من تجربة لي معه .. (2-2)
[c1]هامش عابر للأشهر العجاف[/c] اذاً .. وبعد هذا التنويه، السالف الذكر، واستطراداً لما تقدم ذكره وسرده واستعراضه، فإنني، ومن حيث توقفت في الفقرة "12" أعلاه، المتضمنة نتيجة ماحدث لي من ظروف صعبة بعد منتصف يوليو 1994م ومعاناتي من تأثيراتها وانعكاساتها علي وعلى أسرتي مادياً ومعيشياً وسكنياً خلال الثلاثة الأشهر التالية لما حدث لي مما أشرت اليه من التعامل والاستقواء علي، أتواصل، من حيث توقفت، على النحو التالي:ـ انه خلال الثلاثة الأشهر العجاف التي كنت أمر بها، وبينما كنت أتابع موضوعي في اللجنة الدائمة، امتدت الي الايادي الخيرة لبعض الشخصيات ممن علموا عن بعد بما حصل لي في الميثاق، بدأها طيب الذكر المتوفي مالياً في ذمة الله تعالى وهو المرحوم الأستاذ/ محمد الزرقه الذي كان حينذاك رئيساً لتحرير صحيفة الثورة، والذي بمجرد ما وصله وعرف بما جرى لي استدعاني لمقابلته في مكتبه وعبر لي عن أسفه واستنكاره لما حصل وأبدى تعاونه معي مادياً إلى جانب تبنيه لقضيتي إلى البعض في اللجنة الدائمة وصولاً إلى مكتب رئاسة الجمهورية، مما أثمرت جهوده تلك إلى ايصال قضيتي إلى المسؤولين حيث اخذت تلك الجهود مداها من الوقت إلى ما بعد الأشهر الثلاثة.ـ وبينما كنت في أحد الأيام متواجداً، كعادتي بعض الأحيان، في مكتب المرحوم الزرقه جاء إلى المكتب الأخ الزميل هشام محمد علي باشراحيل رئيس تحرير صحيفة الايام الغراء لمتابعة بعض اعماله مع المرحوم الزرقه، الذي بادر مباشرة بابلاغ الاخ هشام بما حصل لي، والذي بدوره أبدى استغرابه وتفاعل مع موضوعي وعند مغادرته مكتب الزرقه اصطحبني معه في سيارته الخاصة ولم يقصر معي في ضيافته لي لوجبة غذاء تناولتها معه ظهر نفس اليوم في منزله بصنعاء.ـ وأثناء وجودي مع الأخ/ هشام في منزله وتبادلنا الحديث معاً حول موضوعي مع "الميثاق" سألني الأخ/ هشام بقوله لي:[c1]*[/c] هل لك معرفة بالعميد علي حسن الشاطر؟أجبته مباشرة: أعرفه وأسمع عنه كصحفي وكرئيس تحرير صحيفة (26 سبتمبر) الأسبوعية ولكن لم يسبق لي الالتقاء به شخصياً مباشرة..ـ وتعبيراً عن تفاعله معي في موضوعي ورغبة منه في التعاون معي، قام الأخ هشام باشراحيل بالاتصال عبر جواله على رقم جوال عرفت فيما بعد من خلال حديثه أن الاتصال كان مع الأخ العميد علي حسن الشاطر الذي تحدث له الأخ هشام مبلغاً إياه عن ما حصل لي في الميثاق ومانتج عن ذلك من ظروف صعبة أمر بها، وبمجرد انتهاء المكالمة أخبرني الاخ هشام بأن العميد الشاطر يطلب مني الذهاب إليه في العاشرة من صباح الغد لمقابلته في مكتبه.[c1]التجربة مع الشاطر الإنسان[/c]ـ وفي صباح اليوم التالي، توجهت في الموعد المحدد إلى ادارة التوجيه المعنوي، دون أن افكر أو عرف بما يخبئه لي القدر من فرج قادم، وعند البوابة الرئيسة سألت الحارس المناوب عن مكتب العميد الشاطر، فأخبرني الحارس أن أتوجه إلى مكتب الاستعلامات المجاور للبوابة ففعلت ذلك وقلت لمن كان في الاستعلامات أنا لدي موعد لمقابلة العميد علي الشاطر، واذا بشخص آخر كان موجوداً يلتفت إلى السجل الموجود المدون فيه اسمي ثم يقول لي أنت مصطفى شاهر فأجبته نعم فإذا به يرحب بي قائلاً: اهلاً وسهلاً العميد في انتظارك وأنا مكلف هنا لاستقبالك تفضل معي، وكانت هذه المفاجأة الأولى غير المتوقعة لدي.ـ ومباشرة توجهت مع مرافقي إلى مكتب العميد الشاطر الذي بمجرد ما فتح المرافق لي باب مكتبه وأبلغه عن قدومي، اذا به يخجلني بتواضعه ويقف مرحباً بي، تفضل يا أستاذ مصطفى، فصافحني واستقبلني بترحاب لم أكن اتوقعه من هذه الشخصية ذي المكانة العسكرية والصحفية والمسؤولة، رفيعة المستوى، وكأنه على معرفة أو علاقة شخصية بشخصي المتواضع من سابق.ـ ومع اندهاشي بذلك الذي كان المفاجأة الثانية لي، أشار لي العميد الشاطر بالجلوس على مقعد أمامه، واستسمحني ببضعة دقائق ريثما ينتهي من عمله مع بعض الموجودين أمامه في المكتب من قبل قدومي اليه.ـ وماهي إلا بضعة دقائق فقط، حتى فرغ العميد الشاطر من مقابلته معهم وغادروا المكتب واحداً تلو الاخر..ثم التفت نحوي وعاود الترحيب بي مشيداً بدوري الصحفي وبما أديته من واجب وطني وحدوي من خلال تفرغي للعمل في صحيفة "الميثاق" وأشار إلى ماعلم به بشأن ما حصل لي مؤخراً في الصحيفة من تعامل غير لائق، معبراً عن الأسف لما حصل وقال لي: أطمئن الدنيا بخير وستعالج الأمور في حينها لاحقاً ان شاء الله ولاتقلق من أي شيء.ـ وقد أثلج صدري ما سمعته من العميد الشاطر وبعد أن توقف لحظة، عاد وسألني:[c1]*[/c] هل لديك تلفون في المنزل الذي تسكن فيه؟ فأجبته بنعم، وأمليت عليه رقم التلفون الذي قام بكتابته على ورقة أمامه.[c1]*[/c] وبينما كنت أهم بالقيام من مقعدي لشكره وتوديعه،وأنا في حالة اندهاش لما لمسته منه من تواضع في استقباله لي وماسمعته في حديثه معي من اشادة وتطمين وتفاعل، بما مثله ذلك بالنسبة لي من مفاجأة اخرى، اذا به ـ العميد الشاطر ـ يقوم وهو يودعني، بمناولتي رسالة مكتوبة موجهة إلى مدير مكتبه وفيها توجيه بصرف سبعة الاف ريال لي حيث ناولت رسالة التوجيه لمدير مكتبه الذي سلمني المبلغ المذكور مباشرة ثم غادرت متوجهاً إلى منزلي.ـ ولا أخفي كم كانت فرحتي شديدة وأنا أتسلم هذا المبلغ الذي كان بالنسبة لي ثميناً سواء بقيمته المادية لتلك الفترة الزمنية 1994م، أو بكون حاجتي الماسة له في ظل ظروف الثلاثة الاشهر العجاف التي كنت وأسرتي معي نمر بها ونعيشها معيشياً.ـ وكان توجهي إلى أسرتي في المنزل وفي حوزتي المبلغ المذكور بمثابة يوم عيد صرفت منه جزء بشراء ما لذ وطاب من الغذاء والمتطلبات الاخرى لظهيرة وأمسية ذلك اليوم، وكانت الفرصة مواتية في الوقت نفسه لاتخاذ قراري بضرورة تسفير زوجتي واطفالي إلى عدن في اليوم التالي وأبقيت معي في المنزل بصنعاء أحد أبنائي الأكبر سناً ريثما أتابع موضوعي وخصوصاً فيما يتعلق بتسديد ايجار المنزل المطالب به من قبل المالك.ـ وبعد يومين فقط، جاءت المفاجئة الرابعة، وكان ذلك في وقت مبكر من صباح يوم الخميس الذي يأتي، عادة، بعد سهرة عمل ختامية تمهيداً لاصدار الصحيفة ، 26 سبتمبر، صباحاً في موعد صدورها المقرر الأسبوعي، الخميس ـ حيث رن تليفون المنزل في حوالي السابعة صباحاً، بينما كنت وأبني الموجود معي في المنزل مستغرقين في النوم، فاستيقظ ابني على صوت رنين التلفون الذي كان يتكرر مرات عدة ونحن لم نكن نسمعه، وعندما استيقظ أبني رفع سماعة التلفون على صوت يسأله عني فقال له نائم، فطلب منه ان يصحيني فصحوت ..ـ وكانت صحوتي من نومي مصحوبة بانزعاج واستغراب، عن هذا الاتصال التلفوني المبكر، وتحت تأثير ذلك اخذت سماعة التلفون فإذا بمحدثي على الخط يقول لي: صباح الخير، معك العميد علي الشاطر، ثم واصل قائلاً: اذهب الآن إلى مدير مكتبي في الادارة واسمه "محمد عبدالله" فهو بالمكتب في انتظارك، ولكم أن تتصوروا مدى دهشتي وتفاجئي بسماع صوت هذا الرجل الانسان ـ علي الشاطر ـ وهو يتصل بي ويحدثني شخصياً عبر التلفون في ذلك الوقت المبكر من صباح ذلك اليوم الخميس، دون ان أكن اعلم بما يعنيه في حديثه لي، بالذهاب إلى مدير مكتبه المذكور..ـ وبمجرد انتهاء هذا الحديث التلفوني قمت مباشرة بارتداء ملابسي وكذلك فعل أبني،وغادرنا المنزل توجهنا ومعي ابني إلى ادارة التوجيه المعنوي وهناك التقيت بالاخ مدير مكتب العميد الشاطر، الذي وجدته فعلاً في انتظاري،وما أن رأني وأنا أدخل مكتبه حتى بادرني بعتب لطيف مازحاً: اهلاً يا أستاذ، لقد كان العميد الشاطر يحاول من الصباح الباكر الاتصال بك ولم يرد أحد على التلفون فاضطر إلى المغادرة لأنه كان سهران لاصدار الصحيفة وكلفني بأن لا اغادر حتى اجدك وتأتي إلى المكتب، ولذلك ظليت أنا هنا في انتظارك رغم أنني لم أنم، ومن السهر أنظر كيف عيني حمراء، ولم استطع الذهاب لمنزلي لانام، فاعتذرت له طبعاً ثم ناولني رسالة وقال خذ هذه الرسالة إلى مكتب الرئاسة.[c1]مفاجأة "الفرج" الختامية[/c]ـ وهنا ايضاً كانت المفاجأة الاخرى التي ادهشتني، عندما قمت بمجرد مغادرتي للمكتب وبيدي الرسالة التي فتحتها مباشرة فاذا بي اطلع عل مضمون الرسالة وعليها توجيه مذيلة باسم وتوقيع فخامة الرئيس علي عبدالله صالح ـ حفظه الله وكان مضمونها "يصرف للاستاذ الصحفي مصطفى شاهر عبدالكريم مبلغ مائة ألف ريال مساعدة، وقد كانت هذه بضعة الكلمات الرئاسية فعلاً مفاجأة كبيرة لي ويالها من مفاجئة عظيمة.ـ وعلى الفور توجهت مباشرة وبصحبتي ابني إلى مبنى سكرتارية رئاسة الجمهورية، وسلمتهم رسالة التوجيه حيث قاموا باجراءات التسجيل للرسالة في الكمبيوتر وختمها، لبضعة دقائق، ثم اعادوا الرسالة الي وأشاروا لي بالتوجه إلى مبنى الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية، القريب من الموقع، لاستلام المبلغ المذكور.ـ وتلقائياً توجهت ومعي ابني إلى مبنى الأمانة العامة المشار اليه، وهناك تمت الاجراءات الاعتيادية بكل سهولة ويسر لدقائق معدودات، ثم إلى الصراف الذي سلمني مبلغ المائة ألف ريال، عداً ونقداَ وغادرت المبنى وفي حوزتي المبلغ المذكور كاملاً، ولكم ان تتخيلوا مدى فرحتي وسعادتي، كأي شخص في مثل ظروفي تلك، وأنا أسير وابني في اتجاه المنزل وفي حوزتي وملكيتي مبلغ مائة ألف ريال..ـ وكان علي منذ لحظة استلامي لذلك المبلغ أن أقوم بتسديد ما علي من التزامات مادية، كانت وظلت تؤرقني، حيث قمت مباشرة بدفع ما علي من متخلفات ايجار المنزل لوكيل المالك، ثم تسديد وتصفية متخلفات فواتير الماء والكهرباء والتلفون كاملة، وغيرها من الالتزامات المادية الاخرى المتعلقة ببعض الديون التي كنت استلفتها من البعض خلال فترة الأشهر العجاف ومابعدها..ـ وكل ذلك قمت به وتمكنت من الايفاء بالتزاماته بفضل وفرج من الله سبحانه وتعالى أولاً ثم بشهامة وانسانية العميد علي حسن الشاطر الانسان والشخصية الخيرة التي وقفت معي في محنتي وظروفي الصعبة التي مريت بها، جزاه الله عني خيراً وكثر الله من أمثاله.ـ ومن ذلك الحين، وحتى بعد عودتي إلى عدن ومباشرتي لعملي في فرع وكالة أنباء سبأ، اواخر شهر ديسمبر من العام 1994م، وإلى الان وأنا أدين لهذا العميد الشاطر الانسان بجميل ما فعله معي من تعاون ومعروف ولن أنسى له تجربتي هذه الخيرة معه مدى ما حييت .. وانها لشهادة حق، لمن هو جدير بها .. والله من وراء القصد ..أخيراً وليس اخر، معذرة للعميد الشاطر الانسان.