تعليم وتدريب الفتاة.. الواقع والتحديات والمستقبل المجهول
صنعاء / سبأ:يواجه قطاع تعليم وتدريب الفتاة بوزارة التعليم الفني والتدريب المهني العديد من التحديات والصعوبات أمام رفع نسبة التحاق الفتيات في مؤسسات التعليم الفني والمهني في عموم محافظات الجمهورية ، وتشجيعهن على الانخراط في سوق العمل وتمكينهن اقتصادياً.وتتمثل تلك التحديات في عدم تقبل المجتمع لتعليم وتدريب الفتاة في معاهد مهنية مختلطة،وتسرب الفتيات من التعليم بكافة إشكاله بسبب الفقر والجهل واليتم وصعوبة التضاريس الجغرافية والتشتت السكاني بين القرى المتباعدة في الأرياف، وانعدام الخدمات العامة ووسائل النقل، والنظرة المجتمعية القاصرة تجاه انخراط الفتاة في التعليم الفني ، وغياب الكادر النسوي المدرب وعدم اهتمام المجالس المحلية باحتياجات تعليم وتدريب الفتاة، وشحة الموارد والإمكانات المعتمدة من الوزارة لتنفيذ البرامج والدورات المتخصصة في مختلف المجالات .وعلى الرغم من الجهود التي يبذلها قطاع تعليم وتدريب الفتاة الذي أنشئ مؤخراً للتغلب على تلك الإشكاليات لرفع نسبة التحاق الفتيات في برامج وأنظمة التعليم الفني والمهني من خلال توسيع المجالات التخصصية التدريبية للفتاة التي تلبي احتياجات سوق العمل وتدعمهن في المشاركة المجتمعية، إلا أن واقع التعليم الفني للفتيات في عموم المحافظات لايزال بحاجة إلى مزيد من الدعم وخلق شراكة قوية بين القطاعين العام والخاص ووسائل الإعلام للدعم والتوعية بأهمية إلحاق الفتاة في منظومة التعليم الفني والمهني .وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) ناقشت مع المختصين والمسؤولين في إدارات المرأة وقطاع تعليم وتدريب الفتاة في عموم مكاتب التعليم الفني بمختلف المحافظات واقع تعليم وتدريب الفتاة بالتخصصات المهنية والفنية في الريف والحضر والتعرف على أهم المزايا، والفرص المتاحة، والمعوقات والتحديات،والرؤية المستقبلية.وفي البدء أشارت وكيلة قطاع تدريب وتعليم الفتاة بوزارة التعليم الفني لمياء يحيى الإرياني إلى أن الدستور كفل الفرص المتكافئة بين الرجل والمرأة في مختلف الحقوق والواجبات، ومن هذا المنطلق يجب النظر وفق رؤية إستراتيجية إلى أهمية تأهيل الفتيات وخاصة خارج مساحات التعليم الأساسي والجامعي الذي أفرز الكثير من العاطلين عن العمل بسبب ضعف الإمكانات المتاحة والطاقة الاستيعابية في التوظيف الرسمي عوضاً عن ضعف مخرجات التعليم العام والجامعي وعدم قدرته على المنافسة في سوق العمل.وأكدت الوكيلة أن تدني التحاق الفتاة بالتعليم الفني يعود إلى التصورات الثقافية السلبية للمجتمع نحو التعليم الفني للفتيات وأنه مقصور على الرجال فقط .وأوضحت في هذ الصدد ضرورة التركيز على العنصر البشري باعتباره الثروة الدائمة والمتنامية لأي مجتمع كان وفي مقدمته المرأة التي باتت اليوم تشارك في مختلف نواحي الحياة المجتمعية، وذلك بإكسابها مهارات فنية ومهنية تمكنها من مجابهة تحديات الفقر والبطالة عبر التحاقها بمؤسسات التعليم الفني والمهني في تخصصات تناسب ميول الفتيات واحتياجات سوق العمل.وشددت الوكيلة على ضرورة فتح قنوات تواصل وتنسيق بين شركاء التعليم الفني للفتاة والأطراف المعنية في الحكومة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والجهات المانحة للعمل على دعم التحاق الفتاة بالتعليم الفني وتجويد آليات وبرامج القطاع لضمان جودة مخرجاته.من جانبها أشارت مدير إدارة تعليم وتدريب الفتاة بمكتب التعليم الفني بمحافظة إب أنيسة الشميري إلى الاهتمام الذي توليه الحكومة للتعليم الفني بشكل عام وتدريب الفتاة بشكل خاص من خلال صدور القرار الجمهوري الخاص باستحداث قطاع تعليم وتدريب الفتاة بالوزارة الذي يعنى بتشجيع ودعم التحاق الفتاة بهذا النوع من التعليم منوهة بان إدارة تعليم الفتاة بإب تقوم حالياً بالتنسيق مع الجمعيات النسوية ومنظمات المجتمع المدني وذوي الاحتياجات الخاصة بتدريب منتسبيها في مختلف المجالات الفنية والمهنية، وإقامة دورات خاصة وقصيرة متنوعة للكوادر النسائية حسب احتياجات كل بيئة.وأوضحت الشميري أن عدد الموظفات في مكتب التعليم الفني بإب بلغ 27 موظفة موزعات على عموم المؤسسات التدريبية بالمحافظ والبالغة 9 معاهد تقنية ومهنية منها معهدان مهني وتقني مختلطان للذكور والإناث، فيما بلغ عدد الطالبات الملتحقات بالمعهدين نحو 270طالبة في جميع المستويات وهو عدد ضئيل مقارنة بمخرجات التعليم الأساسي والثانوي.أما مديرة إدارة تعليم وتدريب الفتاة بمحافظة تعز بشرى نجمي فقد أكدت أهمية تعليم الفتاة كحق وأداة ضرورية لتحقيق المساواة بين الجنسين وتقليل الفجوة القائمة، والحد من تفشي الأمية في الريف خاصة في أوساط الفتيات .وقالت نجمي:» إن محافظة تعز شهدت خلال الفترة الأخيرة افتتاح وإنشاء 16مؤسسة تقنية ومهنية موزعة على مختلف المديريات، فيما بلغ عدد الكادر التدريبي النسوي بهذه المؤسسات نحو 79 فتاة ، وبلغت التخصصات الموجودة في هذه المعاهد 30 تخصصاً، منها 16 تخصصاً في المستوى التقني بعد الثانوية، و14 تخصصاً في المستوى المهني بعد الإعدادية». وأضافت : بينما التخصصات التي تلتحق بها الفتاة في المحافظة تتمثل في أقسام«العمارة الداخلية، والديكور، أنظمة شبكات، برمجيات، صيانة حاسوب، محاسبة،إدارة مكاتب، تحكم الكتروني، فضلاً عن الفنون الجميلة، وإنتاج نباتي،تجاري عام، حوسبة، تسويق، إضافة إلى تخصصات الدورات القصيرة لمختلف الفئات العمرية المتمثلة في النجارة، خياطة، أشغال يدوية».فيما شددت مديرة إدارة تعليم وتدريب الفتاة بمكتب التعليم الفني بمحافظة عدن فاطمة حسن على ضرورة إعداد العنصر البشري (ذكور وأناث) وتدريبه وتأهيله وإكسابه مهارات حديثة من اجل مواكبة متغيرات العصر المتسارعة واحتياجاتها التي فرضت مجموعة من المعايير والكفاءة التنافسية وجودة المنتج التعليمي ومدى صلاحيته للتوظيف والمنافسة في سوق العمل.وأشارت فاطمة حسن إلى أن نسبة الأمية بين النساء في اليمن تتخطى الـ60بالمائة، وفق مسودة تقسيم المناخ الاستثماري في اليمن، فيما تشكل المرأة نسبة 10 بالمائة من أصحاب العمل الريادي، في حين تحتل نسبة 6 بالمائة من سوق العمل.و تشير تقارير إحصائية بحسب إفادتها أن نحو 71 بالمائة من العاملات في المحافظة أميات ، و20 بالمائة يقرأن ويكتبن، و3 بالمائة أكملن مراحل التعليم الأساسي، و1,97 بعد مرحلة الثانوي، و0,2 لديهن دبلوم بعد الثانوية، و 55,0 يحملن مؤهلاً جامعياً .وبينت الإحصائيات أن إجمالي المعاهد الفنية والمهنية بالمحافظة سبع مؤسسات تدريبية، بطاقة استيعابية سنوية تقدر بألف طالب وطالبة، فيما بلغ عدد المتقدمين لهذه المؤسسات خلال العام الدراسي الحالي ألفين و 133 طالباً وطالبة تم قبول نحو ألف و 198 طالباً وطالبة موزعين في 43 تخصصاً تقنيا ومهنياً منهم 158 طالبة في مختلف المجالات.أما مديرة إدارة تعليم وتدريب الفتاة ومشاركة المجتمع بمحافظة الحديدة فتحية حيدرة فقد استعرضت عدد المؤسسات التدريبية في المحافظة والبالغة 6معاهد فنية ومهنية جميعها للذكور باستثناء معهد التعليم التجاري الذي تسجل النساء فيه الغالبية بنسبة 83 بالمائة، فيما بلغ عدد المشاغل الخاصة في مجال الدورات التدريبية القصيرة 11 مشغلاً يقدم دورات الخياطة والتطريز والتفصيل الحياكة والأشغال اليدوية والكوافير والحاسوب.وبلغ عدد الطلاب الملتحقين في التعليم الفني والمهني بالمحافظة خلال العام الجاري ألفاً و 86 طالباً وطالبة منهم 66 طالبة فقط بنسبة مشاركة 6بالمائة، وارتفعت نسبة الملتحقات في الدورات التدريبية القصيرة في المشاغل إلى 750 طالبة خلال الفترة نفسها، فيما بلغ عدد الكادر الأكاديمي في مؤسسات التدريب الفني والمهني بالمحافظة 223 معلماً ومعلمة، منهم37 معلمة.وأكدت حيدرة أن التعليم الفني يتأثر بكثير من العوامل البيئية والاجتماعية والاقتصادية ما أدى إلى تدني معدل الملتحقين فيه من قبل الطالبات في مقدمتها تهالك التجهيزات الموجودة في المعاهد، والنقص في وجود المناهج والتخصصات والكادر الأكاديمي، إضافة إلى شحة الإمكانات والتجهيزات وعدم وجود مؤسسات خاصة بالفتاة.وتحدثت مديرة إدارة تعليم وتدريب الفتاة ومشاركة المجتمع في مكتب التعليم الفني بمحافظة حضرموت (الساحل) ليبيا باكونة عن البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية وما يوليه من اهتمام كبير بتعليم وتدريب الفتايات وتشجيعهن للانخراط في التعليم الفني في المجالات الخاصة بهن وإدماجهن في سوق العمل. وأشارت إلى أن إدارة المرأة بالساحل قامت بإنشاء قاعدة بيانات عن الجهات والمؤسسات المهنية بخدمات التدريب الموجهة للمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة وتطوير آلية العمل وتنفيذ العديد من البرامج بهدف تشجيع الفتاة على الالتحاق بالتعليم الفني وفتح تخصصات جديدة تلبي احتياجاتهن .ولفتت ليبيا إلى أن المكتب نفذ خلال الفترة الماضية نحو 26 دورة تدريبية قصيرة في مختلف المجالات التي تلبي رغبات واحتياجات الفتاة استفادت منها أكثر من 490 فتاة، فيما نفذ خلال العام الماضي نحو 12 دورة تدريبية استفادت منها 248 امرأة من 11 جمعية نسوية في مديريات (المكلا، الغيل، الشحر،والديس الشرقية) في مجالات الخياطة والتفصيل وصناعة المجالس العربية،والكوافير والتجميل، وصناعة البخور، والتدبير المنزلي.أما عن تعليم الفتاة بمحافظة لحج فقد تطرقت مديرة إدارة تعليم وتدريب الفتاة بالمحافظة عائدة عاشور إلى دور المرأة في المحافظة ومشاركتها في عدد من المهن النسوية كالصناعات الحرفية والخزفية التي لاتزال تمارس حتى الآن،وطموحها المستمر في النهوض بالقطاع النسوي بالمحافظة من خلال التدريب والتأهيل وتنفيذ دورات قصيرة في مختلف المجالات التي تلبي رغباتها وتمكنها من التنمية الاقتصادية وتأمين الحياة المعيشية للأسرة.وأشارت عاشور إلى تدني عدد الملتحقات في التعليم الفني بالمحافظة على الرغم من الجهود التي تبذل لرفع عددهن بسبب العادات والتقاليد والثقافة المجتمعية والنظرة المقتصرة على ان هذا التعليم خاص فقط بالذكور مبينة في هذا الصدد انه يوجد 17 طالبة في المعهد التقني الزراعي، و19طالبة في المعهد الصناعي (بومدين)، و3 طالبات في المعهد المهني الصناعي بالحبيلين، فيما استفادت 147 امرأة من الدورات القصيرة المنفذة في المحافظة خلال السنوات الأربع الماضية في مختلف المجالات المهنية والحرفية .وشددت على ضرورة توفير المسوحات والدراسات عن احتياجات التدريب في مجال المصنوعات التقليدية والحرفية إضافة إلى تنفيذ برامج تدريبية في مجالا الحرف التقليدية والموروث الشعبي الذي تزخر به المحافظة خاصة في مجال (العطور، الفخار، والعزف).وتطرقت مديرة إدارة تعليم وتدريب الفتاة بمحافظة البيضاء نبيلة بادي إلى الجهود التي تقوم بها في عملية تدريب الفتاة وإدماجها في خطط التنمية من اجل تحسين مستوى معيشتها وتخفيف الفقر والحد من البطالة بين أوساط النساء.. مؤكدة حاجة المحافظة للنهوض بواقع المرأة من خلال تفعيل مراكز التدريب القائمة ورفع كفاءتها وإمدادها بالتجهيزات والمعدات اللازمة وتوفير المدربات من اجل استقطاب المتدربات والترويج الإعلامي في هذا المجال.ولفتت بادي إلى أن محافظة البيضاء تشهد حالياً نموا كبيرا وتوسعاً في مختلف الجوانب «السكانية،الاقتصادية،الاجتماعية،الزراعية، العمرانية»، لكنها تفتقر إلى وجود خدمات التعليم الفني والمهني .. مشيرة إلى أن إدارة تعليم الفتاة بمكتب التعليم الفني بالمحافظة ساهمت في صياغة وثيقة الإستراتيجية الوطنية للتعليم الفني لتحسين فرص التدريب للمرأة ودراسة احتياجاتها اللازمة في مجال المؤسسات والمجالات لكل المستويات حيث بلغت الاحتياجات 4 معاهد مهنية ومعهدين تقنيين وكلية مجتمع .واستعرضت التخصصات التي تحتاجها الفتيات بالمحافظة بناء على طبيعة المنطقة والمتمثلة في»فن الأريكة والديكور،فن الزخرفة على الزجاج والرسم على الرمال، فن السيراميك، فن الفخار، العزف بأنواعه، تنسيق الزهور، الحفر على القص والقمريات، الرسم على الأقمشة» بالإضافة إلى التخصصات الموجودة حالياً وهي (كوافير وتجميل، حياكة وتطريز وتفصيل أزياء، تجاري عام، تدبير منزلي، الحاسب الآلي، صناعة غذائية، المحاسبة والإدارة).أما بالنسبة لوضع تعليم الفتاة فنيا ومهنيا في محافظة عمران كما تقول مديرة إدارة تعليم وتدريب الفتاة بمكتب التعليم الفني تصحيح البدوي، فانه متدنى للغاية رغم أن نسبة الفتيات في عمران أكثر من الذكور، لكنهن لا يواصلن الدراسة .وأشارت إلى أهمية تدريب وتعليم الفتاة وأثره الايجابي على الأسرة والمجتمع من خلال الفوائد «الدينية، والأخلاقية، والسلوكية، والتربوية، والصناعية،والتجارية، والحرفية».. داعية إلى ضرورة التنسيق بين وزارتي التربية والتعليم والتعليم الفني لإيجاد معاهد خاصة للفتيات قريبة تراعي ظروفهن وتلبي احتياجات سوق العمل في المحافظة .ودعت مديرات إدارات المرأة بمكاتب التعليم الفني بالمحافظات الجهات المعنية في الحكومة والسلطات المحلية ومنظمات المجتمع إلى إعداد إستراتيجية إعلامية متكاملة للتغلب على التحديات التي تواجه تعليم الفتاة والمذكورة سابقا، وذلك بتغيير المفاهيم والتصورات السلبية تجاه تعليم وتدريب الفتاة من قبل المجتمع .وأكدن أهمية التوسع في إنشاء المعاهد الحكومية الخاصة بالفتيات حسب المعايير والمقاييس الدولية لتعليمها وتدريبها، وفقاً للتجهيزات والتخصصات التي تلبي رغباتها في مختلف المجالات الفنية والمهنية التي يحتاجها سوق العمل.كما شددن على أهمية إعداد دراسة بالمهن الخاصة بالفتيات التي تتطلبها سوق العمل وإيجاد آلية للتنسيق بين القطاع الخاص والجهات المشرفة على التدريب المهني لمعرفة الاحتياج من التدريب ونوعيته، وكذا توعية وإرشاد مخرجات التعليم الأساسي والثانوي بأهمية التعليم المهني في بناء الاقتصاد الوطني، إضافة إلى إيجاد آلية مع قطاع البنوك يتم بموجبها منح قروض ميسرة لخريجات التعليم الفني لتأسيس مشاريعهن الخاصة .