قصة قصيرة
* صابرة فتاة حسناء جذابة، سموحة عريقة المنبت أصيلة النسب والحسب، أنعم الله عليها بنعمة الصبر على الشدائد، ومقابلة الإساءة بالحسنة الطيبة إزاء من يرشقها بسوء، والوقوف حجر عثرة في طريق حقها الشرعي في القران، وإكمال نصفها المشطور في المجتمع منذ فترة طويلة جداً طال انتظارها بفارغ الصبر. * ولكن بصبرها الجميل، وبفضل من غرسوا بذور حبها في نفوسهم منذ الصبا، ودافعوا عنها وهي لا تزال في المهد صبية، ازدادت حباً عميقاً في نفس كل أفراد أسرتيها المتخاصمتين دهراً من الزمن وظل الجميع شغوفاً بها، متلهفاً إلى ذلك اليوم الذي تزف فيه بيوم عرسها الميمون، وطي صفحات الماضي البغيض الذي يندى له الجبين، وتحز في النفس الكآبة لسماع ذكره.* وهكذا لم يكن أحد يتصور لحظة الإعلان عن زفافها في يوم مشهود في التاريخ، وموافقة أهلها ومحبيها بالإجماع على هذا الزفاف.كانت لحظة تاريخية غير معهودة بين البشر، فقد كان سماع هذا البنأ ساراً، هزة أركان المعمورة من أدناها إلى أقصاها، في الداخل والخارج، واهتزت له جموع الجماهير حماساً وجذلا يفوق كل وصف، ويعجز اللسان عن التعبير عنه.* كانت صابرة تتجلى في أبهى فستان وطرحه زفاف، ناصع البياض، غالي الثمن، مرصع بالدرر المتلألئة، في يوم عرسها الميمون الذي تهللت له كل جموع المحبين، وخرجت عن بكرة أبيها من كل حدب وصوب، مهنئة ومشاركة بمراسم هذا العرس التاريخي المشهود الذي جمع بين قلبين متحابين منذ الأزل، وربطهما برباط مقدس يتعذر الفكاك منه مهما كانت الرياح عاتية في اختراقه والتي ظلت تهب عليه بين الحين والآخر.* ولكن إرادة الله باركت لها هذا الزفاف السعيد، وصانتها من كل شر مستطير، وحجبت عنها كل عين حسود، وقيضت لها فارساً هماماًيصونها ويحميها من كل معتد أثيم، يحول النيل منها، وجرها إلى حافة الهاوية، فكان النصر المبين في إنقاذها من الغرق فكتب الله لها حياة جديدة حتى تعيش معززة مكرمة إلى يوم الدين.