[c1]شفاء منصر [/c]المتتبع بعناية لما ينشر على صدر الصفحات الثقافية لعدد كبير من الصحف اليومية والاسبوعية والمجلات الشهرية الصادرة بغزارة على امتداد ساحة الوطن سيكتشف انها لاتكاد (تحفل) بالأدب شعراً وقصة ورواية وان أبدت تلك المطبوعات الكثيفة بعض الاهتمام بنشر لون من الالوان الأدبية فلا تكون تلك الاختيارات ذات أهمية لانها غدت مولعة فقط بلون من الأدب السهل ولست اعني بالأدب السهل (السهل الممتنع) وانما السطحي الذي نمر عليه مروراً سريعاً ونقرأه لننساه الادب الذي (لايكلف كاتبه عناء طويلاً .. ولايكلف قارئه جهداً ثقيلاً) حيث لانكاد نعثر على فصول أدبية "باهرة" تظل اصداؤها عالقة بالقلب والعقل زمناً طويلاً بل نجد نصوصاً سطحية باهتة منطفئة تفتقر إلى التوهج والنضج والالق الجميل واحياناً نعثر على نصوص ادبية هي ابعد ما تكون عن الادب مليئة بالتعقيد والإبهام الذي يقبض النفس ويجهد الفكر في تتبع مراد الكاتب بعد عناء محاولة الفهم لفك رموز تلك الطلاسم التي يكتبها أدعياء الحداثة والتجديد وسرعان ما ننصرف عنها.نعم استطيع القول أن المساحات الادبية في العديد من الصحف والمجلات التي كانت تتسابق للحفاوة بنشر الأدب الرفيع انكمشت وتقلصت حتى انها تكاد تتوارى لتطغى موضوعات اخرى كالرياضة واخبار الفن والموضة الخ ..حتى غدت حياتنا الادبية ساكنة راكدة لاحراك ولانبض فيها ،فهل الأدب في محنة ؟ ربما فمنذ خمسة عقود من الزمان تحدث الدكتور (طه حسين) عن مثل تلك المحنة وفصل في اسبابها في مقال له بعنوان (محنة الأدب) نشره في صحيفة (الأهرام) وكأنه يتخيل حال الأدب هذه الايام حيث يقول في جزء منه.(رحم الله أياماً كانت الصحف اليومية والاسبوعية فيها تتنافس أيها يكون أشد عناية بالأدب واكثر تتبعاً للموضوعات التي يفرغ لها القراء في آخر النهار واول الليل فيخلون اليها ويستمتعون بها وينكرون منها ويعرفون ويكتبون إلى الصحف بما ينكرون ويعرفون .. ورحم الله اياماً كنا نشغل فيها بهذه الكتب الكثيرة التي تعرض للأدب والنقد ولفنون الحياة على اختلافها فيشغل بها الكتاب ناقدين ومقرظين ويشتد الخلاف بينهم حول هذا الرأي أو ذاك فتشترك صحف كثيرة في درس موضوع واحد اثاره كاتب من الكتاب فانكر على كاتب آخر بعض ما قال او كل ما قال واسرع إلى هذا الكاتب أو ذاك انصارهما فاختصموا واطالوا الاختصام وانتفع القراء والكتاب جميعاً بهذه الخصومات وقد علق الكاتب (علي الشلش) على ذلكم المقال قبل سنوات قائلاً:ان المقال الذي كتبه طه حسين لايزال يحمل قدراً كبيراً من الصحة وانطباق اعراض المحنة التي تصورها على ادبنا الحاضر ليس في (مصر) وحدها وانما في العالم العربي عموماً ومع ان سكان العالم العربي تضاعفوا في تلك السنوات مثلما تضاعف عدد صحفهم وكتبهم فلم يتوازن الكيف مع الكم ولا امتنعت الشكوى من ضعف دولة الأدب.
|
ثقافة
محنة الأدب
أخبار متعلقة