شاعر يستحق أن نحمله في قلوبنا .. كما حمل همومنا العاطفية في قلبه
الصوت/ اللحن/ الموسيقى/ والأداء.. عوامل رئيسية لنجاح أي أغنية وانتشارها بين الجمهور الواسع من المثقفين.. ولكن الكلمات هي ركيزتها الأولى والأخيرة.ستجد أغنية ذات صخب موسيقي وأداء مدهش، ولحن جميل.. وستطرب لحظة، لحظتين.. بعدها ينتهي أثر الاندهاش ورعشة الطرب الوقتية.. وتبدأ تفتش عن كلماتها ومعانيها، صلة الوعي بالأغنية.فان وجدت عمقاً وقوة وشرارات تلهب وجدانك الواعي، استقرت الأغنية في حناياك وسكنت فؤادك مخلدة يتردد صداها فيك كلما مررت بحالة اهتياج انفعالي تشاكل موضوع الأغنية وكلماتها.. أما إذا عدت إلى معنى الأغنية بعد عملية الاندهاش الأولية ووجدته سخيفاً منحطاً ممزق المحتوى.. فإنك سرعان ما يتسرب إليك الملل، ويجب عن ذلك الضجيج لموسيقي والأداء المنير البريق الذي كان فيه فيلفظ وجدانك الأغنية ربما في نفس لحظة الاندهاش التي تقمصت روحك عند سماعها.الكلمة هي خيط التواصل بين المبدع والمتلقي .. هي الرسالة الأولى التي يريد المغني إيصالها إليك في ظل حشد من وسائل الإيصال اللحن/ الموسيقى/ ولأداء.. هي الأداء الذي يتحول من خلالها دهشتك الأولية من رعشة الطرب الساكنة في الحواس الخمس.. إلى حالة انبهار رايعة تغوص معانيها في أعماق الروح والوجدان وتثير فيهما رغبة الطواف مع دلالات الأغنية وموضوعها.الكلمة هي الأصل وعنوان مصير الأغنية.. فان جاءت جميلة قوية معبرة بسيطة المبنى عميقة المعنى اكسبت الاغنية خلوداً يجعلها متجددة كل وقت.. وان جاءت غير ذلك امتصت من الاغنية سحر الخلود وافقدتها آلية التواصل مع الوجدان مهما كان لحنها وموسيقاها وأداؤها رائعاًومهما أعد لها من طرق الترويج والهيلمة.تفتيش!!والآن.. فتشوا في ملفات وجدانكم كم أغنية هزت مشاعركم من مطلع ستينات القرن الماضي الى اليوم.. وكم كلمات سافرت في روحكم طيلة أربعة عقود ونصف الماضية؟ وكم شعراء أغنية وعلى الأخص العدنية أخذوا افئدتكم معهم في فضاءات التياكاتهم.كثير بلا شك.. وبعضهم كان رائعاً باهتمامكم ومتابعاتكم الدائمة لاخباره.. ولكن هل تشعرون بما أشعر ان أحد هؤلاء بقي مميزاً عن الجميع، واستثنائياً في عجينته الإبداعية.. بل وفي اهتمام الآخرين به؟فتشوا مرة اخرى وستجدون أني أقصد شاعر الأغنية العدنيةالكبير الذي اعتزل الشعر الى الغربة مصطفى خضر محمد.كل كلمات له كانت ركناً رئيسياً لأغنية ناجحة.إذا وضعته في مقارنة مع أفضل شعراء الاغنية العدنية سيكون ثاني اثنين في القمة مع لطفي جعفر أمان.اصالة إبداعه وقوة وجمال أدواته الفنية وخصوبة عاطفته وعطائه حفرت اسمه مبدعاً كبيراً في فترة زحم ابداعي كبير، ابطاله مبدعون أشداء خلال ستينيات القرن الماضي.. وبقي مجده إلى اليوم مقتصراً على ما قدمه في هذه الفترة.شاعر الروح الذي يغوص في عمق الحب واللوعة العذرية بمفردات دارجة تتفجر جمالاً واشتعالاً.. ويلامس المشاعر بغريزة النجوى بدلاً من نجوى الغريزة.ضابط الأمن ذو الروح الشفافة السادرة في غي الهوى واستعطافه واطاعة نواميس الغرام في وقت كانت من أولى مهام "العسكري" ان يجيد لغة الطعن وإهالة الثرى على العواطف!!مصطفى خضر محمدفقدان لك أشتي أشوفكبعد ما طال الغيابفقدان لك ارجع وعودنسيني همي والعذابأنا وأنت محتاجين لبعضايش بايفيدك ذاالعنادلا الحب في قلبي يموتولا أنت تحيا بالبعادمصطفى خضرنعم أهواكأقولها حقيقة وأعنيهاوليش باخافوأحاول اني أخفيهادا قلبي عمره ما أتهناولا شاف الهوى لولاكوعاده كثير يبوح مرةبحبك ويقول أهواك؟يخاف من ايش؟ كلام الناسكلام فاضي مالوش معنىكلام لو صدقه العاشقما عاش في حبه يتهناما دام قلبي انا يشتيكبا أقول للناس: أنا أهواكمصطفى..ياالله نبني بالمحبةدنيا حلوةدنيا ما فيهاش عذابولا فيها قسوةدنيا أيامها فرحلياليها غنوة.. غنوة حلوةغنوة عنوانها الوفاءغنوة تمسح كل دمعةمن عيون الأشقياءشفافية!!نطل على عالم الحبيب الكبير (مصطفى خضر) الإبداعي.. فنرى عاطفة خصبة بالحزن واللوعة والنجوى.. وشكوى متكررة من الفراق والهجر.. وفي نفس الوقت تمسك قوي بالحبيب.أقرأوا معي:حياتي ذي الحياة بعدكعبث إني أعيش فيهالمن عاد بشكي آلامي؟وايش من روح اناجيها؟!لكن ما اقدرش اسوي شيءإذا كان بعدي يحلا لكمافيش غير حاجة أطلبهاتخلينا على بالك!!واقرأوا معي:حياتي اشتي بس حاجةأقولها من صميم قلبيفؤادي قد نذرته لكدا مش تكفير عن ذنبيولا تعويض عن ايامقضيتها هنا جنبي!!وأقرأوا معي:اليوم يمر زي السنةوأنا بعيد وانته بعيدلانا أذوق طعم الهناءولا انت يا روحي سعيداتذكرك في الليل وحيدوالكل جنبي نايميناتذكرك في كل أنةاسمعه من عاشقوأفرح مع اللي يفرحواوابكي مع اللي بات حزينوأعيش أناجيك في الخيالواسرح مع الماضي الجميلواهتف لطيفك لو خطرفقدان لك.. ارحم قليل!!ونرى في عالمه رغم ذلك الحزن والشكوى والبعد والفراق.. فاؤلاً ورغبة جامحة للحياة والحب، وارهاصات مستمرة لاستئناف تجارب حب جديدة تتفوق،وربما تمحوها قبلها وليس تتجاوزها فقط.. اقرأوا معي:ورأسك أنتي أول حبأنا أخلص له من قلبيوأشعر به بأنه حقيقةمش أوهام تلعب بيكفاية ما لعب بي الوهموخلانا أعيش في عذابوبعد الأنة والآهاتعرفت أني احب سرابلكن حبك علي جديدجديد في اسمه في شكلهذي كلمة حب قليلة عليهياريت في كلمة تصلح له.واقرأوا ..قبل حبك كنت ما اعرفمن أنا.. ولايش أعيشكنت ضايع بل وأكثرفي ضياع ما ينتهيشكنت اتعب والذي شفتهأنا.. ما ينتسيش!!وأقرأوا معي:إبتدينا بحب ثانيحب ما يخطر ببالحب أجمل من حقيقة حب أقوى من خيالمصطفى خضركلمات بسيطة نتداولها في السوق والبيت وقاعة الدرس ومرفق العمل.. يفهمها الكبير والصغير.. المثقف والأمي..! إنما لا يستطيع ان ينظمها في عقد شعري إلا رجل واحد اداخه الهوى وعجنته الشاعرية وملكه الابداع.. رجل ملهم يجيد تحويل الكلمة الى طوق يأسر به شفاف القلوب!!هذا الرجل يستحق ان نضع على عنقه إكليل الفل والكاذي والياسمين.. ونحمله في قلوبنا كما حمل همومنا العاطفية في قلبه.. وقدم لنا وللوطن كلمات عطرت خلود أغانينا إلىاليوم!!ويستحق أن يناجيه عشاق كلماته.. وتناجيه حاضنته الأولى (عدن) ويناجيه الوطن كله.. بنفس الكلمات التي ناجى بها من يحب ذات يوم:فقدان لكفقدان كثير!!