مقاومة لظروفهن القاسية
في ظل تفشي القهر والفقر ، لم تعد المرأة ذلك المخلوق الضعيف المستسلم للأمر الواقع ، بل خرجت إلى سوق العمل لتتحدى قسوة ظروفها ، حتي صاركثيرات منهن ودون أن يحملن شهادة يفكرن في الكيفية التي تكون فيها سيدة أعمال من منزلها . وانطلاقاً من مبدأ " مصائب قوم عند قوم فوائد " أنشأت مجموعات نسائية عدة مشاريع تحت اسم "حقيقتي.. بيتي" ، حيث يقمن بإعداد الوجبات منزليا وبيعها بنظام ( خدمات التوصيل)، وهو النشاط الذي بدأ منذ سنوات في بعض البلدان العربية وفي مقدمتها مصر عن طريق مشروعات الأسر المنتجة، إذ فضلت مجموعة من السيدات أن يعملن من منازلهن ، بعد أن اختبرن مهاراتهن فوجدن أن المطبخ والنفس الحلو في الطعام هما الشيئان المميزان لهن، فبدأن في إعداد الوجبات المنزلية ، وبيعها لفئة من السيدات العاملات اللائي تجبرهن ظروفهن على الخضوع للجاهز ، ولا يستطعن إعداد الطعام في منازلهن، أو للمتزوجات حديثا لإنقاذهن من المواقف المحرجة بعد الزواج، أيضا في العزومات والحفلات، ولبعض الشباب العزاب الذين لا يجيدون الطهي، ولا يرغبون في أكل وجبات المطاعم.[c1]للرجال نصيب[/c]المجال الجديد لم يقتصر علي النساء فحسب بل اقتحمه مجموعة من الرجال بعد أن زاد الطلب علي هذه الوجبات المنزلية، والتي يصفها أصحابها بأنها مجال مربح وطريقة جديدة توفر الرزق، دون معاناة البحث عن عمل، أو تأجير مطعم ودفع ضرائب باهظة وأجور عمالة وخدمات، فمن داخل المنزل يتم تحضير كل شيء والجهد واحد، وعلي حسب وصفهم "الست اللي بتحب المطبخ ممكن تدخله الصبح ما تطلعش منه إلا عند العشاء.. وكله أكل عيش".ثمة فتيات غير متعلمات خرجن من منازلهن في قراهن البسيطة، وحضرن إلي القاهرة للعمل في خدمة البيوت، فتلقفتهن إحدي السيدات وعرضت عليهن العمل في مشروعها الجديد. السيدة لم يزد وضعها علي أنها زوجة لموظف سافر بضع سنوات وأرادت أن تستثمر نتيجة سفره في مشروع يدر عليهما دخلا، فقامت باستئجار شقة في منطقة الشيخ زايد لتقيم فيها الفتيات القرويات، وتدير منها مشروعها، واستعانت بسائق تاكسي وبدأت في تأسيس مشروعها الذي يعتمد علي فئة معينة من الزبائن وبدأت في نشر فكرته بين صديقاتها في النادي، وأعدت له حملة إعلانية بدائية ، بحيث تتصل السيدة وتملي رغباتها في قائمة الطعام المطلوبة، وعدد الأفراد والوجبات ويصلها الطعام حتى المنزل، كل هذا بمقابل مادي معقول، صحيح أنه يفوق سعر المطاعم، إلا أن هذا يهون أمام طعم الأكل البيتي، الذي ينقذ في مواقف مختلفة، خصوصا في العزومات الكبيرة، أو في حالة الفتيات الصغيرات حديثات الزواج اللائي لا يجدن الطهي، وكثير من السيدات العاملات وبنات الطبقة الراقية .[c1]أضمن وأنظف[/c]وحسب ما ورد بصحيفة (المصري اليوم) ، تقول صاحبة المشروع "البيتي أضمن من المطاعم، وأحلي"، كما أن الأمانة والنظافة هما سر إقبال كثير من السيدات علينا، فنحن في هذا المجال منذ 3 سنوات، والآن وصلنا إلي مرحلة متقدمة، وأفكر في توسعة المشروع، واستئجار شقة أخري داخل حيز القاهرة، مؤكدة أنها تباشر المشروع وتعطي الفتيات العاملات حقوقهن، ولا تستطيع التفريط فيهن، لأنهن "شاطرين" والزبائن ارتبطوا بهن."أحلام" هي مسؤولة الطهي في المنزل، أما الفتيات الثلاث فيقمن بتجهيز الطعام وتنظيفه ثم تغليفه بعد انتهاء طهية."أحلام" تؤكد أنها تجيد الطهي منذ طفولتها، وكانت دائما تساعد في المنزل مما جعلها "شاطرة" في المطبخ ونفسها حلو وكل أكلها بيحلفوا عليه سواء طبيخ أو حلويات.وعن يومها تؤكد أحلام أنه يبدأ من العاشرة صباحا بشراء احتياجات "الأوردرات" ــ الطلبات ــ والتي تتلقاها قبلها بيوم، وأحيانا في نفس اليوم، ثم تقوم هي ومساعداتها بإعدادها وطهيها حسب المواعيد المطلوبة، سواء غداء أو عشاء، وكلاهما له مواعيد معينة، تنحصر في الغداء بين الثالثة والسادسة عصرا، والعشاء بين التاسعة والواحدة صباحا، وبمجرد إعداد الطعام يخرج سائق التاكسي لتوصيله، مؤكدة أن صاحبة المشروع تركت الموضوع كله في يديها، فهي تحدد الأسعار.[c1]بهدلة خدمة البيوت[/c]وتقول: صحيح أن أسعار الطعام ثابتة وتزيد علي سعر المطعم، إلا أنها تختلف من طلب لآخر، حسب عدد الأفراد والأصناف المكملة، والحلو والمشروبات، حتي مكان "الأوردر" يفرق في السعر، فالطلب في حلوان ليس مثل الطلب في وسط البلد. وحسب وصفها تقول: "صاحبة المشروع بتعاملنا كويس وبصراحة بتدينا حقنا، والعمل في هذا المجال أفضل من بهدلة الخدمة في البيوت".أحلام تشير إلى أن أكثر الأكلات المطلوبة هي المحشي بأنواعه نظرا لصعوبته والمكرونة البشاميل، والكوارع والسجق وغيرها من الأكلات البيتي، وأن نجاح المشروع وربحه الوفير دفع كثيرا من زبائنها إلي تقليده ومحاكاته في مشروعات خاصة بهم.[c1]وظائف أخرى[/c]مشروع إعداد الطعام لمن تملك هواية الطبخ و " النفس الحلو" أما من لا تملك هذه الهواية فلم تقف مكتوفة الأيدي أمام قسوة الفقر ، فبعضهن يعلن عن نفسه في بعض الصحف ورغبتهن في رعايتهن لطفل أو طفلين في منزلهن بالتالي تتهافت الأمهات العاملات عليهن ، والبعض الآخر يبدأ بعمل منسوجات يدوية من المنزل إلى أن يتسع معهن المشروع وينشئن مشغل يدوي .أما من كان لهن سابق خبرة بالتجميل يخصصن غرفة في منزلهن لاستقبال جيرانها وصديقاتها الراغبات بالتجميل مقابل أجر طبعاً ، ولكنه قد يقل عن أجر صالونات التجميل الأخرى بعض الشيء ، والحقيقة ان الأجر المنخفض ليس هو ما يجذب النساء فقط ، وإنما الدقة في العناية أيضاً .ومن هنا نستطيع القول إن كافة المشروعات التي تعمل بها النساء من منازلهن تكون بدون رأس مال يذكر، وإنما ذكاؤهن هو الذي وفر لهن حياة كريمة وعيشة رغدة بعيداً عن سلبيات العمل خارج المنزل خاصة إذا كن غير معتادات عليه