نقرأ بين الحين والآخر في بعض صحفنا العربية والمحلية عن أخبار عجيبة وغريبة ومدهشة حين يكتشف أحدهم وجود اسم الذات الإلهية أو اسم رسوله محمد صلى الله عليه وسلم أو كلمة التوحيد أو اسم الجنة مرقوماً أو مرسوماً أو مكتوباً بالأحرف العربية على أحد مخلوقات الله سواء كان هذا المخلوق جماداً أو نباتاً أو حيواناً أو إنساناً فيسارع ذلك المكتشف لتلك الظاهرة الغريبة والعجيبة بالقول بأن ذلك من المعجزات الباهرات الدالات على قدرة الله عز وجل هكذا ببساطة وبدون أي دليل أو قرينة أو برهان من كتاب أو سنة أو قول مأثور أو دليل علمي يدعم استنتاج ذلك المكتشف المتسرع ودون أي تمحيص معرفي سليم أو تحقيق علمي دقيق تاركاً لعاطفته الدينية وشعوره الرومانسي حرية الاندفاع بالتعبير والتصريح بخبر اكتشافه العجيب الذي يظنه ويعتقده كما يعتقد بعقيدة التوحيد أو الحقائق العلمية المستقرة والتي هي فوق النقد وفوق مستوى الشبهات مع أن الله سبحانه وتعالى قد أمرنا في محكم كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه بأن نتبين ونتحقق ونتحرى عن أي خبر أو نبأ يأتينا به أي شخص حتى لا نصيب أي قوم بجهالة فنصبح على ما فعلنا نادمين قال تعالى:” يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين” 6- من سورة الحجرات.ولو رجعنا إلى أهل الذكر وسألناهم عن تفسير هذه الظاهرة التي نتحدث عنها لقال لنا المختصون في علم النفس الحديث بأن هذا الاعتقاد الفكري ما هو إلا نوع من السراب أو الإسقاط النفسي الناتج عن حبنا لربنا ولرسولنا العظيم ولديننا وقرآننا المقدس الذي نزل باللسان العربي المبين ونحمل له الكثير من التشريف والتبجيل والتعظيم والتقديس والحب الذي يجعلنا نرى في كل شيء اسم الله واسم نبيه ونرى في كل شيء الشيء الذي نحبه فقط كما رأى مجنون ليلى حبيبته ليلى في كل امرأة قابلها في طريقه، وفكرة الإسقاط هذه ناتجة عن انشغال صاحبها بهاجس حبه وتقديسه وتبجيله لمن يحب حتى كأنه يرى كل شيء قد اختزل وتكثف في محبوبه فيرى اسم الله أو اسم رسوله الكريم بالحرف العربي المقدس لديه في صفحة ما أو في أخاديد وتضاريس الأرض أو على جسم شجرة أو مخلوق حيواني أو إنساني فيصرخ قائلاً : سبحان الله تبارك الله - ما شاء الله ولله في خلقه شئون وتناسى صاحبنا بأن الله سبحانه وتعالى الفعال لما يريد وله المثل الأعلى هو قادر على أن يكتب ما يشاء على أي مخلوق من مخلوقاته (هذا صنع الله) كما تصنع الدول الصناعية وتضع أسمها على منتجاتها حتى تعرف من بين منتجات الآخرين ولكن حاشا لله أن يفعل ذلك لأنه لا يحتاج إلى أن يكتب اسمه على مخلوقاته لسبب بسيط يتمثل في أن كل مخلوقاته تدل عليه بهيئاتها وأعيانها وسماتها لا بأسمائها قال الشاعر :وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحدوالذي حدث لصاحب الإسقاط النفسي أن أسقط ما في رأسه من أفكار وهواجس على أشياء ظن أنها تشبه ما في رأسه فصاح قائلاً : إنها تشبهها والشيء بالشيء يذكركما يقولون..!!والله قادر على أن يكتب اسمه واسم نبيه على أي شيء بالحرف العربي وبغير الحرف العربي وكل الناس خلقه الأحمر منهم والأصفر والأبيض والأسود المسلم واليهودي والنصراني.. الخ لا يفرق بينهم إلا بالتقوى لا بالحرف العربي أو الرسم العثماني كما يقدس البعض الحرف العربي تقديس المشركين لأصنامهم.. وللأسف يوجد في زماننا أناس مازالوا يجترون بعض صور الفكر الخرافي الأسطوري الماضوي دون نقاش أو تساؤل أو تمحيص اعتقاداً منهم بأن أسلافهم لا يخطئون وهذا يناقض قوله تعالى : “ أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون” الآية (170) من سورة البقرة والآية (104) من سورة المائدة.إن الصحافة الحقيقية هي التي تعري وتفضح الجهل والتخلف وكل أشكال الدجل والأوهام والخرافات والأساطير والفكر الرجعي المتحجر وتحترم العقل والعلم والمنطق والحجة والدليل والبرهان وتحترم الرأي والرأي الآخر وتشجع المبادرات والإبداع وتنشد التطور والتغيير لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
|
فكر
تصورات خرافية عند بعض المتزمتين..!!
أخبار متعلقة