في استطلاع عن أهمية البيانات السكانية ومدى توفرها لدى المخططين ومتخذي القرار
استطلاع / بشير الحزمي تمثل البيانات السكانية أهمية كبيرة لوضع وصياغة الخطط والبرامج التنموية وفي ظل غياب أو ضعف البيانات السكانية فإن المخططين وصانعي القرار لن يتمكنوا من رسم السياسات والخطط التنموية السليمة التي تلبي احتياجات السكان ومتطلباتهم المعيشية على أقل تقدير فضلاً عن أنه يتيح وضع المعالجات المناسبة لأي قصور أو خلل في تنفيذ الخطط والبرامج التنموية أو وضع الحلول الناجعة للقضايا التنموية. صحيفة (14 أكتوبر) التقت بعدد من المعنيين بتوفير واستخدام البيانات السكانية واستطلعت آراءهم عن هذا الموضوع فإلى التفاصيل:- الدكتور مطهر العباسي وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي لقطاع خطط التنمية قال: إن البيانات السكانية تمثل إحدى الركائز الأساسية لصياغة أي خطط أو برامج تنموية اياً كان نوعها وطنية أو محلية. ولذلك فالتعدادات السكانية التي تتم الهدف الرئيسي منها هو تحديث هذه البيانات وجعلها قريبة من المستجدات تحت الأمر الواقع أيا كان تركيب السكان وتوزيعه الجغرافي وايضاً في معرفة اثر الهجرة الداخلية والخارجية ومعرفة التجمعات السكانية التي تحتاج إلى خدمات أساسية واجتماعية وغير ذلك. وأضاف أن مؤشر النمو السكاني يعتبر من المؤشرات الوطنية المتعارف عليها عالمياً والتي تقيس إلى حد كبير مدى التطور أو التغير الذي يحصل في تركيب السكان وفي نموه وله تأثير كبير على معدلات التنمية. وأوضح انه كلما كان المعدل النمو السكاني مرتفعاً أدى إلى أن فوائد التنمية لا تكون بالشكل المطلوب مشيراً إلى أن التعداد السكاني الذي جرى في عام 2004م قد جاء بعد عشر سنوات من التعداد السابق وأعطى كثيراً من المؤشرات التي في ضوئها بنيت الخطة الخمسية الثالثة وايضاً يتم إعادة عمل إسقاطات أو توقعات بين كل تعداد وآخر بهدف تحديث قاعدة البيانات ومعرفة التطورات والمستجدات التي تمت ، وبناءً على ذلك يتم إعداد البرامج والخطط التنموية. وأكد أن كل القطاعات تحتاج إلى المؤشرات السكانية اياً كانت هذه القطاعات سواء في قطاع الصحة أو التعليم أو الشؤون الاجتماعية أو غيرها وبناءً على هذه البيانات يتم تحديد البرامج والمشاريع وايضاً الأهداف العامة. وقال : بشكل عام اعتقد أن قاعدة البيانات السكانية هي من القواعد البيانية الهامة التي تحظى باهتمام الجهات المعنية ، بالإضافة إلى أن البيانات السكانية تمثل مدخلاً رئيسياً في صياغة أي سياسات أو استراتيجيات وغير ذلك ونستطيع القول أن الجهود التنموية من خلال الخطط والاستراتيجيات التي تمت خلال الفترات الماضية قد حققت جزءاً لا بأس به من الأهداف المنشودة لها سواء في رفع معدلات الالتحاق بالتعليم الأساسي أو الثانوي أو الجامعي أو رفع معدل التغطية الصحية أو التغطية بالخدمات الأساسية وكل هذه المؤشرات يحكمها مدى توفر بيانات سكانية ، واليمن تواجه الكثير من التحديات في مكون السكان وبالذات التحدي المتعلق بالتشتت الجغرافي للسكان ، الذي يجعل قضية التنمية وإيصالها إلى معظم المناطق تحدياً كبيراً ومن خلال العمل في الإستراتيجية الوطنية للسكان والمعكوسة ايضاً في الخطط والبرامج يمكن القول أن هناك تقدماً حدث ونتمنى أن تستمر هذه الجهود في المستقبل. وأوضح أن مكون السكان هو مكون رئيسي في الخطة الخمسية الحالية والمستقبلية وقد تم عمل إسقاطات وتوقعات للسكان وتم الاعتماد عليها في صياغة الأهداف القطاعية والعامة للخطة لان مدخل السكان من المدخلات الرئيسية لصياغة أي خطط أو برامج فالتنمية هدفها الإنسان وهذه حقيقة واضحة ولا يخلو أي برنامج أو مشاريع أو سياسات من دون أن تستوعب مكون السكان فيها لافتاً إلى أن قضية السكان قضية تشغل المهتمين على المستويين العالمي والمحلي فالحديث عن السكان هو الحديث عن المعلومات فمتى ما توفرت المعلومات السكانية السليمة يتم حينها تشخيص التحديات والمصاعب التي تواجهها وايضاً وضع المعالجات السليمة لذلك ومن دون البيانات والإحصاءات تظل البرامج والأهداف غير واضحة وغير محددة وغير مستهدفة. وأكد انه كان من الاختيارات الجيدة أن يتم التركيز في اليوم العالمي للسكان هذا العام على البيانات السكانية والإحصاءات باعتبارها مربط الفرس في قضية تشخيص التحديات التي تواجه السكان، وايضاً إحدى الوسائل أو الأدوات الرئيسية للمساعدة في تقديم الحلول الناجحة للقضايا التنموية التي تستهدف السكان بكل شرائحهم في المناطق النائية وفي الحضر والريف. [c1]الرقم الإحصائي مهم [/c]أما الأستاذ/ علي الجحدري الوكيل المساعد للجهاز المركزي للإحصاء للقطاع السكاني والاجتماعي فقد تحدث من جانبه فقال: مما لاشك فيه أن البيانات الإحصائية مهمة جداً فمن دون المعلومة الصحيحة لا يمكن أن نخطط أو نبني خططنا أو ننشئ برامج أو سياسات حول الأنشطة السكانية. فالرقم الإحصائي مهم جداً للتخطيط وللبرمجة ولإنشاء الخطط والبرامج التنموية. وبالتالي فان الرقم الإحصائي مهم جداً للباحثين ولصناع القرار وللمخططين وللمبرمجين فالخطة المحكمة والجيدة لكي تثمر لابد أن يكون لها قاعدة من البيانات الإحصائية السليمة. وأوضح الجحدري أن الجهة الرسمية المخولة بنشر الرقم الإحصائي الرسمي والتحدث عنه هي الجهاز المركزي للإحصاء فهو الجهة المسؤولة رسمياً عن المؤشر الإحصائي الرسمي. إن مهمة الجهاز المركزي للإحصاء هي جمع البيانات وتحليلها ونشرها سواء كانت البيانات في المجال السكاني أو الاجتماعي أو الصحي أو الاقتصادي أو الديمغرافي أو في أي من المجالات الأخرى . وإن كل الإحصاءات يقوم الجهاز المركزي للإحصاء بتجميعها من الجهات المصدرية أو المسوح الإحصائية المتخصصة ونشرها في تقارير بحسب التوقيت الزمني لنشرها. وقال إن الشيء الوحيد الذي استقام في دوريته لتنفيذه هو التعدادات السكانية. فتعداد 1994م أكان بعد قيام الوحدة اليمنية المباركة ، تلاه تعداد 2004م وهو من الأعمال الكبيرة والضخمة التي تتطلب حشد كل القوى والميزانية الضخمة لأنه من الصعب أن يكون تنفيذه في فترات قصيرة.ومخرجات التعداد كثيرة ومتنوعة وتفيد المخططين في البلد مشيراً إلى أن هناك بعض التقديرات للسكان تتم سنوياً بطرق منهجية علمية مناسبة تعطي بيانات سكانية سنوية. وهذا من لوازم التخطيط وبالتالي فإن الجهاز المركزي للإحصاء في هذا الجانب يعمل تقديرات سكانية لفترات محددة حسب ما يتفق عليه من قبل اللجنة التي يتم إنشاؤها لهذا الغرض. أضاف أن البيانات عادة ما يتم توفيرها عن طريق السجلات الإدارية من الجهات المصدرية بشكل سنوي بعد تدقيقها وتمحيصها وبعد التشاور مع الجهة المصدرية حول موثوقية البيانات وتدارسها ومعالجة أي تضارب فيها وإخراجها للمستخدمين بشكل منقح ودقيق. وأضاف أن هناك نوعاً من البيانات لا تغطيها الجهات المصدرية وبالتالي يتم تغطيتها عن طريق المسوح بالعينات وهذه بيانات تخصصية في مجال الإحصاءات الاجتماعية والاقتصادية وبشكل أوسع. وأكد الجحدري أن ما يجري تنفيذه من بحوث ومسوحات خارج إطار الجهاز المركزي للإحصاء ولا يكون للجهاز أي مشاركة فنية أو إدارية فالجهاز غير مسؤول عن الرقم الذي يصدر عنها منتهياً إلى أن ما قد يحدث من تضارب في بعض الأرقام قد يكون ناتجاً عن المنهجية التي تستخدم في تنفيذ المسوح لأنك عندما تقوم بمسح عينة من عشرة ألاف أسرة غير مسموح تنفيذها من خمسة آلاف أسرة وهكذا ، وكذلك تصميم العينات للمسوح تختلف من مسح لآخر و بناء على ذلك تختلف المؤشرات لكن الاختلافات ليست كبيرة فهي قريبة من بعضها. وأوضح أن الإحصاء ما يزال بحاجة إلى التعريف به بشكل أوسع لان البيانات قد تكون متوفرة لكن المستخدم عادة لا يعرف كيف يمكن استخدامها وهذا ناتج عن ضعف الإدراك بأهمية البيانات للاستخدام من عدمه. وأكد أن الجهاز المركزي للإحصاء يسعى دائماً لتحديث بنيته التحتية والى استخدام المنهجيات الدولية في إنشاء البيانات وتنفيذ أعماله وهناك إعادة ترتيب لوضع الجهاز المركزي للإحصاء وتحسين الهيكل التنظيمي للإحصاء ، وقد تبنى إستراتيجية للإحصاء لتطوير العمل الإحصائي وفق المنظومة العالمية. وقال في ختام حديثة : إن هناك الكثير من القضايا السكانية التي تقلق العالم ومنها النمو السكاني المتسارع في بعض البلدان ، ومن اجل حل هذه المشكلة وإيجاد المعالجات المناسبة لها يتم تذكير بعض الدول بها من خلال اليوم العالمي للسكان كنوع من التحفيز لبعض الدول لاتخاذ برامج والتشديد عليها في تخفيض بعض المؤشرات ومنها مؤشرات معدلات النمو السكاني لان معدل النمو السكاني الذي لا يتوافق مع الموارد يخلق مشكلة لا تستطيع بعض الدول أن تحلها في وقت قصير وبالتالي يتطلب منها مساعدة بعض الدول المانحة لتنفيذ بعض السياسات السكانية للحد من هذا النمو. [c1]غياب التنسيق [/c]أما الدكتورة نورا مهدي القائم بأعمال مدير عام المعلومات والبحوث بوزارة الصحة العامة والسكان فقد تحدثت بالقول : إن المعلومات والبيانات التي تخص السكان هي معلومات في غاية الأهمية من اجل صياغة السياسات والتخطيط وعملية جمع البيانات ليست هدفاً بحد ذاتها ولكنها وسيلة من اجل حساب مؤشرات تعكس الوضع الاقتصادي والاجتماعي والصحي وكل ما يتعلق بالسكان. وهذه المؤشرات تساعد متخذي القرار على تحديد الأولويات للمشاكل الصحية وإعادة التفكير في الاستراتيجيات الموضوعة وتصحيحها لإحراز التقدم في تحقيق الأهداف المرسومة من قبل المخططين. وأضافت أن المؤشرات الوطنية التي يجب جمعها لابد من أن تستند بشكل أساسي على المعلومات التي يجري جمعها على المستوى المحلي والتي تقوم بدورها بالتغذية على المستوى الوطني موضحة أن معدلات الزيادة السريعة في السكان لها تأثير سلبي على فرص تنمية الموارد والتنمية على المستويين القومي والقطاعي وعلى الأصعدة الخدمية للسكان من مياه شرب وخدمات صحية وتعليم وغيرها من الخدمات الأساسية. كما ينعكس على رفاهية الفرد والأسرة صحياً وثقافياً ومعيشياً وان تقدير الاحتياجات المستقبلية في القطاع الصحي يعد جزءاً من التخطيط الصحي الذي بدوره يحتاج إلى معرفة النمو السكاني وعدد السكان بشكل عام وتوزيعهم الجغرافي والتركيب العمري والنوعي لهم. فمن المعروف أن زيادة النمو السكاني سيؤدي إلى زيادة الطلب والاحتياج إلى تأهيل القوى العاملة في المجال الصحي. وقالت إن غياب التنسيق بين القطاعات المختلفة يصعب توفير البيانات في الوقت المحدد واللازم لاتخاذ الإجراءات ووضع السياسات والاستراتيجيات لكي يتم الاستفادة منها في حينها. [c1]دور حيوي وأساسي [/c]من جهته قال الأستاذ / حمود عبده ناجي مدير عام الإحصاء والتخطيط بوزارة التربية والتعليم : إن البيانات السكانية تلعب دوراً حيوياً وأساسيا بالنسبة لتنفيذ السياسات التربوية والتعليمية من حيث توفرها سواء على المستوى الوطني أو على مستوى المحافظات أو على مستوى المديريات بل على مستوى مناطق الاستجداد بالنسبة لأي مدرسة من المدارس التي تعمل في سياق العملية التعليمية فحقيقة لا يمكن لوزارة التربية والتعليم وكذا الوزارات الأخرى تقديم الخدمات التعليمية أو تقديم الخدمات الصحية أو حتى خدمات الطرقات وغيرها إلا إذا توفرت قاعدة البيانات السكانية وتوافرت الإسقاطات لهذه البيانات السكانية ومعلوم أن التعدادات السكانية تتم كل عشر سنوات وهو يتطلب بعد ذلك إجراء إسقاطات مستقبلية للبيانات خلال الفترة ما بين تعدادين أو ما بعد أخر تعداد فمثلاً وزارة التربية والتعليم تحتاج للبيانات كل ثلاث إلى سبع عشرة سنة .هذا بالنسبة للطفولة المبكرة والتعليم الأساسي والتعليم الثانوي ، ووزارة التربية تحتاج البيانات كل خمس عشرة إلى سبع عشرة سنة بالنسبة للتخطيط للتعليم الثانوي، وايضاً تحتاج للبيانات من عشر إلى أربعين أو خمس وأربعين سنة للتخطيط للتعليم في برامج محو الأمية وتعليم الكبار. فإذا لم تتوفر هذه البيانات بالشكل الدقيق والصحيح فان المؤشرات التي يمكن أن تنتج عنها يكون فيها نوع من الخلل ، وبالتالي تؤثر على مستوى السياسات أو تقديم الخدمات. وعن مدى توفر البيانات السكانية والعمل بها في قطاع التعليم قال ناجي إن وزارة التربية والتعليم تعتمد على نتائج التعداد السكاني . لكن الإسقاطات السكانية أو دور الجهات الأخرى في وضع فأن الإسقاطات السكانية لا يزال في الأساس غير فاعل بشكل دقيق وعلى سبيل المثال نحن الآن أقدمنا على وضع الخطة الخمسية الرابعة ومع ذلك فأن الإسقاطات السكانية ما زالت غير متوفرة على مستوى المحافظات أو على مستوى المديريات وإن كانت هناك جهود تبذل من قبل المجلس الوطني للسكان لكن حتى الآن لم نحصل على أي نتائج من هذه الإسقاطات وهناك تعثر على ما اعتقد لا يمكن تجاوزه خلال فترة وجيزة بشكل متكامل ، نأمل في الفترة الحالية والفترة القادمة أن تكون في متناول أيدي المستخدمين سواء المخططون أو راسمو السياسات والاحصائيون أو الباحثون. [c1]تحسين الخصائص السكانية [/c]بدورها تقول الأستاذة / سمية صالح محمد مدير عام الدراسات والبحوث بالأمانة العامة للمجلس الوطني للسكان إن للبيانات السكانية أهمية كبيرة منها رسم السياسات السكانية والخطط التنموية ، حيث إن توفر البيانات والمعلومات عن أوضاع السكان وأحوال المعيشة واحتياجاتهم الأساسية تأتي بها أولوية الخطط التنموية وبرامجها ، لان إمكانية توفرها يسمح بمعرفة المتغيرات التي تطرأ على أوضاع الفئات السكانية. فتوفر البيانات بشكل دوري يساهم في خدمة عملية التخطيط السليم والمستقبلي للسياسات التنموية ويساعد على تحسين الخصائص السكانية والارتقاء بالمستوى المعيشي . اذاً فالتخطيط للجانب السكاني له عظيم الأهمية في خطط التنمية. وأضافت أن توفر البيانات والمعلومات يساهم في مساعدة المخططين والفنيين وراسمي السياسات في رسم الخطط وترجمة السياسات إلى أهداف تنموية تخدم في الأخير مصالح السكان. وفي إطار العمل السكاني فإن توفر البيانات والمعلومات من قبل الجهات ذات العلاقة بالسكان يساعد في تقييم مدى تحقيق الأهداف القطاعية والسكانية من خلال آلية المتابعة التي تقوم بها الأمانة العامة للمجلس الوطني للسكان لمتابعة مدى نجاح المؤشرات السكانية أو إخفاقها عبر تقارير الجهات المنفذة . وفي الحقيقة نجد ضعفاً في انسياب هذه البيانات من الجهات المختصة بسب ضعف آلية المتابعة وعدم الشعور بأهميتها.