القوات الأمريكية تحت سلطة العراق لأول مرة
بغداد / 14 أكتوبر / رويترز:أصبح الجيش الأمريكي في العراق تحت السلطة العراقية يوم الخميس لأول مرة منذ الغزو الأمريكي عام 2003 الذي اسقط الرئيس الراحل صدام حسين وذلك في خطوة على درب شاق لتستعيد البلاد سيادتها بعد سنوات من الحرب.وكانت القوات الأمريكية في العراق وقوامها الآن أكثر من 140 ألف جندي تعمل بموجب تفويض من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة انتهى عند عشية العام الميلادي الجديد.واعتبارا من يوم أول يناير كانون الثاني ستعمل القوات الأمريكية تحت سلطة الحكومة العراقية بموجب اتفاقية أمنية وقعتها واشنطن وبغداد في وقت سابق من عام 2008 .وتحدد الاتفاقية مهلة للقوات الأمريكية مدتها ثلاث سنوات لتنسحب من العراق كما تسحب الاتفاقية من القوات الأمريكية سلطة احتجاز عراقيين دون صدور أمر اعتقال من قاض عراقي وتخضع المتعاقدين وفي بعض الحالات القوات الأمريكية للقانون العراقي.وحصل على هذه الشروط الجديدة للوجود الأمريكي رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي ازدادت ثقته بنفسه وشجعه على ذلك عملية ديمقراطية آخذة في التبلور وانتصارات عسكرية ضد الميليشيات الشيعية وتقدم ضد مقاتلي القاعدة.ويقيم المسؤولون الأمريكيون والعراقيون احتفالا صباح الخميس بمناسبة تسليم السيطرة رسميا للمنطقة الخضراء المحصنة في بغداد وهو المجمع الذي حكمت منه الولايات المتحدة العراق مباشرة لأكثر من عام بعد الغزو.وقال قاسم الموسوي المتحدث باسم القوات العراقية في بغداد إن دور قوات التحالف في المنطقة الخضراء سيكون ثانويا ويتركز على تدريب قوات لواء بغداد على استخدام معدات للكشف عن متفجرات وتقديم المشورة للقوات العراقية.وتتسلم القوات العراقية السيطرة على قلب السلطة الأمريكية في العراق بينما تستعد القوات الأمريكية في أنحاء البلاد للعمل بتنسيق جديد مع القوات العراقية. ورغم بقاء الجنود الأمريكيين تحت القيادة الأمريكية إلا أن العمليات العسكرية الأمريكية ستقرها اعتبارا من اليوم لجنة أمريكية عراقية.وفي بغداد تعتزم الحكومة العراقية أيضا إنهاء العقود المربحة التي أنعمت بها الولايات المتحدة على شركات أمنية خاصة لحراسة المنطقة الخضراء والتي قال الموسوي إنها ستنتهي في سبتمبر أيلول عام 2009 المقبل واعتبارا من ذلك التاريخ سيتولى العراقيون وحدهم تأمين المقر الرمزي للسلطة السياسية العراقية.أما القوات المتحالفة مع الولايات المتحدة ومن بينها القوات البريطانية وقوامها 4100 جندي فستنسحب من العراق خلال سبعة أشهر.ويوم الأربعاء الماضي انتهى مسؤولون أمريكيون من إخلاء قصر صدام الذي استخدم كمقر للسلطة الأمريكية في العراق.وتراجع العنف في العراق بدرجة كبيرة وأرجع ذلك جزئيا إلى زيادة القوات الأمريكية عام 2007 والى الوحدات التي شكلتها مجالس الصحوة في تعاون جديد من جانب زعماء العشائر العربية السنية.لكن المقاتلين مازالوا يوجهون الضربات خاصة من خلال تفجير السيارات الملغومة التي تستهدف في أحايين كثيرة المدنيين.وطبقا لإحصاءات رسمية لوزارة الصحة العراقية قتل 5379 مدنيا خلال عام 2008 وهو أقل من ثلث الذين قتلوا عام 2007 وبلغ عددهم 16232 قتيلا لكن المعدل اليومي للقتلى مازال 15 قتيلا.وفي ديسمبر كانون الأول قتل 238 شخصا فقط. وكان عدد القتلىشهريا يصل إلى 2000 قتيل في ذروة الاقتتال بين الشيعة والسنة منذ منتصف عام 2006 وحتى منتصف عام 2007 .ويجري العراق هذا الشهر انتخابات المحافظات التي يعتبرها مسؤولون أمريكيون وعراقيون حجر زاوية على طريق إقرار الديمقراطية.لكن العراق مازال يعاني من آثار الحرب وتنتشر في أحياء بغداد نقاط التفتيش والجدران الإسمنتية. كما فر الملايين من العنف ولم يعودوا بعد.ويرفض الكثير من العراقيين ما يعتبرونه احتلالا عسكريا أمريكيا. ومازالت انتهاكات مثل التي ارتكبت في سجن أبو غريب عالقة في أذهانهم بعد أن نشرت صور لجنود أمريكيين يعذبون سجناء عراقيين ويهينونهم جنسيا عام 2004 وهي الصور التي أغضبت العالم.كما يتعطش العراقيون إلى الخدمات الرئيسية والسلام الدائم. ويرى ماجد الملا وهو مهندس أن التسلم الذي تعتبره حكومة المالكي انتصارا هو بلا معنى.وقال “أين الخدمات التي تقدمها الحكومة؟ أين الكهرباء؟ الناس تريد أشياء عملية.”وفي واحدة من الصور التي قد لا تنسى في هذه المغامرة العسكرية الأمريكية نال الصحفي العراقي منتظر الزيدي استحسانا في منطقة الشرق الأوسط كلها حين قذف الرئيس الأمريكي جورج بوش بفردتي حذائه وقال له “يا كلب” خلال مؤتمر صحفي مشترك مع المالكي الشهر الماضي.ومازال الزيدي ينتظر محاكمته بتهمة الاعتداء على رئيس دولة.وبموجب الاتفاقية الأمنية الجديدة التي سرت اعتبارا من منتصف الليل تنسحب القوات القتالية الأمريكية من المدن والبلدات العراقية بحلول منتصف عام 2009 على أن تنسحب القوات الأمريكية كليا بنهاية عام 2011 .كما تنص الاتفاقية الأمنية على أن نحو 15 ألف سجين محتجزين في معسكرات اعتقال أمريكية يجب أن توجه لهم تهم بموجب القانون العراقي أو يفرج عنهم.