معرفة المشكلة أي مشكلة كانت ، وأسبابها الحقيقية سيقود ، إلى حلها ومعالجتها دون أدنى شك ، وعلى العكس تماماً فإن عدم الإلمام بدواعي وأسباب نشوء المشكلة أو إرجاعها الى مسببات غير صحيحة سيعقدها ويزيد من مساحاتها حتى تصبح عصية على الحل والعلاج بل تكون سبباً في بروز وظهور مشاكل أخرى ناتجة عنها . في بعض مديريات ومناطق المحافظات الجنوبية توجد مشكلة كبيرة معروفة للجميع وخاصة الدولة وأجهزتها المختصة ، لكن ما يجب أن تدركه الحكومة وهي ماضيه لمعالجتها ، انها مشكلة كبيرة وتحمل أسباب عدة ، وبالتالي فان حلها وتجاوزها يجب أن يتم في اتجاهات عديدة وليس في اتجاه واحد . بدأت هذه المشكلة بأحداث طبيعية ومشروعة عندما خرجت جماعات تطالب بحقوقها أو رفع الظلم عنها عبر رفع الشعارات والمسيرات السلمية . وهو حق وأسلوب ديمقراطي مكفول لجميع أبناء الوطن طالما كان بطريقة شرعية وقانونية . وبما أن تلك المطالب كانت واقعية وصحيحة ومشروعة ، تعاملت معها الأجهزة والسلطات المختصة بمسؤولية وجدية حيث تم تشكيل اللجان التي كلفت بالنزول الميداني والتحري بشأن تلك القضايا ورفع التقارير اللازمة حولها ، وتم تجاوز العديد من المشكلات وعلى رأسها قضية المتقاعدين . ولكن حدث تراخ ولم تتم المهمة بشكل كامل وسريع لأسباب في مقدمتها عدم الاستفادة الكاملة من تقرير لجنة ( هلال ـ باصرة)ولم تنفذ بعض المقترحات المهمة التي طالبت بها . ولم يراع هذا التراخي والتساهل وجود مشاكل كبيرة أخرى محيطة بالأوضاع في تلك المناطق مثل الفقر والبطالة وتدني مستوى المعيشة مع وجود فساد هنا أو هناك في مفاصل الدولة . كل ذلك مجتمعاً جعل من هذه المشكلة تبقى قائمة لكن في حدودها الطبيعية وكان من الممكن حلها وتجاوزها إذا تسارعت الجهود في أكثر من اتجاه لاحتوائها . لكن المشكلة الحقيقية والكبيرة التي نشاهدها اليوم بدأت عندما تغلغل أصحاب المشاريع الانفصالية وحملة الأجندات الخارجية التخريبية التدميرية ليستفيدوا من تلك الأوضاع ويحولوا مسار المطالب المشروعة السلمية، إلى مسار آخر غير شرعي وغير دستوري ومخالف للقوانين والنظم ، بتبني مشاريع انفصالية والقيام بقتل المواطنين الأبرياء وقطع الطرقات وممارسة العنف والتخريب واستهداف الممتلكات العامة والخاصة وبث ثقافة الكراهية والبغضاء في المجتمع ، وهي جميعها أفعال إجرامية مخالفة للدستور والقوانين والنظم واللوائح وتستوجب محاربتها بالقوة وإحالة كل مرتكبيها والمحرضين عليها إلى القضاء والمساءلة القانونية . وأمام هذا المشهد نحن أمام مشكلة كبيرة ومتعددة الأبعاد ولكن لاتزال إمكانية معالجتها وتجاوزها بشكل حاسم ونهائي من قبل الحكومة وأجهزة السلطة المختصة متاحة إن شخصتها أولا بشكل صحيح وموضوعي ، ثم تحركت سريعاً وبالجهد اللازم حتى لا تتفاقم وتصبح عصية على الحل والمعالجة .وفي اعتقادي أن المعالجات يجب أن تتم في اتجاهين مختلفين ولكن بشكل متزامن ، الاتجاه الأول ناحية أصحاب المطالب الشرعية والقانونية ويبدأ أولا بالجلوس معهم والاستماع إليهم لتلمس تلك المطالب ثم العمل بجد على تلبيتها إن كانت مشروعة عبر تجاوز بعض المشاكل المسببة لها في الأساس . أما الاتجاه الثاني فهو هذه الجماعة الانفصالية التخريبية والخارجة على الدستور والقوانين ، حيث لا يجب على الإطلاق التعامل معها إلا بوسيلة واحدة تتمثل بفرض هيبة الدولة وسلطة القانون والضرب بيد من حديد على كل عابث ومتماد يحاول المساس بالثوابت الوطنية العليا في مقدمتها الدستور والوحدة وإثارة الفتن والعنف والتخريب في المجتمع ، وتقديمهم للقضاء العادل ليقول كلمته الفصل فيهم كونهم تجاوزوا المسلمات ودخلوا في باب المحرمات والخيانة العظمى وهي جرائم لا يجب التهاون أو التساهل أمامها . ويجب في الأخير ومن المهم أيضا أن نتعامل مع مشاكلنا وأوضاعنا السائدة بمنتهى الوضوح والشفافية والمسؤولية ، فليس عيباً أن نعترف ونقر بتلك المشاكل لكن العيب كل العيب أن نتجاهلها ونتركها تتوسع وتتفاقم فذلك سيجعلها تكبر وتولد المزيد من المشاكل والمعضلات . فتلك المجتمعات وغيرها يضربها الفقر وازداد فيها الفساد المالي والإدري وغيرها من الاختلالات خاصة الاقتصادية والاجتماعية والتي إن سعت الحكومة وعملت على حلها وتجاوزها والتضييق عليها فإنها ستغلق الباب أمام الكثير من المشاكل الماثلة الآن في تلك المجتمعات والتي يمكن أن تنشأ في مناطق ومجتمعات أخرى إن وجدت نفس الأسباب والإهمال في المعالجة السريعة .
فرض هيبة الدولة مسؤولية الحكومة الأولى
أخبار متعلقة