اصدارات
بغداد / متابعات : في مواجهة أخلاقيات العصر الحديث، تأخذ رواية ميجيل دي أونامونامو «الخالة تولا»، الصادرة عن دار «المدى» ترجمة صالح علماني، صبغة توجيهية ذات أخلاقيات دينية متزمّتة متّصلة بقيم أوروبية قديمة كانت تقاليد الكنيسة هي المهيمنة فيها.وهي رواية من نسج أوهام الكاتب المتأثّر بشدة بحياة الرهبان والنساك، وربما كتبها آملاً بالتأثير في البعض.تزخر الرواية بمواعظ تعلي من شأن العفة حتى ولو كانت في إطار الزوجية، وتزدري القضايا الحسية وتغلب منطق مقاومتها والابتعاد عنها تحت حجج وأخلاقيات لا منطق لها.نقرأ في الرواية تزويج البطلة أختها بعريس أحبته هي كما نعلم في ما بعد، وتقوم بدور الأم لأولاد شقيقتها، فتتعرّف إلى معنى الحياة الحقيقي، فليس الزواج، بحسب الرواية، سوى لإنجاب الأولاد والعناية بأبناء السماء وتأسيس الأسرة.ليس من غاية أخرى نرجوها عبر زواجنا، كما تقول البطلة، وليس ثمة من متع خارج إطار تلك المذكورة آنفاً.أثناء ولادة طفلها الثالث والأخير تفارق شقيقة البطلة الحياة، وقبل ذلك يدور بينهما حديث تتمنى فيه الشقيقة من البطلة الاعتناء بالأولاد والزواج من صهرها.يبدأ الأخير وفق صحيفة «الجريدة» الكويتية بالتودد للبطلة، فتدفعه عنها دائماً وتواجهه بالصد وبتذكيره بشقيقتها وبضرورة تربية الأطفال تربية حسنة، مانعة إياه من إبداء بعض التلميحات أو التحدّث في أسباب تودّده لها أو حتى من رفع الكلفة بينهما أمام الأطفال.تبوء محاولات الصهر الخاضع لرغبة البطلة دوماً بالفشل، وبعد يأسه مع شقيقة زوجته سرعان ما يقع ضحية غرائزه عبر إغواء الخادمة، وتؤدي مغامرته معها إلى حملها منه، وينكشف أمرهما أمام البطلة التي تدفع صهرها للتكفير فوراً عن خطئه بالزواج من الخادمة ولو على مضض.تنجب الخادمة من الصهر طفلين، وسرعان ما تموت أيضاً أثناء ولادتها الثاني. فتبادر البطلة أو «الخالة تولا» إلى تربيتهما مع أولاد أختها كما لو أنهما ولداها تحت حجج وأفكار غريبة عجيبة. وتصر على رفض الزواج مجدداً من زوج شقيقتها الذي توافيه المنية بعد التهاب رئوي، فتنهار أمامه وتبوح له باعتراف خارج على المألوف: وهي تكره الرجال، لكنها تحب الأطفال.تبذل البطلة جهدها بعد رحيل صهرها للبقاء على طهارتها، فترفض كثيرين طلبوا الارتباط بها، ناذرة نفسها لخدمة الأولاد.وتسارع إلى اختيار زوجة لابن شقيقتها فور إحساسها ببلوغه، وتأتي بها للعيش معهم في البيت. وبجهدها ومحبتها تستطيع البطلة الحفاظ على تكاتف العائلة، فترحل وهي مطمئنة وما زالت عذراء، مخلّفة وراءها خالة أخرى للأولاد وجدتها في ابنة الخادمة التي بذلت من روحها وجسدها الكثير لتبقى على قيد الحياة من دون أن يراودها أي تفكير ينغّص عليها إرادتها أو عملها هذا.