عالم الصحافة
قالت صحيفة (ذي أوبزرفر) أن الحرب التي تشنها إسرائيل حاليا على غزة هي في الواقع حرب على جبهتين, مؤكدة أن قصف غزة المستمر سبقته وتصاحبه الآن أجندة إسرائيلية خفية لإقناع العالم بعدالة القضية الإسرائيلية في هذه المعركة, التي قالت (صنداي تلغراف) إن الزعماء الإسرائيليين راهنوا عبرها على كل شيء.فقد اختار مراسل (ذي أوبزرفر) بالقدس كريس ماكغريل «لماذا شنت إسرائيل الحرب على غزة؟» عنوانا لمقال له تحدث فيه عن ما أسماها أجندة إسرائيل الخفية لإقناع العالم بعدالة قضيتها في هجومها الحالي على غزة.ورغم أن الكاتب رد على السؤال الذي طرحه بالسؤال «هل أنت هدف إن كنت صوت لـحماس؟» فإنه نبه إلى أن إسرائيل أدركت مبكرا أن العملية الحربية تحتاج لعملية علاقات عامة موازية تجعل العالم ينظر إلى جثث النساء والأطفال الفلسطينيين بوصفها إحدى نتائج الصراع الغربي مع الإرهاب ومع إيران.ماكغريل قال إن إسرائيل أمضت أشهرا في التخطيط للعمل الدعائي الميداني الذي سيصاحب هجوم غزة, وما إن بدأ الهجوم حتى أطلق العنان لسيل من الدبلوماسيين واللوبيات اليهودية ومؤيدي إسرائيل للترويج لعدد قليل من الرسائل والمعلومات المعدة بعناية شديدة لضمان اعتبار العالم لإسرائيل بأنها هي الضحية حتى وإن أدى قصفها إلى مقتل أكثر من 430 فلسطينيا جلهم من الأطفال والنساء والشرطة.وبما أن الغارات الجوية -التي كانت وتيرتها غارة كل عشرين دقيقة- لم تنجح في وقف حماس إطلاق صواريخها, فإن إسرائيل قررت شن هجوم بري صاحبته كذلك بتصعيد هجومها الدبلوماسي لتبرير ما سينتج عنه لا محالة من إزهاق لأرواح الأبرياء, على حد تعبير المراسل، وأضاف ماكغريل أن جوهر الرسالة الإعلامية التي يروج لها المسئولون الإسرائيليون ومؤيدوهم سواء في القدس أو نيويورك أو لندن أو باريس هو نفسه: «إسرائيل مرغمة على ما تقوم به لأنها إنما ترد على الصواريخ التي تطلق عليها وهدفها هو البنى التحتية للإرهاب بغزة وكذلك مقاتلو هذه الحركة ولا شك أن بعض المدنيين سيقتلون لكن السبب في ذلك هو كون حماس تخبئ مقاتليها وأسلحتها بين هؤلاء المدنيين»، غير أن مراسل (ديلي تلغراف) تيم بوتشر حذر من نتائج مراهنة القادة الإسرائيليين على الحرب الحالية بغزة, مشيرا إلى أن الحروب الأخيرة الثلاث التي خاضتها إسرائيل -1973 و1982 و2006- لم تكن نتائجها سعيدة للزعماء الذين قادوها.وأضاف أن تلك الحروب الثلاث أفقدت ثلاثة وزراء دفاع مناصبهم وقوضت زعامة قادة عسكريين وأضعفت رؤساء الوزراء الذين قادوها.ورغم ما يحظى به هجوم غزة الحالي من تأييد شعبي في الأوساط الإسرائيلية فإن المراسل أكد أن كل الزعماء الإسرائيليين -مدنيين كانوا أو عسكريين- الذين اتخذوا قرار شن هذا الهجوم يدركون مدى تقلب الرأي العام الإسرائيلي.وينفي وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك ووزيرة خارجية إسرائيل تسيبي ليفني أن تكون الاعتبارات الانتخابية هي التي دفعتهما لشن هذا الهجوم، إلا أن الكاتب يقول إن المحللين السياسيين الإسرائيليين يؤكدون أن باراك وليفني إنما شنا هذه الحرب من أجل إنقاذ مستقبلهما السياسي. [c1]الهجوم الإسرائيلي قد يأتي بنتائج عكسية :[/c]قالت صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية في تحليل نشرته للمعنى الحقيقي للحرب بالشرق الأوسط، إنه من الواضح أن إسرائيل بإطلاقها العنان لسلسلة هجمات في معاقبة غزة الأسبوع الماضي، تهدف إلى إلحاق هزيمة بحركة حماس، لكنها قد تأتي بنتائج مختلفة في حال فشل الهجوم.ونسبت (نيويورك تايمز) إلى خبراء في الولايات المتحدة وإسرائيل قولهم إن الهجوم الإسرائيلي على غزة قد ينجح، ولكنه أيضا قد يفشل ويأتي بنتائج عكسية، ومضت الصحيفة: وأيا كانت نتيجة الهجوم، فإن العواقب السياسية له قد تتردد أصداؤها في جميع أنحاء الشرق الأوسط، على طول الطريق إلى إيران، الأمر الذي يساعد الرئيس المنتخب باراك أوباما في تحديد قدرته لمواصلة الأهداف المعلنة للتهدئة في الشرق الأوسط من خلال الدبلوماسية.وليس الهدف الأكبر من الهجوم إيقاف إطلاق الصواريخ تجاه المستعمرات الإسرائيلية، ولكن لإفقاد قيادة حماس للشرعية والقدرة في نظر الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يدفع تجاه الحل بقيام دولتين (إسرائيلية وفلسطينية).وأما السيناريو الآخر الذي تتطلع إليه واشنطن وتل أبيب من وراء تحقيق نصر واضح على حماس، فهو أن ذلك الانتصار من شأنه أن يجعل الأمر أسهل أمام مصر والأردن وبلدان أخرى في إعلان موقف واضح من «التشدد الإسلامي» بالمنطقة وراعيه الرئيسي إيران.ونسبت (نيويورك تايمز) إلى السفير الأميركي السابق لإسرائيل مارتن إنديك رأيه أن تشكيل قوة سلام دولية في غزة تتألف من قوات تركية وعربية يمكن أن يمهد الطريق لاستعادة الرئيس محمود عباس السيطرة السياسية في غزة، ويتبع ذلك اتفاقية لإقامة دولتين ثم ربما اتفاقية سلام إسرائيلية سورية «مما يعني ترك إيران وحيدة ومعزولة».وذكرت الصحيفة أن إستراتيجية إيران بالمنطقة ليست فقط لتسبب الإزعاج والقلق لإسرائيل، ولكن لنشر نفوذها إلى الدول العربية عبر دعمها لحزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية، وإن نصرا إسرائيليا مقنعا على حماس سيقوض تلك الإستراتيجية الإيرانية، ويضعف من قدرتها على مقاومة الضغوط الغربية في أي مساومة بشكل عام، واستدركت (نيويورك تايمز) أن الهجوم الإسرائيلي على حركة حماس قد يفشل كما يرى خبراء بالشرق الأوسط من جميع ألوان الطيف السياسي، ذلك أن موجة الغضب في العالم العربي تتزايد في ظل ارتفاع عدد الضحايا والدمار.وأشارت إلى أن الهجوم على غزة أدى إلى انقسام واضح في المواقف العربية، ومثال ذلك «الشجار» العلني بين زعيم حزب الله اللبناني والرئيس المصري حسني مبارك، وكل ذلك الانقسام وتباين المواقف سيمنع العرب من التعاون مع إسرائيل بشأن العملية السلمية بالمنطقة، خاصة في ظل توسع الهوة بين الحكام والمواطنين بالبلدان المتحالفة اسميا مع الولايات المتحدة والتي ترغب بسلام مع إسرائيل.كما أن فشل الهجوم على حماس من شأنه شد عزم «المتشددين» في مصر والأردن، فضلا عن تشجيع طهران لطموحاتها في القيادة الإقليمية للمنطقة، والإصرار على المضي في البرنامج النووي الإيراني، وفق الصحيفة.