أضواء
يقول البعض، هل من المناسب أن تعقد قمة اقتصادية عربية في الكويت وجرح غزة مازال داميا ؟ نعم . بل حتى لو لم تكن قمة الكويت الاقتصادية مقررة من قبل أحداث غزة، فإن « هزيمة « غزة والهوان الذي أصابنا جميعا وليس أهلنا وإخواننا هناك ، ومعهم حماس وفتح وما تبقى من سلطتهم الوطنية فقط، هو سبب كاف أن يجتمع القادة العرب لبحث أسباب الضعف والسعي نحو القوة . لو كان للعرب قوة لاستطاعوا أن يضغطوا على إسرائيل وحلفائها والشياطين الخرس الساكتة على جبروتها وقوتها التي أسكرتها، لو كان للعرب قوة لأخذوا على يد أخيهم الصغير الذي ما ينفك من فتنة حتى يستدرج نحو أخرى . الضعف العربي ليس فقط في مواجهة إسرائيل وعتوها واستعلائها، بل بدا عندما عجز العرب عن إلزام الفلسطينيين بالحفاظ على وحدتهم . كل ما سبق هو أسباب لعقد قمة اقتصادية في الكويت، فالقوة لم تعد فقط في السلاح، وإنما في الاقتصاد ومستوى دخل الأفراد، وتحسن التعليم والصحة، هذا الذي يضعنا على خريطة العالم، ويعزز قوتنا التفاوضية واليات الضغط التي تمارسها الدول القوية في لعبة الدبلوماسية العالمية، وهو الذي يجلب أيضا السلاح وتقنيات الحرب الحديثة التي نراها بألم في يد العدو . مر الطريق إلى فلسطين من عمان وجونية والقاهرة وبغداد والكويت، ولكنه لم يصلنا إلى فلسطين، الطريق إلى فلسطين هو عبر قوة الاقتصاد وكرامة الإنسان العربي، وبالتالي فكر حكماء العرب في قمة اقتصادية . بدأت الفكرة في الرياض قبل عامين، وتحديدا في القمة العربية التي عقدت هناك ورعاها الملك عبد الله الذي قاد العرب يومها نحو تفاؤل أن ثمة مستقبلا أفضل مما عاشوه لعقود، فعزموا أمرهم على التحول من السياسة إلى الاقتصاد، والنظر في مصلحة شعوبهم المعيشية، وأن المواطن قبل الحزب والزعيم . ولكن بدا واضحا من البداية أن فاقد الشيء لن يعطيه، فلم يعقد العزم على إجماع عربي، استعد حكماء العرب على أن ثمة من سيتخلف عن الركب ممن مازال يقدم مصلحة الزعيم والحزب على الكتاب المدرسي والوظيفة الجيدة، فأدخل في منطق العمل العربي المشترك مبدأ جديدا ومهما، يكاد يكون ثورة على المنطق الواهم « الوحدة والإجماع « هو منطق «العمل مع من حضر ومن استعد»عرف الحكماء أن ثمة قوتين في العالم العربي، واحدة تجرنا إلى الضعف بشعار « وحدة الكلمة « والثانية تدفعنا نحو القوة ، والتاريخ يصنعه دوما الأقوياء، فعقد الحكماء العزم على الاستمرار وترك التاريخ يمضي في سنته، فيدفع القوي الضعيف، ويترك المتخلف المتولي لنعود إليه يوما فنحمله بقوتنا وقوة التاريخ إلى المستقبل . هذا الخيار المطروح اليوم في قمة الكويت، ومن مفارقات التاريخ وعجائب صنعه أن وفر للعرب نموذجين خلال يومين فقط ليختاروا بينهما، قمة شعارات في قمة الدوحة تصر على البقاء في الماضي، الانتصار بالكلمة، وقمة الكويت التي تقول بالانتصار بالقوة . سيختار البعض النموذج الأول، هذا قدرهم، ولكني مطمئن أن قدر بلادي هو المستقبل، وسيكون هو قرار غالب العرب، ومن تخلف عنه فسيلحق به بعضهم راضيا مختارا وبعضهم بقوة التاريخ والبعض الآخر بقوة إخوانهم . [c1]*عن/ صحيفة (الوطن) السعودية [/c]