رئيس الوزراء في افتتاح أعمال المؤتمر الوطني الرابع للسياسة السكانية :
صنعاء/ سبأ : بدأت امس العاصمة صنعاء أعمال المؤتمر الوطني الرابع للسياسة السكانية التي تستمر حتى يوم غد الاربعاء تحت شعار: ( نحو مزيد من التنفيذ ) لمناقشة عدد من الدراسات والبحوث وأوراق العمل التي تتناول المشكلات السكانية وآثارها الاقتصادية والاجتماعية وتقترح السبل والسياسات الكفيلة بحل هذه المشكلة والتخفيف من آثارها ، كما تستعرض تجارب عدد من البلدان في معالجة القضايا السكانية .وفي افتتاح المؤتمر القى الدكتور علي محمد مجور رئيس مجلس الوزراء كلمة حذر فيها من تفاقم المشكلة السكانية وآثارها السلبية على الأمن الاجتماعي والاقتصادي في اليمن ، مؤكدا ان مواجهة التحديات السكانية في اليمن و حلها مسؤولية كافة المواطنين في المقام الاول. وطالب رئيس الوزراء جميع القوى الفاعلة من احزاب وقوى سياسية ومنظمات مجتمع مدني ورجال دين وشخصيات اجتماعية بالتعامل مع القضية السكانية كأولوية وطنية ودعم برامج وخطط الحكومة بهذا الصدد. ودعا الدكتور مجور الى الابتعاد عن المركزية في التنفيذ للبرامج والانشطة السكانية وضرورة تحمل المحافظين والمجالس المحلية المسؤولية بهذا الخصوص والمتابعة وحل المشكلات السكانية في المحافظات والمديريات ، مؤكدا اهمية ايجاد نظام وطني للمراقبة والتقييم لقياس النتائج ومستوى الاداء وتحديد المسؤوليات على جميع المستويات القطاعية والمحلية والوطنية لتحقيق الاهداف الكبرى للسياسة الوطنية للسكان، كما دعا المشاركين في المؤتمر بالبحث عن آلية مناسبة لإقامة نظام مؤسسي فعال يكفل مشاركة المجتمع بأسره في التصدي للمشكلة السكانية بجوانبها المختلفة ، موضحا ان الحل الجذري للقضايا السكانية يكمن في احداث التغيير المرغوب في السلوك لدى الافراد والجماعات وتعزيز البيئة اللازمة وفي مقدمتها القوانين والتشريعات الضرورية لتقديم الخدمات. وأشار رئيس الوزراء الى ان الحكومة ستقوم بالتنسيق مع مجلس النواب بالبت في القوانين ذات الصلة وفي المقدمة قانون الامومة المأمونة والطوارئ التوليدية لما يمثله من اهمية في مساندة البرامج الهادفة الى تعزيز صحة الامهات والاطفال خاصة. وتطرق رئيس الوزراء الى الجهود الحكومية المبذولة خلال السبعة عشر عاما الماضية في التعامل مع المشكلات السكانية وايجاد الحلول المستمرة للتخفيف من آثارها ، وقال: " لم تألو القيادة السياسية جهدا في تأكيد الالتزام السياسي للتصدي للمشكلات السكانية والعمل على حلها بالتعاون مع الشركاء المعنيين وطنيا واقليميا ودوليا، الامر الذي برز جليا من خلال الحيز الذي أخذته هذه القضية في البرنامج الانتخابي لفخامة الاخ الرئيس علي عبدالله صالح ، رئيس الجمهورية الذي نعمل حاليا على تنفيذ مضامينه عبر مجموعة من البرامج الوطنية الواضحة الاهداف بما في ذلك الخطة المقرر ان يخرج بها هذا المؤتمر السكاني". واعرب الدكتور مجور عن تطلعه الى مساندة هذه الخطة من قبل الشركاء المانحين ، معبرا عن الامتنان للجهات المانحة الداعمة لبرامج السياسة السكانية وفي المقدمة صندوق الامم المتحدة للسكان والوكالة الامريكية ومنظمة الصحة العالمية واليونيسيف والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي ، متمنيا للمؤتمر النجاح وللأمانة العامة للمجلس الوطني للسكان المزيد من العمل الوطني المثمر في هذا ا لمجال. من جانبه أشار الدكتور عبد الكريم راصع ، وزير الصحة العامة والسكان ، إلى أن جوهر المشكلة السكانية يتجلى في الفجوة النهائية بين معدل النمو الاقتصادي سنويا وبين نسبة النمو السكاني العالية، والبالغة 3 بالمئة وهي من أعلى النسب في العالم . وأعلن وزير الصحة ان الوزارة أعدت إستراتيجية تستهدف وضع إطار لضمان تغطية احتياجات ومستلزمات خدمات الصحة الإنجابية مع التركيز على تنظيم الأسرة لتغطية الخمس سنوات القادمة وبشراكة كاملة مع جميع المعنيين ، مبينا انه سيتم التوسع في التغطية للتثقيف الصحي من قبل مثقفين وصحيين ومتطوعين من أفراد المجتمع في خمسة عشر محافظة يتم تدريبهم والإشراف عليهم بعد نجاح التجربة في ثلاث محافظات. وأكد راصع أن الحكومة تعتبر القضية السكانية من القضايا المحورية التي تحتاج إلى معالجة كأولوية أساسية لتحقيق أهداف التنمية الوطنية وأهداف الألفية والتخفيف من الفقر، موضحا ان قرار الحكومة إنشاء قطاع السكان في وزارة الصحة يعتبر ترجمة فعلية لالتزام الحكومة بالتعامل العملي والمباشر مع هذه القضية من خلال تدخلات فاعلة أثبتت التجربة نجاحها . وتحدث الاخ أمين معروف الجند ، الأمين العام للمجلس الوطني للسكان ، حيث أوضح ان الوعي بالمشكلة السكانية أخذ يتبلور منذ مطلع التسعينيات ويلح على ضرورة الأخذ بالبعد الاجتماعي والديمغرافي في خطط التنمية ، مؤكدا ان الحد من الفقر وتنفيذ خطط التنمية المستدامة وتحقيق معدلات النمو الاقتصادي تقتضي بالضرورة التصدي للمشكلات السكانية من خلال تقديم خدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة وخفض المعدلات العالية للخصوبة ورفع نسب الالتحاق بالتعليم خاصة الفتيات وإدماج المرأة في التنمية . وأشار الجند الى أن الدولة اعتمدت في عقد المؤتمرات الوطنية مراجعة وتحديث السياسات على فترات زمنية كل خمس سنوات ، مستعرضا ماتم خلال الثلاث المراحل لانعقاد المؤتمرات والتي أكدت على أهمية بلورة الالتزام السياسي بالمشكلة السكانية والاعتراف بها وتحدياتها ،وان جوهر المشكلة السكانية يتمثل في الخصوبة العالية. كما تحدث الدكتور عبد المنعم أبو نوار، ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان ، مجددا التزام الصندوق بدعم جهود اليمن الناجحة والخاصة بالسكان والتنمية والصحة الإنجابية ، وقال:"ما جعل الصندوق يجدد التزامه بدعم الجمهورية اليمنية هو وضوح الآلية المستقبلية لمتطلبات العمل السكاني للنهوض المستمر بمستوي ومعيشة المواطن ومقابلة احتياجاته المتجددة والمتزايدة من ناحية وتحقيق التوازن الأمثل بين معدلات النمو السكاني والفرص الاقتصادية للوطن . وأشار ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان إلي ما تحقق لليمن في مجال التعليم وخاصة تعليم الفتاة وتمكين المرأة وتمثيلها وإبطاء معدلات النمو السكاني المضطرد وخفض مستويات وفيات الأطفال والامهات ، وقال"أن القفزة النوعية تتطلب وأكثر من آي وقت مضي حشد الموارد والطاقات الوطنية وتوسيع الشراكة التنفيذية لتشمل الوزارات غير التقليدية والمجتمع المحلي وإعداد الطواقم التنفيذية وتدريبهم من اجل الوصول لكافة طالبي الخدمة وتلبية حاجاتهم من المعلومات وخاصة الصحة الإنجابية وسد الفجوة بين الشباب والفتيات ورفع مساهمة المرأة في مختلف المجالات الاجتماعية مع ايلاء فئة الشباب عناية خاصة ". إلى ذلك عبر السفير الامريكي بصنعاء ستيفن سيش ، عن مباركته للحكومة اليمنية والمجتمع المدني ومجتمع المانحين لإدراكهم أهمية قضية النمو السكاني في اليمن ، مشيرا إلى ان انعقاد المؤتمر تعبير عن التزام اليمن بتحسين حياة اليمنيين الآن وفي المستقبل ومن اجل منع الآثار السلبية المستمرة لمشاكل النمو السكاني في اليمن ، وقال "إن استمرار النمو السكاني السريع سيؤثر سلبا على النمو الاقتصادي اليمني كما سيشكل ضغطا على موارده المحدودة في مجالات المياه والصحة والتعليم". وكان الاخ مطهر العباسي، وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي ، قد عرض في بداية المؤتمر دراسة حددت معدل الزيادة الطبيعية للسكان، والتقديرات المستقبلية وكذا نصيب الفرد من الناتج المحلي، والتقديرات المستقبلية للقوي العاملة إلى جانب النمو السكاني والتنمية.بعد ذلك بدأ المؤتمر أعماله في اليوم الأول بعقد ثلاث جلسات قدمت في الأولى التي رأسها الدكتور عبد الكريم الارياني ، المستشار السياسي لرئيس الجمهورية ورقتا عمل الأولى قدمها الدكتور عبد الله هزاع الخطيب ، رئيس فريق العمل بالمؤتمر السكاني الرابع بعنوان: ( نحو رؤية نقدية للأداء الراهن في مواجهة المشاكل السكانية) واحتوت مراجعة نقدية لما تم إنجازه في إطار الإستراتيجية الوطنية للسكان والمعوقات التي حالت دون التنفيذ الفعال لها، كما تضمنت المقترحات لمعالجة وتجاوز هذه الحالة والخروج بآلية تنفيذ واضحة ومحددة.وعرضت ورقة العمل الثانية التي قدمها الدكتور خالد قاسم العديني، دراسة لواقع عمل لجان تنسيق الأنشطة السكانية في المحافظات وآفاق تطوره، والتي حددت إحصائيا مدى نشاط السلطةالمحلية في المحافظات في المجال السكاني، حيث أفادت أن الأعضاء الناشطين فعلا في اللجان الخاصة بالسكان بلغ 72 بالمائة وأنه لا توجد خطط سكانية على مستوى اللجان بالمحافظات بنسبة 38 بالمائة، كما أن 8 ر 53 بالمائة من اللجان لا تقوم باجتماعات دورية.كما قدم الدكتور عبد الله محرم المدرس بكلية الطب والعلوم الصحية بجامعة صنعاء، دراسة حول تغطية الخدمات الصحية ركزت على الرؤى المدعمة بالأدلة على أن خفض النمو السكاني يتطلب التوعية الشاملة بأهمية الاستفادة من خدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة وتوفير وسائلها وتقديمها بنوعية جيدة مجانا في مختلف محافظات الجمهورية.وتخلل الجلسة تقديم مداخلة من الإخت/ أمينة عبد الرحمن، مدير عام الهيئة الوطنية للسكان وتنمية الأسرة في ماليزيا حول التجربة الماليزية في معالجة القضايا السكانية، حيث اوضحت أن ماليزيا استطاعت خفض معدلات النمو السكاني إلى 6ر 1 بالمائة، ونسبة الخصوبة في الريف إلى 6ر 2 بالمائة.وأكد المستشار السياسي لرئيس الجمهورية الدكتور عبد الكريم الارياني في ختام الجلسة أن المشكلة السكانية في اليمن باتت تدق نواقيس الخطر، حيث نجد أن نسبة الخصوبة في الريف في اليمن 6 بالمائة في حين أنها في ريف ماليزيا 6ر 2 بالمائة.فيما أوضح وزير الصحة العامة والسكان الدكتور عبد الكريم راصع، في مداخلته أن الوزارة استطاعت خلال الأربع السنوات الماضية تحقيق الكثير في المجال السكاني، حيث ارتفعت نسبة تغطية التحصين في اليمن من 37 بالمائة عام 2003م إلى 85 بالمائة في العام 2007م وتخطط الوزارة لتحقيق نسبة 95 بالمائة في العام 2009م.وفيما يخص نسبة استخدام وسائل تنظيم الأسرة فقد انتشرت مجانا على نطاق واسع لتشمل حتى القرى النائية وأثبتت أحدث الدراسات أن 34 بالمائة من النساء اليمنيات يستخدمن إحدى الوسائل الحديثة لتنظيم الأسرة، في وقت كانت النسبة 11 بالمائة عام 2003م.وأكد راصع، أن التغطية بالخدمات الصحية وصل الآن إلى 67 بالمائة من إجمالي التجمعات السكانية البالغ 121 ألف تجمع سكاني، في حين كانت النسبة في العام الماضي 52 بالمائة.وأثريت الجلسة بالعديد من النقاشات والمداخلات التي ركزت على تشخيص المشكلة وطرح البدائل والمعالجات للمشكلة السكانية وفي الجلسة الثانية برئاسة الدكتورة أمة الرزاق علي حمد ، وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل تم تقديم ورقتي عمل ومداخه الأولى للدكتور سليمان بن عزون، من جامعة عدن تناول فيها التوازن بين معدلات النمو السكاني والتنمية المستدامة، واتجاهات النمو السكاني والنمو الاقتصادي في الماضي والحاضر والمستقبل و لحالة ودرجة التوازن بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي واقترح عددا من التوصيات لمساعدة صانعي القرار لوضع سياسات وبرامج يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي في تعزيز استدامة النمو الاقتصادي في المستقبل القريب.وقدم المجلس العالمي للسكان بالقاهرة مداخلة حول تحديات النمو السكاني في اليمن ، فيما عرض الدكتور إبراهيم الحوثي من مركز البحوث والتطوير التربوي ورقة عمل بعنوان: (نحو منهجية واضحة في الدعوة والاتصال من أجل تغيير السلوك) وهدفت الورقة إلى تقوية الوعي بالمشاكل والهموم السكانية من خلال تشجيع الناس على طلب خدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة وكذا تقبل فكرة الأسرة الصغيرة على أن تكون أنشطة التثقيف والتوعية على جميع المستويات في جميع المحافظات ، مستعرضة الخطوات المطلوبة لإدماج المفاهيم والقضايا السكانية في إطار مناهج التعليم العام والتعليم الفني والعالي من خلال الحث على الإسراع في عملية الإدماج وتحديث ما تم إدماجه في التعليم العام وكذا الإطلاع على مخرجات ورش العمل حول الموضوع ووضع تصور عملي لمقترح الإدماج خصوصا التعليم العالي والفني.بعد ذلك قدم الدكتور أحمد عمر هاشم ، عضو مجلس الشورى المصري الرئيس السابق لجامعة الأزهر مداخلة المؤسسة الإسلامية للمشكلات السكانية التي تناول فيها رأي علماء الدين في وسائل تنظيم الأسرة.وفي جلسة العمل الخامسة للمؤتمر برئاسة الاخ حسن اللوزي ، وزير الإعلام عرض الدكتور عبد القدوس المروني ، منسق برامج منظمة «اليونيسيف» ورقة عمل بعنوان (نحو شراكة منتجة)، تناولت وضع الشراكة القائمة والمقترحات والتوصيات لتحسين وتعزيز هذه الشراكة وتحديد الأدوار كآلية واضحة لكل الشركاء بهدف الاستفادة من الخبرات والإمكانيات المتاحة لديهم. حضر افتتاح المؤتمر عدد من الوزراء وممثلون عن مجلسي النواب والشورى وعدد من اعضاء السلك الدبلوماسي بصنعاء وممثلو منظمات المجتمع المدني والمانحين.