يوسف الكويليت:تثار دائماً الشكوك حول سياسات المملكة مع الدول العربية، والدولية ، ويبدو أن الموضوع متعلق بدورها المميز في تلك القضايا، وإلا كيف نفسر المواقف تجاه دول تعتبر ساكنة منعزلة عن تلك الهموم، لكن المشكل هومحاولة إعطاء صبغة تختلف عن الواقع، وهو الأمر الذي خلق تصوراً خلال الأشهر الماضية، وكأن القطيعة مع اليمن قد وقعت رغم نفي البلدين لوجود أي شيء يشير لذلك، ونحن هنا لا نقول إنه لا تحدث تباينات في الآراء وحتى المواقف، وهو أمر طبيعي حتى داخل الأسرة الواحدة، لكن أن تفسر خارج سياقها الموضوعي، فهذا يعدّ الخطأ الأكبر فيما يعتبر تشهيراً لتصور لم يحدث.. مجلس التنسيق السعودي - اليمني سيعقد بالرياض، وهو مثار تلك الشكوك، ولعل علاقات البلدين، حتى بمرور مصاعب تجاوزتها الضرورات، وليس العواطف، وانعقاد المجلس الذي يعتبر أهم تحديد للسياسات، والتعاون في كل المجالات، ينفي تلك التصورات وعندما يأتي انعقاده على مستويات سمو ولي العهد ورئيس وزراء اليمن، فهذا يؤكد أن الخطى مفتوحة على كل الطرق، الاقتصادية، والأمنية، والسياسية.. نحن نعرف أنه لا أعراس في أي اجتماع بين الدول، لكن لا توجد قطيعة أو طلاق دائم طالما هناك محددات المصالح، وخاصة بين بلدين كبيرين لهما خطى دائمة في فهم الواجبات والتعامل معها بما يضعها على أولويات العمل المشترك.. فكما أن الأمن أهم الإشكالات بسبب طول الحدود وتضاريسها، فإن هناك عوامل اقتصادية تلعب دورها، سواء من خلال الدولتين، أو القطاع الخاص، أي أن الرابط هنا يقع ضمن دوائر عمل غير محدودة تراعي المكاسب والإمكانات التي تجعلهما في حالة حركة دائمة، ولعل إمكانات المملكة المادية، والتي تحتاج إلى العمالة، والعديد من البضائع، وفتح باب الاستثمار لكل المعنيين بإعمار البلدين لها دورها الثابت.. فاليمن لديها فائض بشري يمكن استيعابه في كل دول الخليج، وعائد هذه القوى على الاقتصاد الوطني، ودخل الأسرة اليمنية مهم جداً، وقد ظلت تجارب السنوات الماضية تثبت طبيعة هذا الواقع، ثم إن اليمن لديها إنتاج زراعي يمكن أن يتجه إلى السوق السعودي بدون عوائق، ومثلما المملكة بلد صناعي وتجاري مفتوح على اتجاهات العالم كلها، فهي مصدر تمويل لليمن في العديد من البضائع، ونفس الشيء على صعيد المعاملات الحكومية في رسم خطوط المعونات من خلال الكثير من الصناديق التي ساهمت في تكوين البنية الأساسية اليمنية بما فيها المنشآت الكبيرة في الطرق، والمدارس، والمستشفيات وغيرها، والتي تجري المشاورات عليها وتوقيع الاتفاقات في كل الأزمنة والظروف.. هذه الأمور كلها لا يمكن وضعها على لائحة الأدوار الصغيرة، لبلدين يشعران أن روابطهما تاريخية وضرورية، وحتى الذين يشاهدون طرفي الصورة لا يعلمون أن التكامل بين البلدين لا يتعلق بخلاف أو اتفاق، إذا أدركنا حاجة كل منهما للآخر ليس لأيام، وإنما لأجيال لأن حياة البلدين ومستقبلهما لا يقاسان بالساعات والدقائق، وإنما بالتوارث الدائم الذي يجعلهما قدوة لبلدان عربية أخرى..[c1]عن / صحيفة (الرياض)[/c]
الثبات.. وليس الارتباك في العلاقات السعودية - اليمنية
أخبار متعلقة