم له من خلال تقديمه المزيد من المعارض الفنية المحلية والدولية. فهو قدم فناً أصيلاً صادقاً، يستجيب له الجمهور ويسعى إلى اقتنائه ولا يسمح لنزوة فنية أن تقف حائلاً بينه وبين الجماهير الواسعة.
|
ثقافة
الفنان التشكيلي نبيل النمر يبحث عن نبض الجماهير في وعاء اللاشعور الجماعي
أخبار متعلقة