أضواء
دبي الحربيتزايد ظاهرة الإسلام السياسي حكمتها في الأساس جملة من المعطيات في السابق؛ أولها وأكثرها تأثيراً هو أن تغذية وإسناد الأصوليات الدينية وضع في أولى أجندات الاستخبارات الغربية والأميركية على وجه الخصوص، منذ نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1945، وظهور ما سمى بالحرب الباردة واعتبرتها تلك الأجهزة هي السلاح الأمضى ضد ما سمي بالغواية الشيوعية، وأضفت الإلحاد والزندقة على الأخيرة فيما هي لا تعدو أن تكون فلسفة اقتصادية تنشد العدالة وتدعو إلى محاربة الاستعمار والاحتكارات الرأسمالية.فنجحت السياسة الغربية تلك التي صاغها الأخوان جون وآلان فوستر دلاس بحكم موقعيهما في وزارة الخارجية والاستخبارات المركزية الأميركيتين نجاحا باهراً في استغلال الدين ووضعه في مواجهة القومية العربية وقوى التنوير والليبرالية والديمقراطية في العالم وتحول الغرب العلماني والليبرالي حليف مقرب للقوى الدينية، وعبر دولة وحلفائه تنطلق قوافل التبشير والتمويل فانتشر الدعاة. وجاء الاحتلال السوفييتي لأفغانستان فزادت المخابرات المركزية والعربية التابعة الجرعة وأصبح الخطاب الديني هو السائد، وتحول كل دعاة العقل والحداثة والأخذ بمعطيات العصر في العالمين العربي والإسلامي الى كفرة وزنادقة، وأصبح القتال في أفغانستان ودعم التوجهات الغربية تلك هو السبيل إلى الجنة والموت شهادة تفوح منه رائحة المسك بعكس ما هو عليه القول الآن في العراق وأفغانستان وفلسطين فهم قتلة وإرهابيون ومجرمون تفوح منهم رائحة العفن! وهذا من تناقضات الخطاب الديني الخاضع للتسييس عموماً. وتحولت المناهج الدراسية عندنا دروس دين، فدخل الدين في العلوم والطب والهندسة وأصبح كل تفسير ظاهرة طبيعية أو فيزيائية وتفاعل كيميائي في المناهج العلمية مربوطا بقدرة الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.. وهكذا دون خلق الآفاق للتساؤل والمعرفة وفق الضوابط العلمية. فكيف هي الحال في العلوم الإنسانية الأخرى؟ وجاءت الديمقراطية مشوهة ومقيدة بولاية الفقيه ووصاية مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران ومحاولات مستمرة لربطها وتقييدها بالمذاهب وتفاسير الأولين في باقي الدول الإسلامية، ولم يبق من معالمها إلا الانتخابات، كيف لنا أن لا نتوقع فوز الإسلاميين والقبليين في الكويت أو غيرها في ظل غياب منطق الدولة والمواطنة وانتشار التمذهب والتعنصر وتراجع المناهج العلمية والحرية الإعلامية والحوار الحضاري وسيادة الموروث وسيوف المحافظة على القيم والعادات والتقاليد .... الخ .[c1]* عن صحيفة ( أوان) الكويتية [/c]