متابعة/محمد عبدالواسععقدت جمعية الصحة للجميع - ضمن فعاليات مشروعها الحالي «الأطباء اليمنيون يتخطون حدود المجتمعات المحلية» - وبالتعاون مع صحيفة (14 أكتوبر) اليومية طاولة مستديرة في مقر الصحيفة يوم الأحد الموافق 21 يونيو 2010 حضرها عديد من قياديي الجمعية والمشروع وقانونيون وصحافيون وبعض المهتمين بشئون اللاجئين. وتأتي هذه الطاولة المستديرة ضمن حملة إعلامية تقوم بها الجمعية لتنوير الرأي العام بقضية اللاجئين الأفارقة في اليمن، أوضاعهم المعيشية والصحية، حقوقهم القانونية، ولتساهم في كسر حاجز العزلة النفسية التي يعاني منها اللاجئون، ولدعوة منظمات المجتمع المدني وكل المؤسسات الحكومية والخاصة والمنظمات الدولية في الداخل والخارج لتنسيق جهودها وتكثيفها من أجل تحسين أوضاع اللاجئين الإنسانية وضمان حقوقهم القانونية حسب المواثيق والاتفاقيات الدولية.وكانت محاور النقاش:1 - معلومات عامة عن اللاجئين الأفارقة في اليمن.2 - الأوضاع الصحية في مخيمات اللاجئين والخدمات الصحية المقدمة.3 - دور منظمات المجتمع المدني في تقديم الخدمات الصحية وبرامج التوعية الصحية.4 - الجانب القانوني والحقوقي وحق اللاجئ في الصحة والعيش في بيئة صحية.اهتمام لا يصل إلى المستوى المطلوب في مداخلة د. خلدون عبدالباري قاسم صالح رئيس جمعية الصحة للجميع ومدير مشروع الجمعية «الأطباء اليمنيون يتخطون حدود المجتمعات المحلية» جاء:0« تعتبر اليمن من بين أفقر دول العالم، وتستقبل على أراضيها أكثر من 140000 لاجئ. تعمل المفوضية السامية لشئون اللاجئين في اليمن على توفير المخيمات والخدمات الأساسية لهؤلاء اللاجئين (كالغذاء، الحماية، الرعاية الصحية، الماء، والتعليم) بالرغم من وجود مخيم اللاجئين في منطقة خرز (يتواجد فيه أكثر من 11000 لاجئ) وكذا تواجد أعداد كبيرة (تتجاوز العشرين ألفاً) من اللاجئين في منطقة البساتين بضواحي عدن منذ عدة سنوات، إلاَ أن الاهتمام بهم من قبل المنظمات المحلية غير الحكومية خصوصاً المنظمات العاملة في المجال الصحي مازال ضعيفاً ولا يصل إلى المستوى المطلوب و أدى ذلك إلى:1. عزلة اجتماعية ونفسية يعاني منها هؤلاء اللاجئون.2. اعتماد اللاجئين على الخدمات المقدمة من المنظمات الدولية فقط مما يفقدهم ضمان إستمرارية هذه الخدمات بوجود الشريك المحلي الدائم.3. عدم اكتراث شريحة العاملين الصحيين المحليين - في المجالات الصحية والنفسية - بمصير هؤلاء اللاجئين ومعاناتهم.4. خوف وعدم تقبل شريحة العاملين الصحيين المحليين للحالات المرضية لهؤلاء اللاجئين.5. ضعف أو انعدام مساهمة شريحة العاملين الصحيين في اندماج اللاجئين بالمجتمع وحصولهم على حقوقهم الإنسانية خصوصاً في مجال الخدمات الطبية، الصحية والنفسية.يهدف مشروع جمعيتنا - جمعية الصحة لجميع - «الأطباء اليمنيون يتخطون حدود المجتمعات المحلية» إلى كسر هذا الحائط السلبي وتحريك الجمود في علاقة المنظمات المحلية غير الحكومية باللاجئين في مخيم خرز ومنطقة البساتين مما سيساعد - في نظرنا - على تعزيز دور هذه المنظمات في تقديم الخدمات الإنسانية الضرورية للفئة المستهدفة. والذي سيؤدي إلى ضمان استمرارية هذه الخدمات وتطورها مستقبلاً بسبب وجود الشريك المحلي الدائم. والمساعدة في تقبل المجتمع للفئة المستهدفة وتسهيل اندماجها وهذا سيؤدي إلى تحسين ظروف معيشتها وضمان أفضل لحفظ حقوقها الإنسانية. وهناك عديد جمعيات ومنظمات ناشطة في مجالات مختلفة منها على سبيل المثال لا الحصر الجمعية اليمنية للصحة النفسية، جمعية شباب الصومال، شبكة المتطوعين الصوماليين تقدم الكثير من الخدمات والمساعدات للاجئين ولكنها للأسف لم تصل إلى مستوى التشبيك الوطني الطموح والذي سيشكل نقلة نوعية على صعيد العمل الجاد من قبل منظمات المجتمع المدني نحو تحسين أوضاع اللاجئين الإنسانية وتحسين ظروف معيشتهم وضمان حقوقهم في العيش الكريم بعيداً عن أوطانهم.الجدير بالذكر أن زملاءنا الأعزاء في جمعية (الإصلاح) الخيرية يقدمون خدمات طبية منتظمة بالتعاون والتنسيق مع المفوضية السامية لشئون اللاجئين عبر مركزين صحيين في مخيم خرز ومنطقة البساتين. وهذه الخدمات هي أفضل مساهمة لمنظمات المجتمع المدني في مساعدة اللاجئين الأفارقة في الجانب الصحي. وتحتاج - من وجهة نظرنا - إلى تكاتف جهود بقية منظمات المجتمع المدني لمساعدتها على التطور والاستمرارية. وكان هذا ضمن أهداف مشروع جمعيتنا - الصحة للجميع - فالقافلة الطبية التي وجهتها الجمعية إلى منطقة البساتين في شهر مارس الماضي وشارك فيها مجموعة من الأطباء والاختصاصيين (جراحة عامة، باطنة، عظام، أطفال، نساء وولادة، عيون، أنف وأذن وحنجرة، جلد) نجحت في فحص وعلاج أكثر من 200 لاجئ. والأهم في الأمر أن أطباءنا قد أحالوا الحالات المعقدة إلى المستشفيات العامة لمواصلة فحصها وعلاجها هناك. وأشرفت الجمعية على استقبال وفحص وعلاج هذه الحالات - التي بلغ عددها 34 حالة - في مستشفى 22 مايو العام ومستشفى الجمهورية التعليمي في عدن ومستشفى ابن خلدون في لحج. وقد أجريت عملية جراحية لأحد هؤلاء المرضى في مستشفى 22 مايو العام. والجدير ذكره أن كل هذه الخدمات قد قدمت للاجئين مجاناً عبر التنسيق مع قيادة هذه المستشفيات بتغطية جزء من تكاليفها بينما غطت الجمعية بقية التكاليف. ونستطيع من هذا استخلاص درس مهم في أهمية وضرورة تكاتف جهود منظمات المجتمع المدني التي قادت نحو توسيع مجال الخدمات الطبية المقدمة، واشتراك الأطباء اليمنيين والمستشفيات العامة في استقبال وعلاج اللاجئين. كما يشمل مشروع الجمعية ثلاث قوافل طبية أخرى ستتجه نحو مخيم خرز للاجئين ومنطقة البساتين وسيلحقها استقبال أوسع للمرضى المحالين إلى المستشفيات العامة. ويشمل أيضاً برنامج للتثقيف الصحي للاجئين الأفارقة في الموقعين المذكورين. وحملة إعلامية موجهة للمجتمع تدعوه لتقبل اللاجئين وكسر حاجز العزلة النفسية عنهم. وضمن المشروع أيضاً برنامج تدريبي للكوادر الصحية العاملة في المراكز الصحية بمخيم خرز ومنطقة البساتين». [c1]معاناة في المخيمات[/c]وقال د. مختار صالح ناجي أمين عام جمعية الصحة للجميع ومنسق مشروع الجمعية « الأطباء اليمنيون يتخطون حدود المجتمعات المحلية»في مداخلة له:«اليمن تقع على طريق الهجرة التاريخية التي تربط القرن الأفريقي المعاني من الفقر والمضطرب سياسياً مع البلدان الغنية بالنفط في الخليج العربي. ونتيجة لذلك، فإن بلدنا يواجه تحديات فريدة من نوعها، فبمساعدة من شبكات التهريب الآلاف من الأشخاص يعبرون خليج عدن كل عام هرباً من الصراع والفقر باحثين عن حياة أفضل.هذا اللجوء والهروب من القرن الأفريقي استمر لعقدين من الزمن تقريباً على الرغم من مخاطر الرحلة وقسوة المهربين وارتفاع عدد الوفيات السنوية. حيث أن عدة مئات يموتون أو يفقدون خلال رحلتهم عبر الخليج وقد يصابون أيضاً بالعديد من الأمراض نتيجة تراكمهم وتكدسهم في ظروف غير صحية على متن القوارب وتحت أشعة الشمس لعدة أيام.واليمن هي الدولة الوحيدة التي تعد دولة طرفا في اتفاقية اللاجئين لعام 1951 في شبه الجزيرة العربية.وتستضيف اليمن الآن أكثر من 170,000 لاجئ، 95 % منهم من الصوماليين، ويعيشون في مخيمات خاصة بهم منتشرة في أماكن متفرقة من البلاد، منها مخيما البساتين وخرز وهما المخيمان الأكثر شهرة واستيعاباً للاجئين في بلادنا.ويواجه العديد من اللاجئين الأفارقة بمن فيهم الصوماليون وصمة العار، حيث أن الناس يخشون اللاجئين بدعوى أنهم مصدر للأمراض المنقولة جنسياً خاصة والأمراض الوبائية بشكل عام، وهو ما يجعل العاملين الطبيين يرفضون قبولهم في المستشفيات لتلقي العلاج.إن العديد من اللاجئين يعانون في المخيمات ولكنهم لا يجرؤون على الذهاب إلى أي من المستشفيات العامة لأنهم يشعرون بالتمييز ضدهم من قبل كل من يلتقون به هناك.هناك دور بارز للمنظمات والجمعيات الدولية العديدة التي تعمل في اليمن من أجل مساعدة اللاجئين، ويقابل ذلك ضعف في دور منظمات المجتمع المدني اليمنية وهي الشريك الدائم والأكثر استمرارية في حال خروج أو تعثر المنظمات الدولية من تقديم المساعدة لهم.ومن هذه المنطلقات أتت فكرة مشروعنا الحالي «الأطباء اليمنيون يتخطون حدود المجتمعات المحلية».وجاء في مداخلة د. طارق سليمان بن حويل عضو الهيئة الإدارية لجمعية الصحة للجميع، نائب مدير إدارة الترصد الوبائي بمكتب وزارة الصحة والسكان في محافظة لحج:«مع أن اليمن ترجم التزاماته الإنسانية والأخلاقية تجاه اللاجئين الصوماليين والتزم بالمواثيق الدولية المتعلقة باللاجئين ومنها اتفاقية جنيف، لتقديم الدعم والخدمات الإنسانية والصحية والتعليمية بالتعاون مع منظمات ووكالات دولية، إلا أن الآلاف من اللاجئين الذين وصل تعدادهم في اليمن إلى مليون لاجئ حسب تقارير وزارة الداخلية اليمنية في ديسمبر2009 والذين يُقَيمون في مناطق حَضَرية في صنعاء ومدينة «البساتين» في عدن، وممن يقيمون في مخيم اللاجئين المعزول «خـرز» في لحج خرقوا القوانين اليمنية وأصبحوا يجوبون شوارع وأحياء مدينة عدن لجمع المال بشتى الطرق لتتحول عملية التسول عند معظم الصوماليين إلى أسلوب من الشد والجذب الذي قد يصل إلى حد الضرب والسرقة والبعض الآخر يتخذ أحياء ومتنفسات المدينة ملاذا للنوم مما يشوه الواجهة الحضارية لمدينة عدن.ففي مخيم خرز نفسه يسكن حوالي 13000 لأجئ حديثي الوصول إلى الأراضي اليمنية يتخذون من المخيم محطة قبل الانتقال إلى المناطق الحضرية ويخضعون جغرافياً وإدارياً لمحافظة لحج ويقدم لهم مكتب الصحة والسكان م/لحج الكثير من الخدمات الوقائية كخدمات التحصين الروتيني عبر توفير اللقاحات لهم بشكل مستمر للأطفال اقل من عام وكذلك تنفيذ حملات تطعيم مصغرة داخل المخيم عند وجود مؤشرات ضعف التطعيم لدى الأطفال الوافدين أو انتشار احد أمراض الطفولة تنفذ حملات تطهيرية ففي عام 2009 نفذ مكتب الصحة م/لحج حملتين تطهيريتين لمكافحة مرض الحصبة الذي انتشر على نطاق ضيق داخل المخيم كما نفذت حملة تطهيرية لمكافحة مرض السعال الديكي بالإضافة إلى الحملات الوطنية لاستئصال مرض شلل الأطفال والحصبة للأطفال أقل من خمس سنوات تم تنفيذها في عموم الجمهورية وقد شملت مخيم خرز للاجئين الصومال، كما نفذت حملات علاجية لاستئصال مرض البلهارسيا، كما وفر مكتب الصحة مختبرا متطورا لفحص الحالات المشتبه بها بالسل وتوفير العلاجات بشكل مجاني مع الإشراف المستمر على الحالات وتوفير بعض الأغذية للمرضى.كما يوفر مكتب الصحة خدمات الترصد الوبائي ومكافحة الأمراض في المخيم عبر تكليف منسق للترصد المتواجد بشكل دائم في المخيم بالإضافة إلى الزيارات النشطة عبر منسق الترصد بالمحافظة أو مساعديه بشكل أسبوعي لمهام الاكتشاف المبكر للأمراض السارية والتبليغ عنها للمستوى المركزي وجمع العينات وفحصها لدى المختبرات المركزية للوزارة وإيجاد التدخلات اللازمة للسيطرة على الأمراض وكذلك تقوم عملية الترصد أيضاً على فحص جودة المياه المستخدمة للشرب وتقييم مستوى نقاوتها بالإضافة إلى تقديم خدمات الصحة الإنجابية والتثقيف الصحي داخل المخيم ورفع التقارير بشكل مستمر إلى إدارة الإحصاء الصحي بالمحافظة».[c1]التعرف على أوضاع الخدمات الصحية في مخيمات اللاجئين[/c]أما د. هناء المحسني عضوة الهيئة الإدارية لجمعية الصحة للجميع فقالت: قمنا بالنزول الأولي للتعرف على أوضاع الخدمات الصحية في مخيمات اللاجئين في خرز ومنطقة البساتين وتعرفنا على أوضاع الخدمات الصحية في المخيم التي يقوم بها المركز الصحي هناك. وتعرفنا على مرافقه (عيادات المرضى، والتوليد، غرفة التضميد، غرف تمديد المرضى، المختبر، الصيدلية وغيرها)، وتجهيزاته (جهاز الفحص بالموجات فوق الصوتية، أجهزة المختبر وغيرها)والنواقص التي يحتاجها لتحسين عمله (جهاز الأشعة السينية، وأجهزة أخرى للمختبر). [c1]المسح الميداني للحالات المرضية، فرزها وتجهيزها[/c]في النزول الأولي قمنا بمسح ميداني للحالات المرضية المتقدمة بناءً على إعلان مسبق عن تسيير القافلة الطبية إلى منطقة البساتين. قابلنا أكثر من 250 حالة مرضية بحاجة لعرضها على الاختصاصيين، وقمنا بفرز الحالات لتسهيل مقابلتها من قبل مختلف الاختصاصيين في القافلة، كما قمنا بتجهيزها للمقابلات.[c1]القافلة الطبية الأولى:[/c]تحركت القافلة الطبية لجمعية الصحة للجميع إلى المركز الصحي لمنطقة البساتين حاملةً معها نخبة من الاختصاصيين اليمنيين في مختلف التخصصات الطبية (جراحة عامة، باطنة، عظام، أطفال، نساء وولادة، عيون، أنف وأذن وحنجرة، جلد). وهناك قدم أطباء الجمعية المتطوعون الخدمات الطبية التخصصية لأكثر من 200 مريض.أجرى أطباء القافلة بعض التدخلات الجراحية كالتضميد والتجبير وغيرها لعديد مرضى منطقة البساتين من اللاجئين الأفارقة. كما قاموا بفرز الحالات المعقدة والتي تحتاج إلى تدخل جراحي أو فحوصات دقيقة وعناية طبية تخصصية - بلغ عددها 41 حالة مرضية - وتحويلها إلى بعض المستشفيات العامة، على أن تلتزم جمعية الصحة للجميع وبالتنسيق مع مؤسسات وزارة الصحة العامة بمتابعة هذه الحالات وضمان مواصلة علاجها مجاناً.[c1]ما بعد القافلة[/c]استقبل أطباء جمعية الصحة للجميع 34 حالة مرضية في المستشفيات العامة (مستشفى الجمهورية التعليمي، مستشفى 22 مايو العام بعدن ومستشفى ابن خلدون بلحج)، واشرفوا على فحصها وعلاجها مجاناً.أجرى اختصاصيو الجراحة في مستشفى 22 مايو العام - أعضاء جمعية الصحة للجميع - عملية جراحية لأحد المرضى المحالين من القافلة الطبية الأولى. وهو شاب صومالي من اللاجئين القاطنين في منطقة البساتين.أشرفت الجمعية على ضمان مجانية كل الخدمات الطبية المقدمة بالتنسيق مع إدارة المستشفيات المذكورة لتحمل جزء من التكاليف، وتحملت الجمعية الجزء المتبقي من التكاليف.[c1]الحماية القانونية والحقوقية للاجئين[/c]وفي مداخلة صلاح محمد سيف قاسم معيد في كلية الحقوق بجامعة عدن قال:تمثل قضية اللاجئين في البلدان العربية والإسلامية مسألة متشعبة بوجوهها القانونية والشرعية والإنسانية، في ظل الصراعات والتحديات الكبرى، التي يواجهها المجتمع الدولي منذ زمن بعيد. ويكون سبب اللجوء عادة: الكوارث الطبيعية، وسوء الأحوال الاقتصادية والاجتماعية، والمشكلات السياسية، والحروب الأهلية، واستشراء العنف، والتعصب العرقي، وانحسار سلطات الدولة الإدارية والقضائية والأمنية، وسوء استغلال حقوق الإنسان، واحتكار القوة السياسية والاقتصادية، ورفض احترام الديمقراطية أو نتائج الانتخابات الحرة والعادلة، ومقاومة المشاركة الشعبية في الحكم، وسوء إدارة الشئون العامة، كل ذلك يلعب دوراً في إجبار الناس على الهروب من أماكن إقامتهم المعتادة.أيضاً لعبت العوامل الخارجية دوراً في المساهمة في تشرد السكان القسري، وتاريخياً فإن السبب الرئيسي لتشريد السكان القسري كان الاستعمار.وتجدر الإشارة إلى أن المنطقة العربية قد عرفت تقاليد اللجوء بجميع أشكاله منذ القدم،حيثُ أنّ قبائل العرب قبل الإسلام اتفقت على تقاليد وأعراف لإغاثة اللاجئ أو طالب اللجوء وحمايته ومساعدته. فقد كان العرب (ولا يزالون) يعتمدون مفهوم الدخلة أو الدخيل الذي يطلب الحماية من قبيلة غير قبيلته لأسباب عديدة من أهمها الطرد أو الخلع من القبيلة التي ينتمي إليها. وعند بزوغ فجر الإسلام تهذبت فكرة اللجوء بفعل تعاليم الإسلام السمحاء. فقد طلب الرسول الكريم من أصحابه الهجرة إلى الحبشة هرباً من أذى قريش، وبعد ذلك هاجر الرسول وأصحابه الكرام إلى المدينة المنورة، تلك الهجرة المباركة التي غيرت وجه تاريخ البشرية وفتحت أمامه آفاق رحبة بانتشار الفتح الإسلامي في أصقاع العالم.وتُعَدّ الترتيبات والتنظيمات الدولية المتعلقة باللاجئين حديثة، إذ يرجع تاريخها إلى العشرينات من القرن العشرين. ففي تلك الفترة شهد العالم نهاية الحرب العالمية الأولى، والثورة الروسية، وانهيار الإمبراطورية العثمانية، وما نتج عن تلك الأحداث من تحركات بشرية ضخمة، بلغت حوالي مليونا ونصف، ما بين لاجئ ونازح ومشرد، في آسيا الصغرى وأوروبا.من أجل ذلك قامت الأمم المتحدة بإنشاء المنظمة الدولية للاجئين IRO وذلك في العام1945م وفي الوقت ذاته بدأ المعنيون بالأمر سلسلة من الخطوات من أجل الإعداد للاتفاقية الدولية للاجئين حيث قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالتصديق على النظام الداخلي للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في سبتمبر من عام 1950 وذلك لتحل محل المنظمة الدولية للاجئين التي انتهت واجباتها عملياً. هذا ويتم انتخاب المفوض السامي لشؤون اللاجئين عن طريق الجمعية العامة للأمم المتحدة وبناء على توصية من الأمين العام وذلك كل خمس سنوات.الذي يقوم بتقديم برامجه سنوياً إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي في المنظمة الدولية والمسماة “ECOSOC” . هذا ويساعد المفوض السامي في مهمته مجلس تنفيذي “EXCOM” مكوّن من 58 دولة تقوم بالإشراف على رسم سياسة المفوضية وتحديد ميزانيتها والإشراف على نشاطاتها في مختلف بقاع العالم، ويعقد المجلس التنفيذي اجتماعات دورية وبشكل سنوي في مقر المفوضية السامية في مدينة جنيف.وتقوم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بتوفير المساعدات الإنسانية من سكن وغذاء ودواء للاجئين. إن اتفاقية جنيف لعام 1951 لشؤون اللاجئين قد وضعت الأسس القانونية والإدارية والإنسانية لعمل المفوضية في العالم وحددت حقوقه وواجباته ومنها:- الحق في حصول اللاجئ على جوازات سفر. وحقه في الحصول على بطاقات هوية شخصية إذا كان لا يملك وثيقة سفر صالحة.- وحقه في العمل وحرية التنقل في أراضي الدولة بلد اللجوء.- حقه في التعليم والاعتراف له بالمصدقات والشهادات المدرسية والدرجات العلمية الممنوحة في الخارج والإعفاء من الرسوم والتكاليف وتقديم المنح الدراسية.- حقه في العيش في بيئة صحية نقية تضمن له حق البقاء والاستمرار أسوة بالمواطنين العاديين في بلدان اللجوء.- الحق في الحصول على الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية.- حقه في الإغاثة والمساعدات العامة.- حق اللاجئين في ممارسة شعائرهم الدينية وحرية توفير التربية الدينية لأولادهم.- على كل لاجئ إزاء البلد الذي يوجد فيه أن ينصاع لقوانينه وأنظمته، وان يتقيد بالتدابير المتخذة فيه للمحافظة على النظام العام. ورغم أنّ هذه الاتفاقية تعتبر الاتفاقية الأم التي بموجبها قام المجتمع الدولي بوضع الإطار العام لتنظيم وضع اللاجئين إلا أنّ الاتفاقيات الإقليمية الخاصة باللاجئين وكذلك التشريعات الوطنية تكتسب أهميةً خاصة بحكم كونها تتعامل مع واقع اللاجئين انطلاقا من معطياتٍ إقليمية ولعلّ أهم هذه الاتفاقيات الإقليمية:- اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لعام 1960 والتي تمّ التوقيع عليها في أديس أبابا وتتضمن تعريفاً للاجئ أوسع من ذلك الوارد في اتفاقية عام 1951 حيث شملت الفارين من الكوارث الطبيعية والنزاعات المسلحة وهي للأسف كثيرة في القارة الإفريقية وبهذا أخذت الدول الإفريقية منحىً أكثر كرماً في التعامل مع اللاجئين.- الاتفاقية العربية لتنظيم أوضاع اللاجئين التي وضعت أسسها العامة جامعة الدول العربية في العام 1993 لتحديد مفهوم اللجوء في العالم العربي ولمحاولة ترتيب أطر قانونية وسياسية تنظم حركة اللاجئين وبالتالي تساعد على إيجاد حلول ناجحة لمشاكلهم، كون المنطقة العربية كانت دائماً مصدراً للعديد من موجات اللجوء واللاجئين كما أنها استقبلت أعداداً كبيرة من اللاجئين على أراضيها منذ بدايات القرن الماضي وحتى الآن.[c1]من هو اللاجئ؟[/c]اللاجئ هو كل شخص تواجد بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية خارج بلد جنسيته ولا يستطيع أو لا يرغب بسبب ذلك الخوف أن يستظل بحماية ذلك البلد.من هنا ينبغي على المجتمع الدولي والأمم المتحدة، والمفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، والمنظمات الأخرى ذات الصلة أن تساند وتساعد الحكومات المضيفة في الوفاء بمسئولياتها تجاه اللاجئين بطريقة تتوافق مع مبادئ قانون اللاجئين من ناحية، والأمن القومي الشرعي والمصالح الاجتماعية والاقتصادية من ناحية أخرى، وعلى وجه الخصوص - توفير المساعدة المالية والمادية والفنية وذلـــك:(1) لتوفير الغذاء والماء والمأوى والخدمات الصحية والطبية حتى لا يكون اللاجئون والسكان المحليون على حد سواء في وضع يتهددهم بالخطر.(2) لضمان أن البنية الاجتماعية والاقتصادية وخدمات المجتمع والبيئة في الدول أو المجتمعات المضيفة لا تتأثر باستضافة أعداد ضخمة من اللاجئين.(3) لتقرير وضع اللاجئ بالنسبة للأشخاص الذين يطلبون اللجوء، وضمان أن هؤلاء الذين لا يحتاجون أو يستحقون الحماية الدولية لا يستغلون القانون الإنساني للجوء.(4) لتمكين الحكومات أن تستجيب بشكل فعال للأوضاع التي يمكن أن تساهم في تدهور الأمن والقانون والنظام في مناطق استضافة اللاجئين، وفي هذا الشأن يجب أن تعطي الأولوية لعزل ونزع سلاح الأفراد والجماعات فيما بين اللاجئين الذين قد يكونون مسلحين ويهددون حياة اللاجئين الأبرياء، والمواطنين المحليين، والعاملين في المجال الإنساني، أو المشاركة في أعمال إجرامية أخرى.وتجدر الإشارة إلى أن هناك صعوبة في تطبيق هذه الاتفاقيات ومنح اللاجئين الحقوق المكفولة لهم فيها وفي التشريعات الوطنية وذلك على اعتبار أن الأغلبية من اللاجئين يدخلون الأراضي الوطنية بطرق غير شرعية، كذلك انتشار أعمال القرصنة البحرية، التي جعلت الدول تنظر إليهم نظرة احتقار ونظرة قاصرة دون رحمة ودون تهاون متى ما تجاوزوا حدودها.