علم الوفاق يثير الزوابع والزيارات شملت رموز السنة والشيعة
المنامة / تركي الدخيل: هل تتغير في رمضان مملكة البحرين هذه الجزيرة الصغيرة في حجمها، الكبيرة بطيبة أهلها،وضجيج السياسة، وتجاذب التيارات فيما بينها وبين خصومها، وبينها وبين الحكومة من جهة أخرى؟ أبرز ملمح يمكن أن يلمسه زائر البحرين في رمضان هو حرص أهالي البحرين على استمرار عاداتهم الرمضانية وأبرزها المجالس الرمضانية حيث تعج البحرين بعشرات المجالس التي تبدأ بعد صلاة التراويح ولا تنتهي إلا مع ساعات الصباح الأولى.يجد البحريني جدوله كل ليلة مكتظاً ببضعة مجالس يتنقل فيها من مجلس إلى آخر،فمن مجالس عائلية إلى أخرى مهنية، غير أن الحديث الأبرز- هنا في البحرين- هو زيارات ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة بشكل مفاجئ بصورة شبه يومية لهذه المجالس. وبات البحرينيون يتوقعون أن يدلف عليهم ولي عهدهم باب مجلس يجلسون فيه ليسامرهم فيهنئهم بالشهر الكريم ويتبادل معهم أحاديث ودية، وتنتقل من السياسة إلى الاقتصاد إلى جميع شؤون الناس.ينصت الشيخ المحبوب إلى الملاحظات والانتقادات متيحاً المجال لهم لقول كل ما يودّون قوله بكل حرية، إذ يؤكد الشيخ سلمان أن «إطار الحرية هو الذي يحمي التنمية ويصونها»، كما أنه يستثمر كل فرصة لتحفيز البحرينيين على الاستمرار في السعي الدؤوب من أجل الوصول إلى المستوى التنموي المطلوب، مشجعاً الناس عندما تتعطل مصالحهم عند أي مسؤول بالتواصل معه، مشيراً إلى أن هذه توجيهات الملك حمد.يأتي ولي العهد البحريني إلى المجالس الرمضانية، بسيارته التي يفضّل دائماً قيادتها بنفسه، فيجلس إلى مواطنيه، يتحدث معهم عن الرياضة، وبخاصة أن المنتخب البحريني أصبح قاب قوسين أو أدنى من التأهل لكأس العالم، سمعته يعتبر فوز البحرين على الصين من أهم المباريات التي يفضّلها لأنها حسب رأيه تبين للناس أن الإبداع بين الشعوب لا يقاس بمساحة الأرض ولا بعدد السكان. كما يتحدث معهم عن أزمة الإسكان وعن التشجير، ويناقش مع البحرينيين كل قضاياهم، وحينما رأى طفلاً بحرينياً في أحد المجالس قال: «نحن نعمل لمستقبل هذا البطل»، مشيراً إلى الرؤية الاستراتيجية للبحرين «رؤية 2030 ».ينتقل ولي العهد من مجلس صغير إلى آخر كبير. من جلسة أرضية إلى أخرى بمقاعد،بحسب المجلس الذي يزوره. ويبدو التفاؤل أبرز ملامح حديثه، وهو ذكّر بعض المتشائمين بسوق الاتصالات التي يراهن عليها، قائلاً: «قبل بضع سنوات كان لدينا شركة واحدة فقط. الآن لدينا أكثر من عشرين شركة. وقبل فتح باب المنافسة كان البعض يخشى أن تنتهي «بتلكو»، شركة اتصالات البحرين، لكنها ازدادت قوة، وظلت توزع الأرباح بانتظام على مساهميها» .وعندما داخل أحد الحضور منتقداً عمل البنوك التي لا تراعي في منح التسهيلات المواطن البسيط، أجاب عليه الشيخ سلمان بأننا لا نستطيع أن نفرض على البنوك الاشتراطات لأنها إذ ذاك ستغادر إلى دول أخرى، ولكننا قدمنا دعماً للمشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال بنك التنمية الذي يقدّم قروضاً ميسّرة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة. يبدو الشيخ سلمان منتشياً عندما يتحدث عن الاقتصاد، وهو حدد ثلاثة معايير للتنمية الاقتصادية في البحرين، هي:التنافسية، والاستدامة، والعدالة، مشدداً على أن الإنسان هو لب عملية التنمية، لافتاً إلى أن أهم قيمة يمكن للبحرين أن تنافس عليها هي مهنية البحريني، والحراك الاقتصادي في البحرين جاء رغم قلة الموارد إلى أن خفضنا نسبة البطالة. سألتُ الدكتور مجيد العلوي وزير العمل البحريني، الذي كان ضمن حضور المجلس الرمضاني لرجل الأعمال البحريني خالد آل شريف عن نسبة البطالة، فقال إنها 3.9%، وكانت النسبة 3.5 % لكن الأزمة العالمية رفعت النسبة قليلاً.الزيارات السلمانية شملت فعاليات سياسية مختلفة، غير أن زيارة ولي العهد لجمعية الوفاق التي تمثل التيار الشيعي في البرلمان، شهدت جدلاً كبيراً بالنظر إلى أن الوفاقيين رفعوا علم جمعيتهم إلى جانب علم البحرين. انقسم الناس إلى رافضين لفكرة رفع الوفاق لعلمها بجانب علم البحرين تحت مخاوف من أن تكون هذه سابقة لما يحدث من حزب الله اللبناني حيث بات الولاء للحزب موازياً للولاء للوطن،فيما رأى آخرون أن الموضوع لا يستحق هذه الجلبة والضجيج فالأندية الرياضية مثلاً ترفع أعلامها وشعاراتها إلى جانب علم البحرين. وشاعت أنباء عن ورود اتصال من جهة رسمية تطالب الوفاق بعدم رفع علمها في الفعاليات، لكن نائب الأمين العام لجمعية الوفاق حسين الديهي نفى في تصريحات صحفية أن تكون جمعيته تلقّت اتصالاً من أحد الوزراء بخصوص العلم الوفاقي وقال: لم نتلقّ أي اتصال بهذا الخصوص.ضمن المجالس التي حضرتها جلستُ إلى جانب أحد مرافقي ولي العهد في البحرين وسألته: البعض يرى أن التغطية الإعلامية لزيارات الشيخ سلمان للمجالس الرمضانية أشبه ما تكون بحملة علاقات عامة؟! فردّ بأدب: «ما يؤكد عدم صحة هذه المقولة أن ولي العهد يقوم بهذه الجولات كل سنة في رمضان، الجديد أنه سمح للإعلام هذه المرة بالتغطية. كان الهدف تشجيع البحرينيين على التمسك بهذه العادة من جهة، والتأكيد على وحدة المجتمع البحريني بكل فئاته. صدّقني لولا هذان الأمران لما سمح الشيخ سلمان بالتغطية الإعلامية، فالبحرينيون يعلمون جيداً أن سلمان بن حمد رجل لا يحب المظاهر».