كتب/ المحرر السياسيحسنا فعل مجلس النواب عندما باشر يوم أمس مناقشة مشروع قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، الذي أحالته الحكومة إلى المجلس في عام 2007م بهدف إقراره، وذلك في سياق المجهود العربي والدولي لحماية النظام المصرفي العالمي من الأموال المغسولة نتيجة تهريب الأسلحة والمخدرات والممنوعات، التي يتم استخدامها عادة في تمويل الإرهاب والأعمال الخارجة على القانون!!.والمثير للدهشة معارضة عدد من نواب “اللقاء المشترك” بقيادة حزب التجمع اليمني للإصلاح لمشروع القانون والاتفاقية الدولية لمحاربة تمويل الإرهاب بين اليمن والمجتمع الدولي على نحو ما حدث في جلسة يوم أمس عندما طالب هؤلاء النواب برفض مشروع القانون والاتفاقية بحجة أنهما يخالفان “الشريعة الإسلامية” على حد تعبيرهم.اللافت للنظر أن اليمن هي الدولة العربية الوحيدة التي لم تصدر مثل هذا القانون الذي سيكون أساسا شرعيا وقانونيا لعمل المؤسسات المالية والمصرفية والمنظمات المعنية بمكافحة الفساد في بلادنا، ناهيك عن أهميته لتعزيز مساهمة اليمن في تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم (1373) لعام 2001م بشأن إغلاق مصادر تمويل الإرهاب، وقرارات الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي بهذا الشأن أيضا.والحال أن المماطلة في عدم إخراج مشروع القانون إلى الضوء وتأخير عرضه على مجلس النواب للمناقشة طوال السنوات الثلاث الماضية اسهما في إلحاق ضرر بسمعة بلادنا، وبدورها وجهودها وتضحياتها في الحرب على الإرهاب، مع الأخذ بعين الاعتبار الآثار المدمرة التي يمكن أن تنشأ عن الإجراءات العقابية المتوقعة ضد بلادنا، خصوصا بعد أن أعطت مجموعة العمل المالي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا (الفانف) لبلادنا مهلة ستة شهور لإصدار هذا القانون حتى أبريل 2010م.من حق أحزاب “اللقاء المشترك” بقيادة حزب التجمع اليمني للإصلاح أن يكون لها موقف رافض لمحاربة الإرهاب، حيث امتنعت هذه الأحزاب عن الالتزام بمحاربة الإرهاب في البرنامج الانتخابي لمرشحها في انتخابات الرئاسة لعام 2006م، كما أن ما تسمى بوثيقة “الإنقاذ الوطني” التي أطلقتها مؤخرا هذه الأحزاب تخلو تماما من أية إشارة لمكافحة الإرهاب وإنقاذ البلاد من مخاطره المدمرة، ناهيك عن السجل السيئ للخطاب السياسي والإعلامي لأحزاب “اللقاء المشترك” في التماهي مع الإرهاب. بيد أنه ليس من حق هذه الأحزاب أن تستثمر نفوذها في هيئة رئاسة مجلس النواب وبعض لجانه الدائمة لتعطيل النظر في مشروع قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب منذ عام 2007م.ومن المهم أن يفهم أولئك الذين يتآمرون من خلف الستار على مشروع قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب الذي قدمته الحكومة إلى مجلس النواب قبل ثلاث سنوات، أن غالبية الناخبين الذين منحوا ثقتهم للبرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية في الانتخابات الرئاسية لعام 2006م الذي التزم بمكافحة الإرهاب، أكبر من المصالح الحزبية والتجارية الضيقة للأوليغارشيات المالية التي تشتغل بالتهريب وغسل الأموال.ويبقى القول إن ثمة علاقة عضوية بين الأصوات التي تتماهى مع الإرهاب وتشكك بالجهود المبذولة لمكافحته ومنع حصوله على ملاذ آمن في بلادنا، وتمارس مختلف أشكال التضليل والتدليس بهدف تحريض الرأي العام للتعاطف مع الإرهاب، وبين الأصابع السوداء التي تتآمر على مشروع قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب منذ عام 2007م، وما يترتب على ذلك من إجراءات عقابية يمكن أن تتعرض لها بلادنا من المجتمع الدولي، وهو ما يخدم إستراتيجية أحزاب “اللقاء المشترك” التي لا يهمها سوى إضعاف الحكومة اليمنية وعزلها دوليا وتمهيد الطريق للوصول إلى السلطة بأي وسيلة وأي ثمن، وعلى حساب المصالح العليا للوطن والشعب.إن السكوت على محاولات تعطيل مشروع قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب جريمة كبرى بحق الوطن والشعب، ولا يجوز بعد الآن التهاون إزاء الأصابع الخفية التي تتآمر على هذا القانون، وما يترتب على هذا التآمر من مخاطر مدمرة سيدفع الوطن والشعب ثمنها باهضـا إن جاء شهر أبريل القادم من دون أن تحرك كتلة الأغلبية البرلمانية ساكنـا.وهل صحيح ما يتردد حول معارضة لجنة تقنين الشريعة الإسلامية لهذا القانون بحجة أن (السلف) لم يستنبطوا من النصوص أية أحكام شرعية بشأن غسيل الأموال، متجاهلين حقيقة ان جرائم غسيل الاموال لم تكن موجودة في الماضي البعيد الذي يصر بعض الفقهاء على الإقامة الدائمة في كهوفه ، حيث لم يكن الاسلاف يعرفون ــ آنذاك ــ النظام المصرفي في عصر الإقطاع واقتصاد الخراج الذي لم يعرف هو الآخر ظاهرة اندماج الرأسمال المالي بالرأسمال الصناعي والتجاري قبل ظهور النظام المصرفي في عصر الرأسمالية والثورة الصناعية.كما يتردد أيضا أن فقهاء هذه اللجنة يزعمون بأن لدى (السلف) أحكاما شرعية بشأن وجوب تمويل وتجهيز الجهاد الذي تصفه الأمم المتحدة بالإرهاب، وتطالب الدول الإسلامية بمنع تمويله تحت مسمى منع تمويل “الإرهاب” بحسب ما نسب إلى لجنة تقنين الشريعة التي تريد احزاب «اللقاء المشترك» بقيادة حزب التجمع اليمني للإصلاح أن تجعل منها هيئة كهنوتية للوصاية على ما يصدر عن مجلس النواب من قوانين.لا عزاء لحكومة حزب الأغلبية التي أحالت قبل ثلاث سنوات مشروع قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب إلى مجلس النواب تنفيذا للبرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية الذي تعهد بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، إذا نجحت كتلة الأقلية المعارضة في تعطيل مشروع قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وسط غموض وسلبية موقف كتلة (الأغلبية) المحسوبة على الحزب الحاكم وحكومته.ولا عزاء لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي فاز بأغلبية ثقة الناخبين إذا نجحت كتلة الأقلية المعارضة في عرقلة إقرار مشروع هذا القانون، أو إذا تغيبت كتلة الأغلبية البرلمانية عن حضور اجتماعات المجلس، أو التزمت الصمت في حال حضورها وخضوعها للأقلية المعارضة، ولله في خلقه شؤون.
لا عزاء للحكومة والحزب الحاكم !!
أخبار متعلقة