عمرالسبعكان خبراء البيئة والباحثون والمهتمون في مجال البيئة والزراعة في اليمن ينسجون خيوط الخوف في المجتمع اليمني، منذ عقدٍ من الزمان بسبب الانخفاضات المتسارعة لمناسيب الأحواض المائية لاسيما حوض صنعاء وسهل تهامة وما يعقب ذلك من تدهور الماء وملوحته كون مستويات الاستخدام للمياه الجوفية تفوق مستويات التغذية، ويؤدي عدم التوازن بين سحب المياه الجوفية وضعف معدل تغذيتها إلى استنزافها وتدهور خصائص الماء فيها، وكان الخطر المجلجل أن تنضب بعض الآباروتسبب أزمة مائية حادة في اليمن بحلول عام 2010م، لاسيما مع تفاقم حفرالآبارالعشوائية والاستهلاك الجائر للماء في محاصيل الفاكهة وزراعة القات.كان حديث أزمة المياه بحلول عام 2010م، كما أسلفنا القول قبل ما يقارب عقد من الزمان ومرَّت الأيام سريعة ومتلاحقة حتى لم يُعد يفصلنا عن عام 2010م سوى عامين وبضعة أشهر، وكان المفروض أن يظل الحديث على حدته، وأن تكون هناك إجراءات حكومية لازمة للحد من الأزمة، وحلول على الواقع لردم بوادر الأزمة بيد أنّ المُلاحظ أنّ حديث الخبراء الفنيين قد خفت وكأنّ الأزمة قد أرجئت وأُزيحت إلى عقدٍ أو عقدين آخرين من الزمان، والحكومة وكبت الصوت المنخفض للخبراء والفنيين، ونبرات صوتها العالية بين الفينة والأخرى كان في وجه الحفارات التي تحفر ليل نهار عشوائياً لاستخراج المياه الجوفية للأغراض الفردية.إنّ مُناخ الجمهورية اليمنية قارياً أو شبه قاري وهي من أكثر البلدان شحاً في الموارد المائية وهي تحت خط الفقر المائي وهطول الأمطار فيها متذبذب ويتراوح المتوسط السنوي لكمية الأمطار ما بين 250 – 400 مليمتر، والحدود الدنيا منه 50 – 100 مليمتر، والحدود العليا لهطول الأمطار تصل إلى 800 مليمتر.. فالمناطق اليمنية الواقعة على الشريط الساحلي الطويل يتراوح الأمطار فيها بين 50 – 100 مليمتر أما المرتفعات الجبلية فتصل إلى حدود 500 – 800 مليمتر، أما المناطق الشرقية فلا تزيد كمية الامطار فيها عن 50 مليمتراً.وتصلُ كمية الأمطار عموماً في العام ما بين 67 مليار متر مكعب إلى 93 مليار متر مكعب.يقدِّر البنك الدولي أنّ مياه الأمطار في اليمن تعوض أقل من ثلاثة أرباع المياه الجوفية المستنزفة، وأنّ المياه المتجددة تقدر بمليارين ونصف مليار متر مكعب، في حين أنّ الاستخدامات تصل إلى ثلاثة مليارات ونصف المليار متر مكعب من المخزون الجوفي، أي أنّ هناك عجزاً مائياً يقرب من المليار متر مكعب، أسبابه المعدلات المرتفعة من التبخر، والفاقد والحفر العشوائي الخارج عن السيطرة والحاجة إلى الماء.والحقيقة أنّه لا توجد معلومات دقيقة ونهائية عن مستويات انخفاض المياه الجوفية، وقدّّر خبراء وزارة التخطيط والتنمية في رؤيتهم الإستراتيجية لليمن حتى عام 2025م أنّ المخزون المائي الجوفي المتاح في كل أحواض الوطن بما يقارب عشرين بليون متر مكعب، واستناداً إلى معدل الاستهلاك السنوي للمياه في اليمن، فإنّه في عام 2010م سيكون قد تمّ استنزاف أكثر من نصف المخزون المتاح أي ما يقارب اثني عشر بليون متر مكعب.إنّ أصابع الاتهام في استنزاف المياه المتاحة في اليمن موجه إلى الحفر العشوائي للآبار الارتوازية، حيث قدرت الهيئة العامة للموارد المائية أكثر من ثلاثة وتسعين ألف بئر تستنزف المياه الجوفية وأنّ هذا الاستنزاف تستفيد منه الأراضي المزروعة للقات، ومحاصيل الخضروات والفواكه.إنّ دراسة البنك الدولي عزت تفاقم أزمة المياه إلى قصور المؤسسة المعنية بتوفير المياه عن القيام بواجباتها بطريقة فعالة، وأنّ قانون المياه رقم (33) لعام 2002م لا يزال قانون على الورق، فمسؤولون في الحكومة يصرحون وبخيبة أمل في أنّ قانون المياه من أصعب القوانين للتطبيق، بل إنّ قانون المياه شيء وتطبيقه شيء آخر تماماً.وقد وصل إلى علمنا أنّ وزارة المياه والبيئة تنفذ الإستراتيجية الوطنية للمياه على مرحلتين الأولى تبدأ من 2005 – 2009م تركز على رفع قدرات العاملين في قطاع المياه، والمرحلة الثانية تبدأ من 2010 – 2015م وتركز على تحقيق النسب المطلوبة في أهداف الألفية.كما أنّ تنفيذ البرنامج الاستثماري لقطاع المياه للمرحلة من 2006 – 2010م يحتاج إلى أكثر من مليار ونصف المليار دولار أمريكي تمول الحكومة ما نسبته 24%، وتقدَّر التزامات كل من هولندا وألمانيا ما قيمته 550 مليون دولار، بينما تظل نسبة 36% من المشروع كعجز تمويلي.إنّ مشكلة ندرة المياه وشحته في كل محافظات الجمهورية أفرز فجوةً غذائية تتسع يوماً عن يوم، ومن الضرورة الحد من هذا التدهور بإجراء إصلاحات أساسية وجوهرية للإدارة المائية، وعلى الحكومة بسط يدها لإدارة الموارد المائية والبحث عن بدائل سريعة لسد الحاجة للمياه كتحلية مياه البحر للمحافظات الساحلية أو استخراج المياه من الرطوبة الموجودة في الجو أو استغلال حوض حضرموت، ومواصلة إنشاء السدود والحواجز في المحافظات التي تهدر فيها مياه السيول، لتتواكب الجهود مع الإصلاحات الاقتصادية والجهود المبذولة لمكافحة الفقر، فكل الإصلاحات تبدأ من التوازن المائي؟!
|
ابوواب
أزمة مياه في اليمن .. وما ينبئك بحقيقتها غير خبير
أخبار متعلقة