في أطروحته «صورة الآخر في الكتب المدرسية اليمنية» ..د. مبارك سالمين: 2-2
أجرى اللقاء/ عبدالله الضراسيكعادته في كل محافل تواجده كان أديبنا الشاعر الكبير الأستاذ مبارك سالمين مبارك (المدرس بقسم علم الاجتماع بجامعة عدن بمثابة (علامة نجاح فارقة) ويثير حضوره أكثر من تساؤل (ثقافي وفكري) ومثلما كانت بدايته (الأدبية الشابة) منذ أكثر من ثلاثة عقود كأحد الأحصنة الإبداعية (في رهان السبق) مع كوكبة أدبية ناعمة (هيثم / عبدالرحمن إبراهيم/ شوقي شفيق/ حبيب سروري/ حمزة هب الريح..) لهذا كان ومازال (جذوة ثقافية متقدة) وحضوراً متألقاً وصاحب (صوت وحنجرة شعرية) تعد امتداداً لمدرسة الشاعر الكبير العملاق (الأستاذ عبدالرحمن فخري). لهذا فقد أثارت حلقة نقاش رسالة أطروحة الدكتوراه (بكلية آداب جامعة صنعاء) حضوراً نقاشياً وعلمياً متميزاً (حصدت) معه رسالته العلمية الموسومة (صورة الآخر في الكتب المدرسية اليمنية) تقدير أمتياز مع مرتبة الشرف وكذا التوصية بطباعة رسالة الدكتوراه (على نفقة) جامعة صنعاء والعمل على تبادلها مع بقية الجامعات يمنية وعربية تقديراً منها لثرائها العلمي الرفيع.[c1]إشكالية الدراسة* ماذا عن الإشكاليات التي رافقت سير عملية تحضير أطروحة الدكتوراه؟[/c]-يمكن القول بهذا الصدد واستناداً إلى ما تقدم فإن إشكالية الدراسة يمكن تحديدها فيما يلي:- البحث عن صورة الآخر كما يرسمها (الأنا) و(النحن) في متون كتب مادة التاريخ لمرحلتي التعليم الأساسي والثانوي في اليمن.- محاولة فهم ميكا نيزمات بناء صورة الآخر في الكتب المدرسية اليمنية وبالذات في كتب مادة التاريخ أي التعرف على كيفية الصورة التي يرسمها أفراد نسق اجتماعي وثقافي ما للآخرين والتعرف على المرجعيات الفكرية والثقافية والتاريخية التي تدفع بنا إلى رسم صورة الآخر على نحو ما دون سواه.ولتحقيق عملية الوصول إلى دراسة معمقة لهذه الإشكالية فقد (اعتمدنا) في سير الدراسة على مجموعة من الفرضيات يمكن ترتيبها على النحو التالي:-1 - الكتاب المدرسي إنتاج فكري موجه بالضرورة ونصوصه ليست عفوية في مضامينها وهو حامل لثقافة ما والآخر حاضر في كل هذا.2 - كتب مادة التاريخ في مدارس التعليم الأساسي والثانوي تعتبر من أهم الكتب المدرسية كميدان للحديث عن (العظمة القومية والوطنية في البلدان العربية والإسلامية ولهذا فإن تجليات صورة الآخر تكون أكثر وضوحاً في متونها).3 - هناك صورة للآخر في مضامين كتب التاريخ وهي صورة (تبننئ) بأننا لسنا في وئام معه.4 - هناك صورة نمطية،سلبية عن الآخر في مضامين كتب التاريخ المدرسية.5 - الآخر هو العدو الطامع على الدوام.6 - صورة الآخر لدينا قد تكون رد فعل على الصورة التي رسمها لنا.7 - تتشكل صورة الآخر لدينا في خضم الظروف الاجتماعية والسياسية ومن أحداث ومتغيرات في التاريخ والحاضر.[c1]قراءة الآخر* في ضوء هذا التطواف العلمي الجاد معكم ومن خلال رسالة أطروحة الدكتوراه والتي(نلتموها) بامتياز ومع مرتبة الشرف كيف نقرأ هذا الآخر؟[/c]- يمكن أن نقراها بداية كبعد لغوي وكما جاء في(لسان العرب) الآخر بمعنى كقولك رجلٌ آخر وثوب آخر،أي ألأشياء(مغايرة) أو مختلفة،مثل توأمين متشابهين لدرجة أن الناس يجدون صعوبة في تحديد أحدهما عن الآخر،واحداً بعد الآخر في التتابع مثلاً،ليسا معاً أو الوجه الآخر من الورقة مثلاً..ويعرفه قاموس(oxford)كصفة other: different) .other pLaces peopLe or things are differentفالآخر إذن هو المختلف عن غيره،وبالاستعانة بالمنطق نقول مثلاً(أ)ليس(ب)أي أن(أ) مختلف عن(ب)فألف آخر بالنسبة لـ(ب)والعكس صحيح،أو الشرق مختلف عن الغرب-على الأقل- من الناحية الثقافية،والآخر عند(أرسطو) المستبعد وهو الغريب الذي لم يتمكن من استخدام وفهم اللغة المشتركة،والآخرعند(جورج أورويل)حاكم مستبعد (مرجع البطانية 2004م حد15)والآخر قد تكون آخريته لجهة انتسابه الديني والثقافي،لمبدأ أو مذهب أو مدرسة فكرية.الآخر جزء من حياتنا كأفراد وشعوب ودول نتداخل معه ونتأثر به ونؤثر فيه،إنه لا يمكن إلغاء الآخر (مرجع حسين الصغار2004م ص20) ذلك لأن إلغاء الآخر وتهميشه- أو حتى تصور ذلك- يؤديان إلى الخصومية والنزاع...ويقول تعالى(فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) سورة الحجرات،الآيه6.وبسبب تعدد معاني الآخر فأننا فيما يخص هذه الدراسة،يمكن أن نحدد إجرائياً- ولو بصورة أولية - بأنه غيرنا ثقافياً ودينياً.واستناداً لما تقدم فأن(صورة الآخر) وهو المصطلح(الرئيس) لهذه الأطروحة فقد(عرفناه) كما يلي:- الصورة الذهنية أو العقلية التي نخلقها،نرسمها نحن كمجتمع للمختلف عنا دينياً وثقافياً بالدرجة الأولى،من أهل الثقافات والأديان الأخرى،المختلف عنا ثقافياً كعرب وكمسلمين ونستثني إجرائياً من ذلك الآخر الشرقي لاعتبارات ثقافية وجغرافية،كما نستثني الآخر القريب الذي يقيم معنا في نفس الفضاء الاجتماعي والثقافي والاختلاف معه لا يشمل عناصر جوهرية إنما هو اختلاف سياسي أو أيديولوجي أو جهوي صرف قد يكون مختلفاً حتى في الدين ولكن في إطار نفس الثقافة العربية الإسلامية لأننا نستهدف الآخر ثقافياً والثقافة في معناها الواسع يمكن اعتبارها كمجموعة مظاهر روحية ومادية وثقافية وانفعالية ذات خصوصية تطبع مجتمعاً أو مجموعة اجتماعية وهذا لا يشمل الفن والأدب فقط،بل وأشكال الوجود والحقوق الجوهرية للإنسان وأنظمة القيم والتقاليد والاعتقادات الدينية(مرجع بوبيه1987م ص144)أي أن مسألة الدين يمكن أن تتدرج في الإطار الثقافي العام لأي جماعة إنسانية ولكنها ليست الأمر الوحيد المختلف في المختلف عنا ثقافياً،فقد نجد في الماضي والحاضر جماعات مختلفة دينياً(مثلاً المسيحيين والمسلمين في مصر وبلاد الشام)لكنها تندرج في نسق ثقافي عام.[c1]منهاج الدراسة :* أخيراً..هل لكم أن تحدثونا عن منهاج الدراسة الذي أعتمدتوه خلال أطروحة الدكتوراه؟[/c]- اعتمدنا على منهج الدراسة الذي يقوم على أسلوب أو تقنية (تحليل المضمون cont ent analysis) وهذا الأسلوب أو التقنية والمتعارف عليه منهجاً قد أصبح معروفاً في العلوم الإنسانية العربية لاسيما الإعلام والتاريخ والاجتماع نطاق وعلى نطاق واسع، وبالرغم من (ندرة) تطبيقاته يمنياً حتى الآن إلا أننا نعتقد بأنه المنهج والتقنية التي كانت ملائمة لدراستنا، خاصة في مجال تقدير المكانة التي تشغلها الموضوعات ذات العلاقة لموضوع أطروحتنا للدكتوراه (من حيث عدد الصفحات ونسبة الموضوعات إلى إجمالي حجم الكتاب)وقد عملنا في إطار تحليل المضمون لاستخدام أكثر من وحدة تحليل للدراسة التطبيقية ابتداء من كلمة word وما أنسحب عليها من مكونات كالجمل والمقاطع مروراً بالموضوع theme ومعايير المساحة والزمن space and time وقد قمت على تصميم هيكل الدراسة وفصولها ومباحثها بالارتباط مع إشكالية الدراسة وفرضياتها وذلك لسبب منهجي يمكن في طبيعة المنهج المستخدم في دراستنا الذي قد حددته بمنهج (تحليل المضمون) وذلك كي لا يتحول التحليل إلى مجرد وصف كمي لصورة الآخر في الكتب المدرسية اليمنية (عينة الدراسة) بدون غاية أو هدف ودون ربط جناحي منهج تحليل المضمون (الكمي والكيفي في وحدة واحدة لمعالجة النصوص المراد دراستها، كما أن ربط عناوين الفصول والمباحث بالقضايا المحورية التي وردت في إشكالية الدراسة وفرضيتها يعد أمراً مهماً لتحقيق المزيد من التماسك لا جزائها خاصة وهي دراسة يغلب عليها الطابع النظري وليست ميدانية يمكن أن تتكئ على مضامين أدواتها مثلاً وعليه فأن فصول الدراسة قد توزعت كالتالي:* الفصل الأولى: وقف أمام الإطار النظري والمنهجي للدراسة.* الفصل الثاني: دراسات سابقة.* الفصل الثالث: تضمن قراءة ومحاولة لتحليل الخطاب في الأسس والوثائق التربوية المنهاجية التي تشكل قاعدة بناء المناهج والكتب الدراسية.* الفصل الرابع: سمات ومكونات صورة الآخر في كتب مادة التاريخ في مرحلة التاريخ الأساسي.* الفصل الخامس: سمات ومكونات صورة الآخر في كتب مادة التاريخ في مرحلة التعليم الثانوي.* الفصل السادس (صورة الآخر لدينا هل هي رد فعل على صورتنا لديه؟* الفصل السابع: نتائج الدراسة ومقترحاتها.[c1]كلمة أخيرة :* على أثر توصلكم إلى هذا الجهد العلمي الرفيع ما هي الكلمات التي تقف (موازية) له؟[/c]- في ختام هذه (التطوافة) كما أسميتها لا يسعني إلا أن أشكر عدة (فيالق جميلة) وقفت معي في هذا المشوار من (تعب الدكتوراه الجميل!!) بدءاً من شريكة حياتي وأسرتي الجميلة والمكافحة (أبنائي وبناتي) لأنهم كانوا معي في نفس خط معاناة الدكتوراه وكذا أسرة الرسالة (أ. عبده علي عثمان وأ.د/ عادل مجاهد الشرجبي وأ.د/ سمير عبدالرحمن هائل الشميري) وكذا أحبائي بفرع عدن..وإذا من كلمة (صادقة) بهذا الصدد لا بد من أن أذكر أن (المزاج الشعبي المدني الثقافي) قد أستبق هذا الحدث منذ مدة وكرمني بهذا اللقب بشكل ثقافي عفوي، عندما كان يطلق على شخصي المتواضع (دكتور مبارك سالمين) سواء في الفعاليات أو المنتديات ... حتى أن كتاب مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة عندما صدر في فعالية جائزة عام 2009م (تصدر) صورتي وكلمتي لحفل عام 2008م بأسم الدكتور مبارك سالمين بمناسبة العام وهي (شهادة إستباقية) أحترمها وأعتز بها لكونهم مجتمعاً ثقافياً مدنياً) شرفني قبيل حصولها (أكاديمياً) وهي دلت على مدى مبادلتهم الوفاء الثقافي لي حينما تلقوا إحساسي بمبادلتهم الوفاء بالوفاء وبقدر ما كنت (محرجاً) من هذا اللقب العلمي المسبق؟ بقدر ما كنت سعيداً لهذا (المزاج الشعبي المدني الثقافي) وهي كانت شهادة ثقافية استباقية أحسست معها بالفرح وهي ما ذكرتني بما حصل لي في (تونس) عندما نلت درجة الماجستير حاول (ربع تونسي ثقافي) إبقائي هناك للدراسة والتدريس وبالفعل (قمت) بجانب هذا بغية استكمال (مقعد الدكتوراه) !!! ولكن كما يقول المثل (لا كرامة لنبي في وطنه) حيث قوبل طلب التوانسة برد عجيب من الداخل!!!ومع هذا أشعر بأن ما حصل لي بهذا الحدث كان قد سبقه (إشارات) مدنية ثقافية هنا وهناك بالترحاب الأجمل والأرقى وهو ما يضاعف من مهمتي ما بعد الدكتوراه.