أضواء
الخبر تناقلته كافة الصحف العربية، وفي مقدمتها صحيفتنا الوطن.والخبر في حد ذاته لا يثير في النفوس سوى المزيد من الكوميديا السوداء. أما عن فحواه، فهو خاص بداعية إسلامي يطل علينا أسبوعيا من خلال أحد البرامج الفضائية، التي تسمى بالناجحة، حيث تعرض للضرب أمام مبنى التلفزيون المصري، على أيدي سيدتين تمكنتا من اختراق الحصار الأوبصرف النظر عن الأسباب والدوافع، والتي يشك أي عاقل في أنها قد تكون بسبب إحدى فتاوى الداعية كما يحلو للبعض أن يروج، لأن الداعية نفسه قد امتنع عن تقديم بلاغ رسمي بالواقعة. والأرجح إذن أن المسألة هي شخصية برمتها، كما كان يردد الداعية أثناء الاعتداء عليه، طبقا للأخبار المنشورة.السؤال هو إلى متى ستظل المعايير التي يجب أن تتوافر في الداعية الذي يطل على الملايين من خلال الفضائيات تحمل الكثير من التناقض؟ أيضا لماذا دائما فتاوى العلاقات الزوجية، ومعاملة النساء للرجال هي المادة الدسمة لكافة هذه البرامج التي يكون أحد الدعاة هو نجمها الأوحد؟ هل هذا لأن هذه المادة محايدة مطاطة، أم لأنها مادة خفيفة الظل مثيرة للدعابات وسلسة في التناول، أم لأنها فعلا هامة جدا؟ إذا ما كانت الأخيرة، فما هو معيار الداعية الذي يجب أن نتبعه؟وما ينطبق على الداعية؛ ينطبق أيضا على الدعاة الذين يطلون علينا فجأة ليكيلوا لنا الفتاوى المتشددة، ثم يختفون فجأة أيضا دون أسباب واضحة، وإن كان تخمينها ليس بالشيء العسير.السؤال الذي يبقى مطروحا دائما؟ هل مازالت حياتنا الأسرية تحتاج إلى هذا الكم الهائل من الفتاوى؟ ألا تنحصر هذه الحياة في ضرورة حسن المعاملة والمودة والسكنى والرحمة، وعشرة بالمعروف أو تسريح بإحسان؟ هل تحتاج هذه المبادئ الإنسانية الراقية إلى كل ما نراه يوميا من برامج ونجوم دعوة وفتاوى وآراء تتضارب ما بين قناة وأخرى في دقائق؟ وإذا ما كانت التعقيدات الحياتية الآن تحتاج إلى هذه الفتاوى، الموجهة في غالبيتها للنساء، حتى لا يتمردن بعلمهن وبرواتبهن وليعرفن مكانة الرجل في حياتهن، وأنه صاحب الفضل في الموافقة على العمل والنجاح إلى آخر ما نسمعه جميعا ليل نهار، فما هي المعايير التي يخضع لها الداعية النجم سواء على المستوى الفقهي والديني أو على المستوى الشخصي؟أم إن هذه الأمور الدقيقة باتت متروكة للمشاهدين فمن تعجبه الفتوى يستمر في المتابعة، ومن لم تعجبه فإن أسهل وسيلة للتعبير عن الرأي هي ضربه؟[c1]عن /صحيفة “الوطن” السعودية[/c]