لم أجد معاذ الجنيد إلا شاعرا مبدعا ملهما موهوبا متألقا مجيدا لتطويع لآلئ الكلم, وناهلا لمعين الأسلوب الشعري البديع.. مرهف الإحساس, سريع البديهة, فاحص النظرة, شاعري القريحة, من جلسة واحدة معه تجد أنك أمام بحر يزخر بلآلئ ودرر بهرت مآقي الجمال, وقل أن تجدها في غيره من الشعراء الشباب.لقد كنت سعيد الحظ أن أصبحت صديقا لهذا الاستثناء في حياة الجيل الصاعد, وهي الفرصة التي أتيحت لي للتعرف عليه عن قرب وكثب, بعدما سمعت عنه الكثير والكثير منذ برز في برنامج «قصيدة التحدي» في قناة فواصل.ويظل معاذ مبدعا حقيقيا امتطى ملكة الشعر منذ صباه, حيث كان طالبا في الثانوية العامة بمحافظة تعز, وما زال سنه صغيرا في بداية العشرينات من العمر, أي أن الأمل بمستقبله مبشر وواعد بأن يصبح له شأن كبير.ولن تفي «معاذ» كلمات الإنصاف البعيدة كل البعد عن المديح, كما أنه لا داعي للاسترسال بها عن موهوب هو في غنى عنها. إلا أن هذا الشاب «الاستثناء» لا يجب أن يكون في غنى عن التعامل «الاستثناء» معه, حيث يجب أن يوليه الجميع قدرا كافيا من التحفيز والتشجيع والتكريم؛ لأنه أصبح فخرا وعلامة مشرقة لكل اليمن.ولقد تنامى خبر إلى مسامعي عن إخفاق الرائع «معاذ» في التمكن من الدراسة بكلية الإعلام جامعة صنعاء, حيث تعتريه رغبة جامحة وعارمة في دراسة الصحافة والإعلام, ولم يتمكن منها بسبب رفض رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور خالد طميم من قبول شهادته التي هي دون المعدل المطلوب للقبول في الكلية, في حين أن هناك, في كل الجامعات وكما هو معروف, حالات خاصة بالمبدعين.وقد أكد لي «معاذ» أنه ذهب لمقابلة رئيس الجامعة وطرح له رغبته في دراسة الإعلام, تقديرا لإبداعه الذي مثّل به اليمن في الخارج بـ«قصيدة التحدي», والذي في ضوئه استقبله رئيس الجمهورية حين عودته, وكرّمه بما يليق. إلا أن رئيس الجامعة لم يتزحزح قيد أنملة عن تطبيق لوائح الجامعة التي هي في الأصل تستطيع أن تستوعب «معاذ» في حالاتها الخاصة بالإبداع. وحين سمع الأخ رئيس الجامعة بأن «معاذ» مبدع قال له: «كلنا مبدعون», وطرح عليه مقترحا في أن يدرس في تخصص الزراعة, بدلا من الإعلام!!.. وكما أعلم فإن «معاذ» لا يرغب بالزراعة كتخصص, ولكنه يتغنى بها وبكل جمال تستحسنه قريحته الشعرية, وكان من الأولى أن يُفتح له المجال للدراسة في كلية الآداب أو فيما يمت إلى إبداعه بصلة.وقد شكلت عبارة «كلنا مبدعون» صدمة لم أتوقعها, ولن يتوقعها أحد من شخصية أكاديمية رفيعة كرئيس جامعة صنعاء, وليتني لم أعلم أن هناك من هم أقل من «معدل درجات» معاذ, وأقل بكثير من إبداعه كانوا قد قُبلوا للدراسة في الجامعة؛ لأني لم أشأ أن أرى الأخ رئيس جامعة صنعاء بهذا التناقض.على أن الذهول اعتراني في أن يكون فخامة رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح قد كرم هذا النابغة, في حين يرفض رئيس جامعة صنعاء تكريمه بقبوله في دراسة الإعلام بالجامعة, حتى أنه لم يعامله كما يجب أن يُعامَل المبدعون.إن التعامل مع المبدعين, أمثال معاذ, يجب أن يكون استثنائيا, كاستثنائيتهم. وعلى جامعة صنعاء قبول الشاعر الملهم «معاذ» بدراسة الإعلام أو بدراسة الأدب, أو أي تخصص يربطه بما أبدع فيه وأجاد وتميز. كما أن على جامعة صنعاء ألا تفوت فرصة تشرفها في أن يصبح هذا الشاعر أحد طلابها.ولنا أن ننتظر, فما زلنا نأمل.من قصيدة كتبها «معاذ الجنيد» حين سمع بموت الطفلة «إلهام» بعد ثلاثة أيام من زفافها :[c1]تزوجني وحشٌ فويح صغيرةٍتصارع مثلي الموت وهي ترائيأحنُّ لحضنٍ دافئٍ ليضمنيفيلتف حولي أخطبوط شقائيفلا والدي يدري بحجم مصيبتيولا سمعت أمي الحنون ندائيفهل وقف الإسلام ضد طفولتي؟ومات بباب الله صوت رجائي؟[/c][email protected]
كرّمه الرئيس وخذلته جامعة صنعاء
أخبار متعلقة