أضواء
سالمة الموشيلانريد تفسيرا .. نريد حياة . كان جون ستيورات من ينتقد في كتابه «استعباد النساء» الفكرة الرائجة الانتشار والتي تقول إن العلاقات البشرية قائمة على مسألة «طبيعية» ودخل في جدل كبير لتوضيح الفرق بين العادات الاجتماعية والطبيعة وأن ما يتوهمه الناس من فروق فردية بين النساء والرجال مرده إلى الظروف الاجتماعية التي طغت على حياة كل منهما. إن هذا يفسر بأن التمايز بين النساء والرجال سببه سن قوانين لإقرار عجز النساء وعدم أهليتهن، بينما كان من العدل والطبيعي أن يمضي كل منهما الى حيث تؤهله قدراته وهي المحك الحقيقي في مسألة الأهلية. ومن ثم فإن استعباد النساء بالمعنى الذي تطرق له بحث ستيورات مل يدور تحديدا حول هذا المحك تاريخيا واجتماعيا وذهنيا، هذا هو قانون القوة كما عبر عنه ستيورات مل بحيث أصبح واقعا بينما المفترض أنه لا ينبغي النظر إلى قضايا النساء على أن الحكم قد صدر فيها مقدما عن طريق الواقع القائم والرأي السائد، بل لا بد من فتحها للنقاش على أساس أنها مسألة عدالة. اضطهاد النساء لم يكن موجودا منذ البدء، فهو ليس ناتجا جبرية بيولوجية تلقي بثقلها على الجنس النسوي،لا بل ثمة معطيات كثيرة تعود لأسباب متعددة ومختلفة من مجتمع لآخر . إن الوضع في قضايا المرأة ليس محدد الاتجاه أو على قدر من الجدية بالنسبة للمجتمعات خاصة تلك التي تقوم على العرف الاجتماعي والنظام الأبوي، فالرأي الذي يؤيد الأوضاع القائمة للنساء في العصر الحديث والذي لم يتطور إلى حد كبير وجذري يخضع الجنس الأضعف خضوعا تاما للأقوى ولم يكن هذا النظام من اللامساواة نتيجة أفكار اجتماعية حدثت فجأة أو في وقت قريب بل إنه انبثق منذ أمد بعيد فوجدت المرأة نفسها في حالة عبودية لرجل ما تبعا للقيمة التي يضفيها عليها. وغدت منطلقا لعمليات تمييز لا تحصى على حساب النساء في كل دوائر الحياة الاجتماعية. والتبريرات الإيديولوجية والمسبقات المنافقة التي تنطوي على هذه التمييزات جزء لا يتجزأ من القوى المسيطرة التي تعاقبت في التاريخ .وهي بذلك قد طبعت جزئيا على الأقل، ذهنية الطبقات المستغلة، هذه المنطلقات هي التي أسهمت في ما عرف بالردة في عالم المرأة . إن النساء كائنات إنسانية مفكرة وليست كائنات بيولوجية أبدا وبما أن الحرية التي ننشد هي الحرية التي تتيح للفرد أن يعرف كيف يتفاعل معها بشكل سليم وايجابي وان يحسن استيعابها وتحويلها إلى واقع أو منهج حياة يساهم في بناء الإنسان الحر هذا الإنسان / المرأة. إن النساء بحاجة ماسة إلى من يعلمهن كيف يعشن بشكل سليم مع هذه الحرية فهن أكثر حاجة إلى من يفسر لهن هذه الحرية ومدى أهميتها ولأننا تعبنا من الوعظ الفوقي فإننا نريد أن نتعلم كيف نحيا ضمن الحياة الاجتماعية كما ينبغي لحركة الواقع الإنساني. وأن العبرة في تحويل بنية هذه الحرية إلى واقع حياة أو منهج حياة منفتح وعصري تتمثل في السمات الحية التي تتابع طريقها ورحلتها في مسيرة بناء الإنسان، لذلك رأينا أن الإنسان في الأمم المتقدمة والتي عرفت الحرية تنظيرا واستوعبت فلسفتها انعكس ذلك عليها في تحولات فكرية واجتماعية كبيرة. بعكس ما يحدث في نساء «حريم» الرجل الشرقي، فهن لايتذمرن من عدم السماح لهن بحرية المرأة الأوروبية بل يعتقدن أن هؤلاء النسوة الغربيات جريئات بطريقة لاتطاق وعلى نحو يخلو من الأنوثة والأخلاق. إن الحرية التي تشكل منظومة الحقوق الإنسانية هي التعريف الذي نسبته الفلسفة الحديثة للإنسان، فالإنسان عند ديكارت هو كائن الاختيار الحر وهو ملكة الحرية عند كانت، كما أن الفيلسوف هيغل يعتبر أن حرية التفكير والقرار هي السمة الأساسية المميزة للإنسان في العصور الحديثة وأن الحق في الحرية الذاتية يشكل النقطة الحاسمة والمركزية التي تجسد اختلاف الأزمنة الحديثة عن العصور القديمة كما اعتبر جان روسو الحرية صفة أساسية للإنسان واقعا غير قابل للسلب وغير قابل للتصرف.[c1]* صحيفة (الرياض) السعودية[/c]