غضون
* الحكومة التركية لديها بعض المشاكل مع الغرب، وتحديداً الاتحاد الأوروبي الذي تسعى للانضمام إليه ولكنه يطالبها بمزيد من الإصلاحات لاستيفاء الشروط المطلوبة للانضمام للاتحاد الأوروبي.. ولكي تخفف عن نفسها لجأت للعب «السياسة» من خلال مغازلة الشرق، وأفضل أنواع الغزل المثمر هو ذلك الذي يتعلق بالقضية الفلسطينية وتحديداً «غزة» لأن ذلك هو الشيء المهم الذي يشغل العرب الآن بعد أن انحدرت آمالهم إلى أسفل السافلين.. وتركيا تعرف أن استخدام هذه الورقة سوف يجند لها جنوداً تضغط بهم على الاتحاد الأوروبي.. وها هي تناضل بالعرب في هذا الميدان.. لدرجة أن حركة صغيرة قامت بها الحكومة التركية من خلال إسلامييها وتحت لافتة «أسطول الحرية» عززت مكانة تركيا في السياسة الأوروبية، حتى أن أردوغان قال قبل يومين إن الأوروبيين الذين يتحدثون عن توجه تركيا نحو الشرق يقومون «بدعاية قذرة».* حركة صغيرة قامت بها الحكومة التركية في سياق سياستها النفعية أو البراجماتية دفعت مهزومين نفسياً في الجانب العربي إلى تمجيد تركيا.. فتحدثوا عن عودة الخلافة العثمانية.. وعن عودة أحفاد الفاتح إلى الشرق.. وعن أردوغان كخليفة تعوزه لحية.. وعن أردوغان المحرر والبطل والفاتح وعن الأمل القادم من مرمرة.. وعن تركيا الإسلام.. رغم أن تركيا عضو في الحلف العسكري لشمال الأطلسي.. تحدث ولا يزال يتحدث صحفيون وكتاب عرب مهزومون عن النصر الذي حققته تركيا في غزة بينما السفن التي سارت من تركيا احتجزت من قبل إسرائيل بمجرد وصولها المياه الدولية وصادرت محتوياتها وأهانت ركابها ثم فرقتهم «شذر مذر».. ومع ذلك يتحدثون عن الانتصار التركي الذي أطعم وكسا المحاصرين في غزة.. أي نصر هذا الذي يتحدثون عنه؟ لو كانت تركيا تريد مساعدة الفلسطينيين والإسهام في حل مشكلة الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني لفعلت ذلك بكونها حليفاً لإسرائيل.. ولكنها «السياسة» والدعاية الإعلامية.* بدلاً من أن يحقر العرب أنفسهم ويعلوا من شأن تركيا بلا ثمن، كان عليهم أن يعملوا أولاً على توحيد الصف الفلسطيني، ويرجعوا غزة إلى سلطة السلطة الفلسطينية، ومن ثم يقووا مكانة هذه السلطة التي كادت ذات يوم أن تنجز مسألة الاستقلال.يريد العرب الإبقاء على قضية الفلسطينيين «قضية مركزية» ليس لأن الفلسطينيين مهمين بالنسبة لهم بل لأن «القضية المركزية» هذه هي تجارة بالنسبة لهم ، وأزعم أن أسوأ خسارة سياسية يتوقعونها هي أن تحل هذه القضية.. إذ أنهم حينها لن يجدوا قضية قوية ومهمة يشغلون الناس ويشغلون أنفسهم بها ويتاجرون بها ويحولون أنفسهم إلى أبطال باسمها.