مهرجان العرس العربي يحتفل بزينة البدو في ليبيا
باريس/متابعات:قدم مهرجان العرس العربي الذي تحتضنه العاصمة الفرنسية كل خريف، والذي يحتفل بالموروث العربي الإسلامي المتعلق بالأعراس والأفراح في سياق ثقافي اجتماعي نوعي الأهمية والدلالة، قدم فرصة نوعية لعشاق الصورة للتعرف على وجه حضاري غير معروف من الصحراء الليبية.وذلك من خلال معرض الفوتوغرافية الليبية الكندية جميلة الوحيدي؛ الذي رصد لزينة البدو في الصحراء الليبية، خاصة في مناطق هون وقبائلها العربية الأصيلة.وقد اعتبرت إدارة المهرجان من خلال النشرة الإعلانية المصاحبة للمعرض، هذه المشاركة كشفاً له قيمته الكبرى عن جماليات المخزون الحضاري الذي تتمتع به البوادي الليبية. ودعوة رائعة للإبحار نحو هذه الأبعاد الحضارية التي انغلقت على نفسها بكثير من الغيرة.حيث تطل صور جميلة الوحيدي من خلال هذا المعرض الذي زركش فضاء شهر الصورة الباريسية في دورته الثلاثين بألوان قوس قزح، وما ورائيات ألف ليلية وليلة. والتي جاءت معطرة بعبق الصحراء الجميلة، ومتكيئة إلى جماليات السحر العربي، وقيمة الزينة البدوية التي توظف بإبداع خلاق معدن الفضة في سياق خرافي الجمال والجلال. تشرح السيدة زبيدة شرقي مديرة المهرجان للعرب في هذا الصدد: ( أود أن أحيي بصدق هذه المشاركة الاستثنائية، والتي هي الأولى من نوعها في فرنسا لفنانة ليبية، حملت لنا على صحن من (فضة) أسرار الأعراس وجماليات زينة البدو في الصحراء الليبية. وهو ما كان غائباً تماماً عن الساحة الفنية الفرنسية؛ حيث لم تسمح طبيعة العلاقات الثقافية غير المباشرة بين ليبيا والفضاء الفرنكوفوني بأن نتعرف عن قرب عن الخزائن الثقافية والحضارية الرائعة التي يتمع بها هذا البلد الحبيب على قلوب الفرنسيين، خاصة من أبناء جيل المهجر).وتواصل: (ما يمكن أن أؤكد عليه هنا أن هذا المعرض المميز قد جذب الانتباه بشكل لافت، خاصة من طرف أبناء الجيل الثاني والثالث من الهجرة. حيث مجرد أن عرفوا بمشاركة ليبية في المهرجان، حتى صاروا يبحثون عن موقع المعرض... ويتوقفون بكثير من الإعجاب والرغبة في معرفة المزيد أمام كل صورة).وأضافت: (لقد كنت على وعي بهذا الغياب بالنسبة للحضور الليبي في التظاهرات الثقافية في فرنسا. وقمت بتوجيه الدعوة لبعض الرموز الليبية هنا للمشاركة في التظاهرة، والإطلالة على الجيل الذي يرتبط قلباً وقالباً بحضارته ووطنه الأم، الوطن العربي الكبير. لكن صعوبات فنية حالت دون المشاركة الليبية هذا العام، وعلى الأرجح إن جناحا كبيراً سيقدم للموروث الحضاري الليبي المتعلق بثقافة الأفراح وخلفياتها الحضارية والتاريخية سيكون حاضرا معنا العام القادم).وتشدد السيدة زبيدة شرقي للعرب حول هذا البعد مؤكدة: ( يجب أن نعرف أن شباب المهجر، والوجود العربي الإسلامي الذي يشكل أكثر من عشرة في المائة من عدد السكان، قد جعل البلدان العربية تتصدر وجهات السفر لقضاء شهر العسل في فرنسا. بحيث صارت دبي على سبيل المثال تحتل المرتبة الأولى في توجهات السفر. فلماذا لا تكون طرابلس كذلك وجهة لهؤلاء، أو لبدة، هذه المدينة العريقة الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ؟. الذي ينقص هو أن يأتي الشباب الليبي ليعرف بما عنده، وأن يقدموا المناطق السياحية الليبية الرائعة الجمال للجيل الفرنسي المسلم الذي صار يملك قدرات شرائية نوعية، ويحرضونه على السفر نحو هذه المناطق).هذا وقد تحول مهرجان العرس العربي في باريس في دورته الرابعة، التي دارت على ساحة المعارض الكبرى لافييت؛ شمال العاصمة باريس يومي 13 و14 نوفمبر/تشرين الثاني، إلى نقطة جذب نوعي يقصدها قرابة العشرين ألف زائر في اليوم. و تتوافد على أعماله مختلف الشرائح العربية الأصل أو الفرنسية والعالمية، لما يقدمه من استجابة لحاجة ملحة صارت تتبلور لدى هذا الجيل الثاني؛ والذي تشرح بشأنها مديرة المهرجان في تصريحات صحافية:“أثبتت الدراسات الميدانية التي سبقت فكرتنا تنظيم هذه التظاهرة السنوية إن الشباب الفرنسي ذوي الأصول العربية يتجه بشكل جوهري للاحتفال بزواجه على الطريقة التقليدية التي تستند إليها ذاكرته الثقافية وهويته الحضارية. أي إن الشباب المسلم رغم ترعرعه في الوسط الثقافي الفرنسي، بالإضافة إلى نشوئه فرنسي الثقافة والهوية الوطنية، يظل يرتبط وفق ذاكرة حضارية متجذرة فيما يورثه إياه الوالدان في تربة الحضارة الأم، والثقافة الأصل. وهم يسعون لأن يحتفلوا بالزواج على الطريقة التقليدية التي تتم في أرض ثقافتهم الأم.وهنا يتحول البحث، بالنسبة للعديد منهم عن أين يمكن أن يجد الملابس التقليدية أو أين يمكن أن يجد الحلويات التقليدية أو من يعزف الموسيقى أو كيف تتم طقوس العرس...وخلاف ذلك من الأسئلة العملية والحضارية، إلى مهمة شاقة قد تأخذ من كل عروسين شهوراً وربما سنوات. ومقابل هذا يوجد من يقوم ويقدم كل هذه الخدمات في فرنسا لكنه يكون في أغلب الأحيان عاطلا عن العمل لأن الطلب لا يصل إليه... وفكرتنا في البداية قد نهضت للربط بين كل هذه الأطراف والجمع بينها في رقعة مشتركة تؤسس لبداية التواصل المعني.من جهة أخرى أردنا تطريز الحدث بخلفية ثقافية تقدم لثقافة الأفراح في الثقافة العربية الإسلامية بشكل مواكب ومتمم قد تستهوي على السواء الزائر العربي أو الزائر الفرنسي، حيث كنا نتوقع أن تجذب المناسبة عددا لا بأس به من الزوار من مختلف الانتماءات).وتواصل: (غير إن مفاجأتنا كانت كبيرة، لأننا بسرعة كبيرة قد اكتشفنا أننا لا نستجيب لحاجة عملية ثقافية ونفسية من طرف أجيال المهجر، ولكن أيضا لعطش معرفي وثقافي من طرف الزائر الفرنسي. فقد حولت التظاهرة إلى عرس عربي إسلامي سنوي في قلب باريس يرتاده أكثر من ثمانية عشر ألف زائر في اليوم؛ وهو رقم استثنائي بالنسبة للصالونات المتخصصة. والتي تقدم في نفس الوقت البعد العملي ولكن وبصورة أعمق البعد الثقافي وطقوس الأعراس العربية.