تحت ظلال الإسلام
ان من فضائل هذه الامة ما جعله الله من الفضل لمن صبرعلى حاله ، وكف نفسه عن الحرام ، وقنع باليسير من العطاء وتعفف عن سؤال الناس ، وأقبل على العمل مع الاعتماد على الله سبحانه وتعالى. فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته ، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل .وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جاع أو احتاج فكتمه الناس وأفضى به إلى الله تعالى كان حقا على الله أن يفتح له قوت سنة من خلال .وقد أخب صلى الله عليه وسلم أن ما يأتي الى الانسان من غير شره وحرص فهو مبارك ، فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ان هذا المال خضرة حلوة فمن أعطيناه منها شيئا بغير طيب نفس منا وحسن طعمة منه وشره نفس كان غير مبارك له فيه .وفي رواية لمسلم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنما أنا خازن فمن أعطيته عن طيب نفس فمبارك له فيه ، ومن اعطيته عن مسألة وشره نفس كان كالذي ياكل ولا يشبع . وأخبرنا صلى الله عليه وسلم أن المتعفف محبوب عند الله سبحانه وتعالى، فعن ابي هريرة رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يؤمن عبد حتى يأمن جاره بوائقه ، ومن كان يؤمن بالله وباليوم الآخرفليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخرفليقل خيرا أو ليسكت ، ان الله يحب الغني الحليم المتعفف ، ويبغض البذيء الفاجرالسائل الملح . ان قوله (بوائقه ) مهلكاته وضرره وقوله (البذيء ) قبيح اللسان وقوله (السائل ) أي كثيرالسؤال ،وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عرض علي أول ثلاثة يدخلون الجنة ، وأول ثلاثة يدخلون النار فاما أول ثلاثة يدخلون الجنة فالشهيد ، وعبد مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده ، وعفيف متعفف ذو عيال .ويقصد بقوله : نصح لسيده ، أي ادى حقوق الله وحقوق سيده وحفظ ماله وراعى الامانة ، وقوله : ذوعيال أي له أسرة ينفق عليها وأهل وأولاد ، وجد في عمل وقنع برزق الله له .وجاء في الادعية المأثورة : اللهم أسالك العفة والغنى ، والمتعفف يده عليا كما جاء في الحديث : اليد العليا خير من اليد السفلى . قال عبدالوارث : اليد العليا المتعففة. والمتعفف المستغنى بالله القانع بما أعطاه يرضاه الله ويفتح له باب رحمته ويرزقه الله الغنى والسعادة ويملأ قلبه ايمانا وقناعة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يستغن يعنه الله ومن يقنع يقنعه الله . ويخبرنا صلى الله عليه وسلم أن عز المؤمن هو استغناؤه عن الناس ، وقد استعاذ صلى الله عليه وسلم من النفس التي لا تشبع ، وأخبرنا أن من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ، أي فكأنما أعطي الدنيا باسرها .ولا يظن أن الاخذ المحتاج المستحق بأنه مذموم مطرود أو ناقص ، فقد بشره صلى الله عليه وسلم بقوله : ما المعطى من سعة بأفضل من الاخذ اذا كان محتاجا .