علي ماردان (افغانستان)/14 أكتوبر/عبد الصبور: بينما كانت قرية علي ماردان الأفغانية تحتفل بعرس زفاف شنت طائرات حربية غربية هجوما مفاجئا عليها. وانهالت القذائف على الساحة المكتظة بالقرية فقتلت 30 من الرجال والنساء والأطفال. وبعد انقشاع الدخان ودفن الموتى حمل كل الرجال الأصحاء الذين ظلوا على قيد الحياة السلاح ضد الغزاة. حدث ذلك في عام 1982 وكانت الطائرات المغيرة هي طائرات الاتحاد السوفيتي السابق. ولكن بعد مرور 20 عاما على رحيل أخر جندي سوفيتي عن أفغانستان تكرر القوات الأمريكية وقوات حلف الأطلسي نفس الأخطاء وربما تواجه نفس خطر الطرد من البلاد. وأسفرت سلسلة غارات جوية غير متقنة للقوات الأمريكية وقوات حلف الأطلسي عن مقتل 455 مدنيا أفغانيا العام الماضي وفقا لتقديرات الأمم المتحدة. ويبدو أن الخطر يحيط على نحو خاص بحفلات العرس وهذا ربما بسبب تجمع حشود من الناس الذين يطلق بعضهم النار في الهواء احتفالا بالعرس. وخلال العام الماضي فقط قصفت طائرات أمريكية حفلي زفاف في أفغانستان. والذكريات كثيرة في أفغانستان والانتقام أصبح واجبا. وفي منازل قرية علي ماردان المبنية بالطوب اللبن والقريبة من العاصمة الأفغانية كابول ما زال سكان القرية يزورون مقابر الضحايا الذين قتلوا في القصف السوفيتي ويحتفظون بصور القتلى ليذكروا الإحياء بقسوة الحرب. وقال عبد البشير «كنت في التاسعة من العمر. كان ذلك في الصباح الباكر عندما هاجمتنا الطائرات خلال عرس شقيقتي .» وقال «بإمكانكم أن تروا إنني فقدت إحدى عيني وأسناني. أصيب شقيقي واستشهدت شقيقتي ووالدي وعمتي.» وأضاف «لا يمكن أن انسي ذلك قط.» وكان الزعماء السوفيت أحجموا في بادئ الأمر عن الاستجابة لطلبات متكررة من الحكومة الشيوعية في كابول بإرسال قوات للمساعدة في إخماد مقاومة لمقاتلين قرويين خشية السقوط في مستنقع في أفغانستان مثلما حدث للقوات البريطانية في القرن التاسع عشر. ولكن في 25 ديسمبر عام 1979 عبرت المئات من الدبابات السوفيتية الحدود إلى شمال أفغانستان ووصل عدد كبير من القوات المحمولة جوا إلى مطار كابول. الرغم من نشر ما يصل إلى 120 ألف جندي يدعمهم 300 ألف جندي من القوات الحكومية الأفغانية إلا أن السوفيت فشلوا في قمع تمرد مقاتلي المجاهدين الأفغان الذين كانت تدعمهم الولايات المتحدة بالمال والسلاح وكانت لهم قواعد داخل باكستان المجاورة. وقتل نحو 15 ألف جندي سوفيتي قبل أن تقرر موسكو بان الفوز في هذه الحرب غير ممكن وتسحب قواتها في عام 1989. وبحلول ذلك الوقت كان مليون أفغاني فقدوا أرواحهم وأصبح خمسة ملايين آخرون لاجئين في باكستان وإيران المجاورتين. وتغير الوضع الآن وتبحث الولايات المتحدة ما إذا كانت سترسل 25 ألف جندي أخر للانضمام إلى حوالي 70 ألف جندي من القوات الغربية التي تواجه صعوبات شديدة في التصدي للمسلحين الذين تقودهم طالبان في جنوب وشرق أفغانستان. وقال الرئيس الأفغاني السابق برهان الدين رباني القائد السابق للمجاهدين «أقول لكم بكل ثقة انه إذا وضع حلف الأطلسي وأمريكا كل اهتمامهم على القتال واستثمروا جهودهم في الوسائل العسكرية فقط فأنهم لن ينتصروا.» وتخطط الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة باراك اوباما لزيادة كبيرة في الإنفاق على مساعدات التنمية لأفغانستان بعد أكثر من سبعة أعوام من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لواحدة من أفقر الدول في العالم. لكن السوفيت حاولوا أيضا إحداث حالة من التقدم في دولة أفغانستان المحافظة والتي تتمسك بالتقاليد وكان سجلهم في نواحي عديدة أفضل من سجل الغرب حتى الآن. فمعظم الطرق والوزارات والمدارس الكبيرة والمستشفيات في أفغانستان بناها السوفيت. وحتى الآن فان الكثير من المجموعات المميزة بأجهزة الخدمات الحكومية والجيش والشرطة تلقت تدريبها على أيدي السوفيت. كما أن صفوف العمارات السكنية المحيطة بكابول بنيت كلها على يد السوفيت. ورغم أن الكثير منها أصبح في حالة يرثى لها وعليه أثار الأعيرة النارية جراء الحرب الأهلية إلا أنها ما زالت ذات قيمة كبيرة لعدم بناء أي مباني عامة منذ ذلك الحين. وقال عبد الغني راحبور الذي يعيش في واحدة من هذه البنايات «هذه المباني السكنية هي انجاز عظيم للروس.» وأضاف «الآن هناك 40 دولة ترابط في هذا البلد لكنها لم تحقق أي انجاز يفيد الشعب.» بيد أن أي مكاسب حققها السوفيت من خلال التنمية وبناء قدرات الحكومة الأفغانية بددها الاستياء والغضب من غاراتهم الجوية المدمرة. وهذا درس يجب على القوات الأمريكية وقوات حلف الأطلسي تعلمه من تجربة عدوهم السابق في الحرب الباردة. وقال محلل غربي مقيم في كابول «لا اعتقد أن حلف الأطلسي يدرك تماما خطورة هذه المسألة.» وأضاف «بالتأكيد فعلوا ما في وسعهم لمحاولة تجنب سقوط قتلى في صفوف المدنيين خلال الغارات الجوية ولكنني لا اعتقد أنهم أدركوا مدى أهمية توصيل أراء الشعب.» وأضاف رباني «وقعت بالفعل بعض الأخطاء خلال العمليات العسكرية ولا تزال الأخطاء تتكرر. هذه نفس الأخطاء التي ارتكبها السوفيت.»
الغرب يخاطر بتكرار أخطاء السوفيت في أفغانستان
أخبار متعلقة