الحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد ثم أما بعد، الصيام ركن من أركان الإسلام ولا يقوم إيمان الإنسان المسلم إلا به، لأن هدم ركن من أركان الدين هدم الدين بكامله، وأركان الدين الإسلامي هي التي لا تقبل النقص، وأركان الإيمان قد يحصل فيها بعض التقصير، لكن أركان الإسلام درجة النجاح التي إذا نقصت درجة واحدة حصل القصور فإذا أختل ركن من هذه الأركان قد يخرج الإنسان من دين الله ومن أنكر صيام شهر رمضان فقد يكفر بإجماع العلماء، وإنكار أي معلوم من الدين بالضرورة، الشيء الثاني إذا ترك الصيام تهاوناً يعتبر في حكم الفاسق ولا يصح له أن ينكر هذا، الشيء الثالث أن الذي يباح له الفطر في رمضان عند فقهاء الإسلام قالوا لا ينبغي أن يأكل أمام الناس وهو مباح له كالمسافر أو المريض احتراماً لمشاعر الناس واحتراماً لقدسية رمضان فرمضان له قدسيته الخاصة إذاً لو أن إنسان في غير رمضان جامع وهو صائم فان هذا الإنسان يبطل صومه في ذلك اليوم، ولكن في رمضان يختلف الأمر فاذا جامع الإنسان في نهار رمضان فهذه مشكلة عليه قضاء ذلك اليوم وعليه الإثم وعليه الكفارة العظمى.إذاً صيام رمضان له تعظيم خاص عند فقهاء الإسلام، مر في التشريع الإسلامي، هذه العبادة عبادة كبيرة وعظيمة جداً لذلك المولى عز وجل كما بين المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، فاذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفت ولا يصخب، فان سابه أحد أو شاتمه، فليقل إني صائم إني صائم) فالأصل أن هذا الصيام عبادة أختص الله بها نفسه وجعل جزاءها وتقدير ثوابها إليه سبحانه وتعالى، فالذي يحرم من رمضان يحرم من خير كبير كما ورد في الحديث (من لم يغفر له في رمضان فمتى يغفر له).الغريب أن يضيع إنسان في هذا الشهر الكريم الذي أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، أيضاً كذلك جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يرتقي إلى المنبر فقال النبي آمين ثم قال آمين ثم قال أتدرون على ما آمنت، قالوا الله ورسوله أعلم، قال جاءني جبريل في الأولى فقال: خاب وخسر رغم أنفه من أدرك أبواه أحدهما أو كلاهما عند الكبر ولم يدخلاه الجنة قل آمين فقلت آمين، وفي الدرجة الثانية قال خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له قل آمين فقلت آمين، وفي الدرجة الثالثة قال خاب وخسر من ذكرت عنده ولم يصلي عليك رغم أنفه قل آمين فقلت آمين.إذا فالشهر هذا عظيم جداً لا ينبغي للإنسان أن يتركه، وقرر علماء الإسلام على أن تارك الصوم في رمضان أشر من الزاني والسارق وشارب الخمر، إذا فالموجود عند علماء الإسلام على أن الفطر في رمضان جريمة كبيرة وأنها ليست أمر هين ولا بالسهل، جاء في الأثر أنه من أفطر يوماً في رمضان لم يقضه صيام الدهر وإن صامه، فهي فرصة وهي نفحة من نفحات الله تبارك وتعالى ينبغي أن يغتنمها الإنسان هي تأتي مرة واحدة في السنة وهي زكاة للعمر وزكاة للجسم وشفاء من الأسقام ومعرفة لما يقاسيه الفقراء من الآلام، هذا الشهر الكريم الذي فيه تضاعف الحسنات وتعلى فيه الدرجات بين يدي المولى سبحانه وتعالى، أما أن يقول انا لم يهديني الله فالله ليس فقيراً إليه وليس محتاج إلى طاعته ولا إلى عبادته لكنه هو المحتاج إلى الله والمحتاج إلى رحمة الله في الآخرة والمحتاج إلى رزق الله في الدنيا والمحتاج إلى ستر الله له في الدنيا والمحتاج إلى أن يضاعف له الله الصحة والعافية في البدن، فنحن ضعفاء فلو حدث صداع أو جلطة لإنسان تخرجه من الدنيا كلها، قال تعالى (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله) فنحن الفقراء إلى الله أن يحفظ لنا صحتنا أن يحفظ لنا أولادنا أن يوسع لنا أرزاقنا، فلا تقل لماذا لم يهديني الله، لان أنا مش راضي أهتدي، أما إذا اهتديت مش ممكن يحرمني، هو الهادي سبحانه وتعالى لكن لابد أن اهتدي أنا أولاً، قال تعالى (الذين اهتدوا وزادهم هدى وآتاهم تقواهم) لكن إذا هربت وأزيغ قال تعالى (فلما أزاغوا أزاغ الله قلوبهم) إذا أنا السبب في الفعل فاذا توجهت لابد أن يقبل الله هذا التوجه، وإن أنا أعرضت فالله غني عني، لكن لو اقبلت إليه حتى ولو قد أعرضت فالله غفور رحيم يقبل مني هذا التوجه، ومعنى غفور رحيم يأتي بعدها غافر الذنب قابل التوبة شديد العقاب، إذا عندما أمرني ولم أمتثل، كيف أقول غفور رحيم، لما أنا قصرت كيف أقول غفور رحيم، لكن عندما أنا تركت الأمر نهائياً وتمردت على أمر المولى سبحانه وتعالى كيف سيأتي معنى غفور رحيم، إذاً فلابد من العودة إلى الله وأن أعمل بالأسباب حتى أنال رضاه لأنه أنا الفقير إليه سبحانه وتعالى، ففي رمضان تضاعف الأعمال وترفع الدرجات وتكتب المغفرة والعتق من النار، والله أعلم.
|
رمضانيات
فتاوى الصائمين
أخبار متعلقة