قصة قصيرة
[c1]عبد الفتاح افكوح[/c]... فلم يعهدوا له لساناً غير ذاك الذي يسعى به جاهداً إلى تقبيح كل جميل، ويتهافت به حريصاً على تحسين كل قبيح، حتى لكأنه يرى فيهما ما لا يراه الناس، إذ لا يجد حرجا في مدح القبح وسرد محاسن فيه ومناقب له يزعمها، ولا يضيق صدره عندما يذم الجمال ويهجوه بمساوئ فيه ومثالب له يدعيها، بل يفتخر بجرأته كلما استرسل في ذكر كل ذلك .ظل يتزيد في استصغار شأن أي جميل واستعظام أي قبيح، ودأب على أن ينفق من الجهد أكثر مما عنده في الإشادة بالقبح والثناء عليه بما ليس فيه، وادعاء نسبة ما لا ينتسب إليه، وبعد أن يكون من أهله .استنكر القوم ما يتلفظ به همساً وجهراً، وكرهوا أشد الكره ما يأتيه من أفعال دون استتار أو توارى، ثم إنهم عندما يئسوا من انصلاح حاله واستقامة أمره، نفروا من رؤية وجهه في يقظتهم وحتى في حال منامهم، وحرصوا على ألا يلقوه في حلهم، وعلى أن لا يصادفوه في ترحالهم