أتاح الانقلاب الذي نفذته حماس ومكنها من السيطرة بشكل مطلق على الحكم في غزة رؤية الجانب أو الوجه الآخر للحركة التي تعد بشكل أوآخرامتدادا آيديولوجيا لجماعة الإخوان المسلمين عندما تكون في مقعد السلطة بعد سنوات طويلة ظلت فيها في المعارضة باستثناء أشهر أخيرة شاركت فيها فتح في الحكومة التي تفككت بعد الصدامات المسلحة التي وقعت في القطاع وانتهت بالواقع الحالي.وكما يحدث في أحيان كثيرة لأي تيار سياسي فان الجلوس في مقعد السلطة غير مقعد المعارضة بصرف النظر عن الآيديولوجية أو الخطاب السابق، وحماس كما أظهرت تجربة الأشهر الأخيرة لم تكن استثناء عن ذلك، بدليل ضيق الصدر الشديد الذي تتعامل به مع أي صوت معارض لها ومع أنصار منافستها حركة فتح في قطاع غزة.ولم تختلف شرطة الحركة التي يطلق عليها القوة التنفيذية والتي تحل تدريجيا مكان الشرطة وقوى الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية عن سابقتها كثيرا، وعلى العكس فقد مكنتها الظروف الجديدة المتمثلة في السيطرة شبه التامة على الأوضاع بدون منافسين حقيقيين من القيام بممارسات لم تحدث في السابق عندما كان توازن القوى لا يسمح بهذا الانفراد.وظهر ضيق الصدر الشديد في التعامل مع أي معارضين حتى لو كان من الصحافيين أو الإعلاميين الذين طالما استفادت من تغطياتهم الحركة، وتمثل ذلك في الصدامات المتكررة من المصورين والصحافيين لمنعهم من تغطية احداث معينة ومصادرة أفلام وصور واعتقال بعضهم أو حتى ضربهم وإطلاق النار لتفريقهم من قبل القوة التنفيذية. الجانب الآخر للصورة هو ترسيخ الوضع القائم وإحكام القبضة على مقاليد السلطة من خلال الاستبدال التدريجي للأجهزة الأمنية السابقة بأخرى موالية واستبعاد المناوئين من الأجهزة التي لها قدرات سيادية مثل القضاء والنيابة وتشكيل استخبارات وأجهزة أمن جديدة موثوق فيها.وهذا مفهوم أي سلطة جديدة تصعد الى مقعد الحكم تحتاج الى الامساك بمقاليد القوة بإحكام وترسيخ أمنها الذاتي في مواجهة منافسيها، لكن هذا ينطبق على حالات عادية في دول أو أنظمة سياسية تتعرض الى فترة تغيير أو هزات مفاجئة.اما في الحالة الفلسطينية فلا توجد، فان هذا الأسلوب في ترسيخ السلطة من شأنه أن يفرق ولا يقرب على المدى الطويل، ويكرس الطلاق بين غزة المحكومة من حماس والضفة الغربية المحكومة من قبل السلطة التي تهيمن عليها حركة فتح بما يخلق واقعا يجعل الحديث عن دولة فلسطينية في المدى المنظور لا معنى له لان الطرف الآخر يستطيع أن يقول إنه لا يوجد أحد يمكن التفاوض معه على حل شامل ودائم الا إذا تم اختصار الأهداف الى كانتونات فلسطينية.كل المؤشرات تدل على أن الوضع الحالي قابل للبقاء لفترة طويلة، فلا يبدو ان هناك أي جهد حقيقي من اجل الوصول الى تسويات او حلول وسط بين غزة والضفة، أو الى العودة الى السلطة الموحدة على الجزءين الا اذا تمكن طرف من هزيمة الطرف الآخر بشكل نهائي، وهو امر صعب تحقيقه في الامد المنظور في ضوء حقائق الاوضاع على الأرض. [c1]* كاتب مصري [/c]
|
فكر
الوجه الآخر ( لحماس )
أخبار متعلقة