استراحة 14 اكتوبر
شكلت مدينة هراة الجميلة بحكم موقعها على طريق الحرير طيلة قرون الاف محط جذب للتجار والمسافرين لكنها تخوض اليوم معركة غير متكافئة للحفاظ على تراثها في حياكة الشرنقة التي كانت رمزاً لعظمتها واشراقتها في الماضي.ولا تزال المدينة الواقعة في شمال افغانستان (على بعد 120 كلم الى شرق ايران) والتي حكمها التيموريون السلالة المتحدرة من تيمورلنك، تفخر بمهارة حرفييها في تربية دودة القز ومعالجة الشرنقة وحياكة قماش الحرير الفاخر.لكنها سحقت امام منافسة الصين التي تمثل وحدها 70 % من السوق العالمية، وكذلك باكستان وايران المجاورتين.ومن المؤسسات البالغ عددها 156 في الولاية قلة منها تتكرس لانتاج خيط الحرير الذي لم يعد يعيل سوى مئة عائلة.واكد سكرتير اتحاد الصناعات في الولاية مير محمد مشوف "بات يفضل الاستثمار في المنتجات التي يسهل تصديرها مثل البسكويت الذي يباع في الجمهوريات السوفياتية السابقة المجاورة".واوضح حاجي عبد القدير اكباري الذي ورث عمله في تربية دود القز عن عائلته والمسؤول عن الاتحاد الاقليمي للنقابات، «تتطلب تربية 40 كلغ من الشرانق ما بين 45 و50 يوماً للعائلة المتوسطة المؤلفة من خمسة اشخاص».واضاف:«يسلمون اوراقاً من شجر التوت الابيض لتغذية الدود في علب تضم الشرانق المقبلة مستوردة من الصين» مصدر الشرنقة.وفي المرحلة التالية ينبغي الحرص على عدم قطع الخيطان الناعمة والرقيقة جداً التي يتراوح طولها بين 300 و1500 والمحيطة بالشرنقة.ولفت الى انه ك«في العام 2002 كان هناك اكثر من ثلاثمئة مشغل يعمل فيها 800 شخص في الولاية. اما اليوم فلم يبق فيها سوى مئة».وفي مدينة هراة بالذات (تستمر اربعة او خمسة مصانع في العمل بصعوبة ومعالجة الشرنقة ما زال يتم باليد) لان الاموال غير متوافرة لاجراء التحديث.ويملك غلام حيدر عظيمي احدها في هراة في مبنى قديم متواضع حيث يعمل عماله العشرة ثماني ساعات في اليوم على مدى ستة ايام في الاسبوع، لانتاج اربعين كلغ من الخيوط الخام شهريا لـ (يباع الكيلو باربعين دولارا) في افغانستان كما قال. وهو سعر مرتفع ليأمل في تصديره الى سوق عالمية حيث يتداول بسعر اقل بمرتين.ولفت الى انه «يوجد هنا في السوق خيط حرير صيني وفي اغلب الاحيان باكستاني مقلد (بولييستر) ارخص ثمناً».ويؤكد محمد امين الذي يدير متجرا للحياكة والبيع بالقرب من المسجد الكبير:«اليوم يبلغ سعر خيط الحرير الصناعي من باكستان 20 دولارا للاربعة كيلوات والملون. هنا يبلغ ثمن الاربعة كلغ من الخيوط 160 دولارا ويجب ايضا تلوينها».ويسهل استخدام الخيط الباكستاني كما يؤكد هذا المقاتل السابق الذي فقد ساقه في محاربته طالبان في التسعينات.وقال :«يحاك ثلاثة شالات بهذا الخيط في اليوم مقابل شال واحد بخيط الحرير الاصلي هنا». وتبقى شالات الحرير رائجة في المنطقة.فالرجال يستخدمونها تقليديا في عمامتهم وهي تعتبر كدليل ثراء.واقر جمشيدي غلام محمد الخبير في هذا المجال «انه عمل مضن مع ارباح قليلة».ولكن يبقى سوق سجاد الحرير مع ان سوق ايران هو الاكثر رواجاً كما قال، مضيفاً :«قبل ثلاثين عام كانت سجادة الحرير الافغانية تباع بسعر جيد وكان 75 % من الانتاج يصدر مقابل 2 % بالكاد اليوم».