علي بن علي سعد عيدانالرقص الشعبي هو الأساس في كثير من الألحان الغنائية، وخاصة في أغاني (القمندان) وبعض الفنانين و الملحنين الآخرين، إلا ما وضعه فضل ماطر باجبل من قواعد وأسس للغناء على إيقاعات الرقصات المتواجدة آنذاك، وطورها الأديب والفنان أحمد فضل بن علي (القمندان) حتى وصلت الأغنية اللحجية الى ماهي عليه.نجد أن القمندان أحمد فضل بن علي قد قدم أغاني مثل أغنية (وابو زيد ومسلي على خاطري) وأغنية (الا يا أهل الحسيني منع سكوتي معاكم) وغيرها مايدل على أن القمندان كان عبقرياً عظيماً في إخراج كل هذه الألحان على إيقاعات الرقصات المختلفة، والألحان الأخرى السماعية في فترة لا تزيد على ست سنوات كما أشار الى ذلك الأديب والفنان العبدلي/ عبدالحميد (عبدوه) عبدالكريم، وذلك في مداخلته المقدمة الى الندوة القمندانية في مهرجان القمندان عام 1991م في مدينة الحوطة، حيث قال:(قد أستشف القمندان العديد من الفنون الشعبية التي كانت تمارس بدون أي أدوات موسيقية لعدم وجودها في تلك الفترة الثلاثينات والأربعينيات).وقال: (إن المدرسة القمندانية قد أسهمت إسهاماً فعلياً في بناء الهيكل الموسيقي والأدبي والثقافي وفي مختلف الأشكال الإبداعية).وقال: (وقد كان للشاعر والملحن (فضل ماطر باجبل) الفضل الأول بعد الله سبحانه وتعالى في تثبيت الرقصات الشعبية اللحجية المتواجدة آنذاك، وأستطاع تحريك الراقصين في الحلبة (المدارة) على كل الرقصات ومن أهمها رقصة الدمنم).حيث قال: إن لفضل ماطر باجبل مطلع أغنية:[c1]الليــــــل ياللــــــــه غــــــــــاره للعيدروس ذريـــة عبداللـــــهوالهاشمي ذي جده النجم الأزهرجينا قدا كم بنــــــا الشـــــــارة تــروي الضمـــــا تشفي العلـــةذي بحركم ماليمن الجودة والأزخر[/c]ولاشك في أن( لحج )تميزت في جوانب كثيرة عن باقي المدن اليمنية، وأن الرقص الشعبي هو ايضاً من مميزات لحج ولا شك أيضاً في أن لحج جاءت بوفود تحمل معها من الأدب والفن والرقص، الا أنها تميزت بإعطاء لون واضح بفضل مبدعيها الأولين الذين لم نعرفهم بعد لقلة التنقيبات والحفريات في هذا المجال داخل لحج وخارجها، وما خفي في باطن الأرض كان أعظم.الفضل للمبدعين الذين عرفناهم في أوائل القرن العشرين كالشاعر والملحن / فضل ماطر باجبل، والأديب الفنان / أحمد فضل بن علي (القمندان) والأديب الفنان خليفة القمندان والفنان / عبدالله هادي سبيت حمق، والأديب الفنان عبدالحميد (عبدوه) عبدالكريم العبدلي، وغيرهم ممن عاصروهم في ذلك الوقت.إنهم قد استفادوا من تلك الرقصات الشعبية في إبراز مواهبهم وإبداعاتهم وابتكروا ايضاً رقصات تتناسب مع بيئتهم وطبيعتهم، والجو المشبع بالمرح والرخاء والمحبة وأصبح للحج أكثر من أربع وعشرين رقصة يمكن حصرها في مايلي:-رقصات لاتزال تتداول حتى الآن.-رقصات فقدت ممارستها.-رقصات مهجورة.-رقصات شبه مهجورة.
وقد كانت فترة ازدهار هذه الرقصات أو بعض منها فترة إزدهار الأغنية اللحجية التي تميزت بالذوق وصدق المشاعر، والتصوير الشعري والتنوع للرقصات الشعبية، وعذوبة الألحان، والكل منبهر بريادة الأديب الفنان المبدع / أحمد فضل بن علي (القمندان)، وتمكنه في فترة قصيرة بفضل تعاون الأصدقاء من الأدباء والفنانين الذين قاموا معه بهذه النهضة الثقافية أدباً وفناً في فترة لا تتجاوز ست سنوات، أمثال الأديب المرحوم حسن أفندي والأديب الشاعر/ صالح فقيه والشاعر الشعبي مسرور مبروك.ويمكن تقسيم الرقصات إلى مايلي:ـ رقصات تقدم على إيقاعات تستخدم فيها الرقص والغناء وأدواتها الهاجر والمراويس والدربوجة والدف، وتقدم من خلال الأغاني كرقصة الشرح والزفة والمركح.ـ رقصات تقدم على إيقاعات تستخدم فيها الطاسة الشعبية والمرفع والطبل مثل رقصة البرع والعسكرية والبتل والهندية واعلى ام سيف والشدة، وكل هذه الرقصات ليس فيها غناء.ـ رقصات تقدم على إيقاعات الهاجر والكابر والرواو والبرق وهي رقصات تقام في المواليد لأولياء الله الصالحين في مدينة الحوطة وضواحيها، مثل رقصة التوحيد، والمزف، والجذبة.هناك رقصات لاتزال تمارس وشبه مهجورة، وهي رقصات تمارس مع الغناء ولكل رقصة لحنها وشعرها في إيقاعها المتميز في طريقة لعبها .. ومن هذه الرقصات :ـ رقصة الدحفة: وهي رقصة شعبية يقوم بأدائها رجل وامرأة وامرأتان في المدارة (الحلبة) ويستخدم لأدائها ايقاعات (الهاجر والمراويس) وهي خفيفة السرعة في الحركة، وفيها يحاول الرجل اختطاف أي شيء من المرأة أكان خاتماً أو مرية (عقد) او المقرمة (الطرحة) بينما المرأة تحترس من أن يخطف منها الرجل أي شيء عند اقترابه منها.ـ رقصة الرزحة: هي رقصة شعبية يقوم بأدائها صفان من الرجال والنساء .. وهذه الرقصة تقام أيام جني المحاصيل (الصريب) وقد ان القمندان مهتماً بهذا الموسم موسم (الصريب) فهو يتابع العاملين والعاملات في الصريب طول النهار وحركاتهم وأغانيهم أثناء العمل، والمساء يكون القمندان قد وضع لما شهده في النهار ألحاناً راقصة يقوم بأدائها الرجال والنساء في المساء كاحتفال بفرحة موسم الصريب.وفي هذه الرقصة - رقصة الرزحة يتقابل الصفان في إيقاع منتظم يدق الرجل ساقه اليمنى بالأرض ويسير صف الرجال بالايقاع نفسه حتى يصل إلى الصف الآخر، صف النساء المقابل له مقترباً، ثم يعود إلى الخلف حتى يصل إلى موقعه السابق بالحركة نفسها.ثم يقوم الصف الثاني - صف النساء بالطريقة نفسها بينما أصحاب الإيقاع (الطبول يتجولون في وسط المدارة (الحلبة) ومن أغاني هذه الرقصة أغنية (وابو زيد يا مسلي على خاطري) للأديب الفنان أحمد فضل بن علي القمندان.رقصة الدمندم: وهي رقصة يستخدم لأدائها الطبول (الهاجر والمراويس) ويلعبانها رجل وامرأة وتمتاز هذه الرقصة بالخفة وسرعة التحرك في المدارة (الحلبة) ويدور الرجل الراقص حول المرأة الراقصة بخطوات سريعة لكن المرأة تبتعد عنه كلما اقترب منها.وهذه الرقصة، تقوم في موسم الحصاد (الصريب) وأيام الأفراح والمواليد وتلعب على أغنية (شرحي كيه سمعوا الأوضاف) وهي لاتزال تمارس في مدينة الحوطة وضواحيها في المناسبات وحفلات الزواج.أما رقصات الحناء أو على أم حنا ونجيم الصباح فهي رقصات اختتام سهرة المخدرة التي أصبحت مشهورة وتقام هذه الرقصات على العود والهاجر والمراويس والمزمار في وقت متأخر من الليل حتى يضيء الصباح.هناك رقصات شبه مهجورة كانت تمارس في فترة ما قبل الاستقلال عام 1967م وهي رقصات على الطاسة الشعبية التي تمارس في مناسبات الزواج وفي الحفلات الرسمية في الأعياد (عيد الفطر وعيد الأضحى) ولها طقوس معينة منها:رقصة البرع: وهي رقصة يقوم بها الرجال في حفلات الزواج على الطبل والطاسة والمرفع والجنبية والسيف وليس لهذه الرقصة أغنية.وهناك رقصة الهندية التي تقام بعد غسل العريس، وكذلك رقصة (واعلي أم سيف) التي تقام في زفة العريس قبل غسله في الحارة أو الحي حتى شارع المدينة (الحوطة) في صفوف متراصة رافعين الجنبية في أياديهم يهزونها على مستوى رؤوسهم، وأمام هذه الصفوف فرقة الطاسة، ويرددون ويدندنون بكلمات (وا على أم سيف وا على أم سيف جبنا سيف وا على أم سيف) ويرقصون حتى يعودوا بالعريس إلى بيته ومن ثم يغسلونه بالماء مع زغاريد النساء.هناك رقصات أصبحت مهجورة كلية لم تمارس منذما قبل ثورة 14 أكتوبر بسنوات مثل: رقصة السيارى التي تقام على إيقاع الطاسة والمرفع عند خروج سلطان لحج آنذاك في يوم عيد الفطر أو الأضحى.رقصة الجريد: وهذه الرقصة تستخدم فيها الطاسة الشعبية والمرفع والطبل وهي تقام لسباق الخيل في أيام العيد الثلاث أمام قصر السلطان وتسمى بالمحف، وكذلك على إيقاع الطاسة الشعبية يكون محف الجمال.ويقام هذا المحف أيضاً في زيارات أولياء الله الصالحين كزيارة سفيان وولي الله الصالح (حسن البحر) وعمر بن علي) في مدينة الوهط، ولهذا المحف إيقاع خاص تقوم الخيول والجمال بالجري بطريقة راقصة منتظمة يشعر المرء أنها ترقص على هذه الإيقاعات.إيقاع رقصة مخرج البيرق: هذا الإيقاع الراقص لمخرج البيرق في مواليد أولياء الله الصالحين حيث يحمل البريق وهو عبارة عن عمود طويل من القنا في نهايته العليا هلال معدني ومن تحته بقليل أجراس صغيرة تحدث أصواتاً متناسقة من إيقاع الطبول ورقصة حامل البيرق.هذه الرقصة تسمى رقصة «المزف» إي زفة مخرج البيرق من حجرة ضريح ولي الله الصالح في القرية أو المدينة إلى بيت القييم كما هو مزف البيرق لمولد ولي الله الصالح سفيان بن عبدالله في قرية سفيان الحوطة في بيت الكرود في حارة وحيدة شرق المدينة.وهنا وبعد صلاة العصر يكون خروج البيرق من ضرح ولي الله الصالح حيث يصطف الأعيان والفقهاء وبعد أصحاب الطاسة الشعبية، وبدء السير مع الأناشيد النبوية، ويلحق به على مسافة ليست بعيدة أصحاب الطبول والراقصون «المجاذيب» يرقصون على إيقاعات الزفة مع تحريك البيرق، يسيرون مسافة ويقفون يقولون الزامل ثم يستمرون في السير مع الرقص حتى يصلون إلى بيت القيم.غير أن هناك ظاهرة في بعض المواليد تسمى (التعريش) كما شوهد ذلك في مولد سفيان في بيت الكرود في طقوس دينية يصعد أحدهم على البيرق إلى أعلاه ويضع أسنة الهلال الموجودة في أعلى البيرق في بطنه وينام عليه رافعاً يديه ورجليه أما الناس مع زغاريد النساء في هذا التعريش، ثم ينزل من على البيرق وبالطبع هناك رقصات لم ندركها نحن في عصرنا( الأربعينات والثلاثينات) لأجدادنا الأوائل ونتخيل في تلك الفترة من مشيخة العبادل (1114هـ إلى 1250هـ) وفترة سلطنة العبادل (1250هـ) إلى الأربعينات من القرن العشرين (1950م) (1362هـ) توجد رقصات، وأن ما جاء به الشاعر والفنان فضل ماطر با جبل امتداد للآسلاف الأولين.وهناك أيضاً رقصات قادمة من خارج البيئة اليمنية والتي بعضها تمارس في لحج وعدن مثل رقصة المسيمبا) ورقصة (الليوة) ورقصة (الطمبرة) ذات الإيقاعات الإفريقية، وكانت لها صولات وجولات في عدن ولحج وكان لها فرق وأعضاء ينتسبون لهذه الفرقة أو تلك ولها أنصار يدعمونها مادياً ومعنوياً، وهم متعصبون لفرقهم مثل فرقتي (العونطرة) و (الغروب) في رقصة الطمبرة في مدينة الحوطة.