نسمع كثيرا عن حالات الطلاق "ابغض الحلال" والتي ربما وصلت في مجتمعنا إلى أرقام ضخمة ونسب عالية.. وتصيبنا الدهشة من الزيادة المضطردة والمستمرة في حالات الإخفاق والفشل وعدم القدرة على إكمال المسيرة في حياة زوجية مليئة بالسعادة.. وتوقف قطار تلك الحياة في محطة الانفصال واللاعودة.. وتبقى الحيرة مرتسمة في كل الوجوه.. والتساؤلات تنطلق من كل الأفواه تبحث عن الإجابة الشافية والناجعة دون الوصول إلى الحقيقة. وفي مجتمع شرقي تقليدي لايزال الرجل (الذكر) صاحب القرار الأول والأخير في تحديد ماهية الحياة الزوجية وطبيعتها..وتفاصيلها.. وهو المصادق في النهاية على قرار الاستمرار من عدمه..وهذا الرجل لا يأتي على نمط واحد من حيث الفكر أو السلوك.. فقد يكون سخياً أو بخيلا في المشاعر أو المال أو العطاء.. وهو رجل يحمل الصفات والسجايا الحسنة من حلم وسعة صدر وروية وحب وعطاء واهتمام وعفو وتسامح ومرونة..وقد يأتي على العكس تماما سريع الغضب..حاد الطباع متقلب المزاج.. أحمق ..أهوج.. أناني.. بخيل.. يحاسب الزوجة على الصغيرة قبل الكبيرة.. يتصيد الهفوات والأخطاء.ولان الفتاة توافق على الارتباط بذلك الشاب فهي تتخذ هذا القرار في الغالب دون أن تملك أية معلومة عنه إلا اللمم من والدها أو والدتها أو أخوها أو أختها.. وقد تكون هذه المعلومات مشوشة وربما غير جديرة بالثقة المطلقة وبالتالي لا تزودها بالصورة الحقيقية عنه..ومثل ذلك تلك الثواني المعدودة التي تراه فيها قبل إعطاء الرأي النهائي..واتخاذ القرار المصيري دون أن تتعرف على التفاصيل الدقيقة. ولأنها قد ترسم في فكرها صورة خيالية جميلة فلا مشاحة أن تدلف إلى الحياة الزوجية بتلك الصورة التي ارتسمت بفعل ما تقرا من قصص عاطفية وما تشاهد من أفلام ومسرحيات ومسلسلات تجسد تلك الحياة على أنها سلسلة جميلة من قصص الحب والرومانسية..والتي تعيش فيها مع فارس الأحلام في أجواء شاعرية مدى الحياة. هذه الصور الخيالية قد تقود الفتاة المسكينة للشعور بالصدمة العنيفة عندما يصعقها الواقع المليء بالتغيرات..والقنابل الموقوتة..وقد تجد إحداهن حياة اقل بمسافات كبيرة عما عاشته في بيت والدها حيث الرفاهية وخدمة الخمس نجوم التي يقدمها السائقون والخدم..والأوامر والمطالب المجابة والواجبة التنفيذ.. وداخل أسرة تؤمن بمبدأ حرية الرأي والمشاركة ..فتصدم بزوج لا يؤمن بكل ما سبق..يتمحور حول ذاته..وقد لا يوفر لها الحد الأدنى من متطلباتها إما لقلة حيلته أو لبخله. أو يكون نصيبها ذلك الزوج الذي لايقر..سفر وترحال..سهر مع الشلة إلى الفجر..لا يتجاوز مكثه في المنزل ساعة من نهار أو دقائق معدودة من ليل أرخى سدوله على تلك الزوجة المسكينة التي وأدت كل أحلامها الجميلة لتقف في النهاية في مفترق طريق صعب. وقد ترتطم أحلام الفتاة في واقع الأسرة الجديدة.. أم الزوج.. أخته.. إلى آخر القائمة ممن يحشرون أنفسهم في كل صغيرة أو كبيرة تخص ابنهم وزوجته.. وتوجيهاتهم التي لا تنقطع وتدخلاتهم حتى في أدق التفاصيل. وقد تقع الفتاة ضحية لتلك التوصيات المسبقة التي زودت بها من الأم والأخت والعمة والخالة والقريبة.. انتبهي لزوجك.. خذي حقك منه كاملا.. افرضي شروطك عليه خليه مثل "الخاتم في أصبعك" الرجال ما لهم أمان. وفي الغالب يكون السبب الرئيسي لعدم تمكن الفتاة من النجاح في الحياة الزوجية سوء إعدادها في بيت أهلها..وعدم تبصيرها بحقوقها وواجبات زوجها.. وتعويدها على الإتكالية فهي لا تستطيع تحضير حتى طبق البيض المسلوق أو كاس الشاي.. أو السلطة.. ولا تتقن من فنون بناء العلاقات الجيدة إلا النزر اليسير.إعداد الفتاة أو الفتي للحياة الزوجية ومتطلباتها وكيفية العيش في ظروفها المتقلبة كفيلة بإذن الله بالقضاء على مسببات الفشل. والله الموفق. [c1]*عن / صحيفة "الرياض" السعودية[/c]
الفتاة والحياة الزوجية
أخبار متعلقة