إعداد / داليا عدنان الصادقلعب الفن الجزائري المعاصر دوراً تاريخياً هاماً في الحفاظ على الشخصية الوطنية من التفتت والضياع خلال الحقبة الاستعمارية المظلمة وساهم إلى حد كبير في إبراز الطابع العربي الإسلامي الأصيل للشعب الجزائري بما يمتلكه من مصادر متعددة ومتنوعة وأهمها الإسلام بالدرجة الأولى كما يقول الشيخ البشير الإبراهيمي أحد رواد النهضة الجزائرية الحديثة " في هذا الوطن الجزائري شعب عربي مسلم " ذو ميراث روحي عريق هو الإسلام وآدابه وأخلاقه ذو ميراث مادي شاده اسلافه لحفظ ذلك التراث وهو المساجد بهياكلها وأوقافها وذو منظومة من الفضائل العربية الشرقية متنقلة بالإرث الطبيعي لحفظ خصائصه الجنسية من التحلل والإدغام وذو لسان وسع وحي الله وخلد كلمة الفطرة وجرى بالشعر والفن ثم خدم العلم وسجل التاريخ وشاد الحضارة ووضع معالم التشريع وحدا بركب الإنسانية حينا فأطرب .[c1]في الخط [/c]إن التركيز على مصادر الفن الجزائري المعاصر بحثاً عن أصوله العريقة الجذور يسوقنا للتوقف عند مصدرين أساسيين هما : الفن التقليدي ذو الأصل الإسلامي حيث تطور منذ زمن بعيد في المغرب العربي والفن الشعبي الحي الذي لايزال يثري التراث الجزائري .فن الخط هو أول حركة معبرة عن رسم استطاع إبراز العوامل الأساسية التي انبثق منها الفن الإسلامي المحض فالحرف العربي في المشرق مثلاً كان النشأة الأولى لفن النقش الملون ولسهولته فقد ظل على امتداد القرون الماضية يخضع للتجدد الدائم في الشكل وساعد بذلك على بعث الزخرفة العربية بمختلف اتجاهاتها التجديدية . وهذا الفن العربي الإسلامي بدقته وزخرفته البنائية والهندسية والزهرية والحيوانية يبرز تقنية واضحة وتناسقاً رائعاً متفننا في هندسة التزيين وهذا النقش المزخرف يرتبط ارتباطاً وثيقاً بفن الخط الذي هو أداة الزخرفة وانطلاقاً من المفهوم الديني باعتبار أن الجزائريين مسلمون مائة بالمائة وليس هناك ديانات أخرى يعتنقها الجزائريون فإن الكتابة تكاملت مع الزخرفة كتلك الكتابة المتداخلة بعضها في بعض والتي تتحد مع تعاريج وانحناءات لتكون فيما بعد أشكالاً جميلة واضحة وهذا النوع من الفن قد تطور واتسع وأصبح غنياً عبر العصور إلى اليوم . [c1]فن الرسم الدقيق [/c]لايستطيع فنان الرسم الدقيق الإبداع من دون معرفة المعنى العميق للوسط الاجتماعي فالخاصية التقنية للوحة صغيرة جداً كافية لأن تضع وحدها النقاط على الحروف بالنسبة للعديد من أنواع التقنية التي يكتسبها عمل حيث يكون الجمال فيها مرتبطاً بانجاز شاق مدفوع من أسفل السلم وهذا الفن الصوري المنظم تبناه أيضاً الرسام الجزائري محمد راسم عام 1896م فقد كان متأثراً منذ حداثة سنة بأجداده وآبائه حيث ورث اسم راسم – الذي يدل على هوايته – كما ورث منهم العلم . وقد تطور ذوقه في زخرفة التزيين وسيطر على الألوان وحدد اتجاهه وبفكره التحليلي البصير وإحساسه العميق استطاع أن ينقل خلال كل عمل من أعماله الفنية جواً من الأجواء التي كانت ثرية بزخرفة صرفة تنتمي إلى الوسط الاجتماعي آنذاك فتعميق التفاصيل وتجانس الأعمال الفنية هي دليل على موهبته الفذة ومحافظته على التقاليد الفنية المتجددة كما يرجع الفضل إليه في إثراء المواضيع القديمة بخيالات معتصرة وينفخ فيها روحاً جديداً تكشف مدى تعلقه بوسطه الأصلي وهذا مايكسب أعماله ميزة الصدق والصحة . وقد ساهم محمد راسم في تكوين جيل من الرسامين الجزائريين الأوفياء لهذا النوع من الفن ومن بينهم محمد تمام ، ومحمد غانم اللذان بصفاء أسلوبهما وعمق تفهمهما لهذا النوع نظراً لشعور حاد في ملاحظاتهما استطاعاً تصوير الأعمال والحركات اليومية والألوان المتعددة للحياة المحلية في الجزائر .
|
ثقافة
مصادر الفن الجزائري المعاصر
أخبار متعلقة