أمين عبدالله إبراهيممن مظاهر اهتمام الشريعة الإسلامية بالطفل قبل ولادته أنها أرشدت الوالدين إلى أن المباعدة بين فترة الحمل نسبياً بين الطفلين مطلوبة حيث أنها المدة التي يستكمل الطفل فيها رضاعة وفطامه، ومن ثم أصبح واجباً على الوالدين المباعدة بين فترات الحمل كأحد العوامل المؤدية إلى إيجاد أطفال يحظون بالرعاية الحسنة وعدم تعريض الأم للأخطار المتعددة التي تترتب عن الحمل المتكرر المتوالي دون الفصل بفترة زمنية كافية، حتى تسترد الأم كامل صحتها وحتى تعطى الفرصة الكافية للتربية السليمة للأطفال. وإذا كانت مدة الطفل غالباً تسعة أشهر وفترة الإرضاع سنتين كاملتين لمن أراد أن يتم الرضاعة ، والحمل في هذه الفترة محذر منه ، منهي عنه، فإن الفترة التي ينبغي أن تكون بين الطفل والآخر تشارف على هذه المدة، والله تعالى يقول عن الإنسان في حياته الأولى: ( ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهراً ) سورة الاحقاف آية (15) ، وبهذا تبرز عناية الله تعالى بالطفل في هذه الفترة وما ينبغي أن يكون من سلوك الوالدين إزائه فيها. ولقد أباحت الشريعة الإسلامية تنظيم الأسرة بأن أرشدت الزوجين إلى أنه ليس هناك مانع شرعي أو عقلي يمنع من أن ينظما حياتهما من حيث إنجاب الأطفال مادامت هناك ضرورة صحية أو نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية تدعو إلى ذلك، ويظهر ذلك واضحاً حيث أجاز الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حين سأله أصحابه عن ذلك ، وهو منع وصول ماء الرجل إلى ماء المرأة والحيلولة دون التقاء الحيوان المنوي للرجل ببويضة المرأة مع التنبيه إلى أن الأخذ بالأسباب لا يمنع قضاء الله تبارك وتعالى فما قدره الله لابد أن يكون ، ولقد وردت أحاديث كثيرة تدل على ذلك، منها عن جابر قال: ( كنا نعزل على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن ينزل ) ، وأيضاً ماروي عن أبي سعيد الخدري يقول، سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن العزل فقال: ( ما من كل الماء يكون الولد وإذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء ). ولقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة بين المنع والإباحة نظراً لكثرة الأحاديث ووجهة نظرهم فيها فلا داعي للاستفاضة في ذلك، فالإسلام يدعو إلى الحياة السعيدة بين الزوجين ويرسم لهما طريقاً واضحاً ويحدد لهما ماهو حلال وماهو حرام، ثم بعد ذلك يعطيهما الحرية الكافية لتصريف حياتهما في إطار شريعة الله تعالى وفي حدود مكارم الأخلاق. وللتوضيح أكثر لما تم طرحه آنفاً ، فقد أكد علماء وفقهاء الإسلام والمسلمين الأفاضل على أن القدرة المادية المشترطة في الزواج ابتداء تظل مشترطة فيما يتعلق بالذرية، فمن أدى إنجابه إلى الإضرار بالذرية أو بالأم أو بالأسرة عليه أن يسعى أولاً في تحصيل ما ينفق به على ما ينجبه وعلى من يعوله، ثم يأخذ وسائلة إلى الإنجاب ، ولا ينبغي هنا أن يتصور أحدتنا في هذا مع الإيمان بأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، فهو سبحانه يأمر بالأخذ بالأسباب والوسائل لهذا الرزق، يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ( كلكم راع وكلكلم مسؤول عن رعيته، الأب راع في بيته ومسؤول عن رعيته )، ولاشك أن أولى الناس بالرعاية والاهتمام هم الأطفال بالنسبة لآبائهم، وأنه لا إثم أفدح من إثم من ينجب بنين وبنات ثم يتركهم دون تربية أو تقويم أو رعاية أو أنفاق ، وهنا قال رسول الله صلى الله آله وسلم: ( كفى بالمرء إثماً أن يضيع عن يقوت ) وفي رواية من يعول .. كما قال أيضاً داعياً: ( اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء ) ، وحينما سئل عن جهد البلاء قال : قلة المال وكثرة العيال.
|
الناس
الشرع .. وتنظيم الأسرة
أخبار متعلقة