أغنية وشاعر
الإستاد عبدا لله هادي سبيت (رحمة الله عليه) تناول مسيرة حياته بنفسه، دون أن يترك ثغرة واحد يدخل إليها من يريد ان يكتب عنه وحسناً فعل فمن الأفضل ان يذيع المرء ويكتب سيرته من ان يتركها لآخرين قد يفسرون حياته بقصد او بدون قصد إلى منحى آخر قد يتعارض مع ما هدف اليس الشاعر.يقول الشاعر عبدا لله هادي سبيت في حديثة عن أول الحانه العاطفية بأنها كانت محاولة ارتبطت مع الهجرات اليهودية إلى فلسطين حيث كانت عدن في تلك الفترة محطة عبور ليهود اليمن الذين جاءوا من شمال الوطن استعداداً للسفر إلى فلسطين ولأول مرة اختبر عبدا لله هادي سبيت قوة نفسه في الصمود أمام مجرد التأمل في وجه من الوجوه التي قطعن قلوب الرجال وماحدث انه شعر ان قلبه يكاد يخرج من صدره وهو ينظر النظرة الأولى إلى ذلك الجمال (اليهودي) الناضج الذي جعله يوقن حينها انه لو تكررت تلك النظرة لكان فقد عقلة لاتوازنة..ويتذكر الأستاذ عبدا لله هادي سبيت المقابلة التي جمعت بينه وبين الأستاذ حسن فريجون (وهو سوداني الجنسية) حيث كان هذا الأخير مديراً لكلية أبناء الذوات بمنطقة (جبل حديد) حيث قال له: اظنك ياسبيت تستمتع بجمال المرأة تخيلاً ولا أقول ان نفسك تميل إليها وقد كان رد عبدا لله هادي سبيت عليه:نظرة من مقلتيها:تسم الروح إليها هذا البيت هز الأستاذ حسن فريجون اهتزازاً عنيفاً وأردف قائلاً: تكرم علينا حتى بشطر آخر مرتجل فلا أظنها الاقصيدة غنائية رائعة ربما خلقت منك ملحناً أروع.. ومجاراة لحديث الأستاذ فريجون أضاف الأستاذ عبدا لله هادي سبيت شطراً آخر على القافية نفسها.إنما الجنة يااهل الهدى في جنتيها عن يمين وشمال هاهنا في وجنيتهامزج النرجس بالورد فكانا شفتيهافتعفت النفس مني قانطاً بين يديهاوعندما وصل سبيت إلى هذا المقطع من قصيدته المرتجلة حتى شعر أن انفاسة تكاد تتقطع وكأنما قطع اشواطاً طويلة من الجري.. وإذا بالأستاذ حسن فريجون يقول لسبيت (استرجع انفاسك ولأتواصل الارتجال، وان كان ماقد ارتجلته لأعيب فيه .لكن ابتكاراً لهذا لوجاء عن تأمل لكان أروع فصاغ سبيت قصيدته بتأمل فكانت قصيدة رائعة وهذه هي القصيدة:نظرة من مقلتيهاإنما الجثة يأهلعن يمين وشمالمزج النرجس بالوردفنفضت النفس منيسألتني عن عزاميواعصري نفسك وجداناًوارشفيها بعذابيأنها لغة سحرأنها قصة قلبتسم الروح إليهاالهدى في جنتيهاههنا في وجنتيهافكانا شفتيهاقانطاً بين يديهاقلتها نفسي اشربيهاوفي نفسي اسكبيهاوبحرماني أتقنيهابضم الاه اشربيهابدم القلب اكتبيهاهذه القصيدة الرائعة التي سطرها (سبيت) بمغزاها العميق والمرهق ترجمها الفنان الكبير (محمد مرشد ناجي) ترجمة حقيقية واتقن موسيقاها وقدمها باعذب واشهر قدر من الإبداع الذي اشتهر به المرشدي وحافظ على ديمومته ومستواه بحيث ظل المرشدي متقناً لتاليفة الموسيقي وحريصاً على تقديم كل ما من شانه اسعاد مستمعيه ومعجبية وكل مستمع لاغانية.لقد ارتقى المرشدي بغنائه لهذه القصيدة الى نفس المستوى البلاغي لكلمات سبيت وهذا يعني ان صوت المرشدي قد أحيا التذوق للكلمات وأعطاها نبضاً موسيقياً جديراً بالاحترام .. والتقدير وصوتاً رقراقاً كان ينساب كمياه غدير وجداني وهذا يعني ان الصوت في بعض الأحيان يعطي الحياة للكلمات ولانقصد ان الكلمات كانت ميتة ليحيها اللحن فذلك غير ممكن.. فالكلمات الميتة لايحيها اللحن ولكن الذي نقصده ان الكلمات لها تذوق ولها نكهة والصوت يضيف اليها ماتشتهية من البهارات ومن القدرة على تقديمها بالشكل الذي يرضي المعجبين.