ما من شك أن هناك علاقة متبادلة بين السكان والبيئة المحيطة به , تتأثر بها وتؤثر فيها , ففي البدء خلق الله سبحانه وتعالى المحيط البيئي بأكمل صورة , واستمر التوازن البيئي على كوكبنا بدرجة عالية من الكمال لحقب تاريخية طويلة , ومع تطور الحاجات الإنسانية وبدء الاستخدام الجائر للمواد الطبيعية بدأت بوادر الخلل في توازن النظام البيئي تظهر للوجود .لقد تعمقت المشاكل البيئية على كوكبنا مع التطور الحضاري والاقتصادي , فقد أفرزت كل حقبة حضارية ومرحلة تنموية مشاكل بيئية ذات مديات أوسع وأكثر تنوعا وخطورة من سابقتها حتى وصل التدهور البيئي ذروته مع أنماط الإنتاج والاستهلاك غير المستدامة السائدة حاليا , فالإنسان عموما يستقر وينجذب نحو المناطق ذات الموارد الجيدة التي يمكن استغلالها لأجل خيرة وخير الأجيال اللاحقة , وان الاستغلال غير العقلاني والجور في استخدام هذه الموارد الجيدة يؤثر سلبا على البيئة وينهكها , كما وان زيادة السكان في منطقة معينة يؤدي إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات وهذه بدورها تقود إلى الضغط على الموارد المتاحة ويسبب تدهورا في البيئة المحيطة , كذلك فان نمو السكان يزيد من الحاجة إلى استخدام قوة عمل إضافية وتوفير فرص عمل والتي بدورها تخلق ضغطا جديدا على الموارد الطبيعية إضافة إلى ذلك فان زيادة السكان تعمق من مشاكل الصرف الصحي وتامين مياه صالحه للشرب وزيادة التلوث الصناعي والتلوث الناجم عن وسائط النقل ..الخ , بمعنى آخر هناك عدد اكبر من السكان الذي ينتجون كميات متزايدة من الملوثات التي تهدد الصحة العامة , مقابل وجود علاقة سلبية بين السكان ونموه و البيئة المحيطة به وان كان هناك علاقة ايجابية بينهما في بعض الحالات والتي تمثل بالدرجة الأساسية جهود الإنسان في المحافظة على البيئة التي يعيش فيها من التلوث أو العمل على تحسين بيئة متدنية سواء كانت بسبب طبيعي أو نتيجة ممارسات من صنع الإنسان .وإضافة إلى ذلك فان لحجم السكان ومعدلات نموه تأثيرا في البيئة المحيطة , كما أن لمستوى السكان الثقافي والتعليمي ومستواهم الاقتصادي اثر كبير على البيئة سلبا وإيجابا , فالإنسان غير المتعلم وذو مستوي اقتصادي متدني ( الفقر) السكانيين في المناطق الحضرية أو الريفية على حد سواء يؤثرون سلبا على البيئة المحيطة , ففقراء الريف على سبيل المثال يميلون إلى الاستغلال الجائر للأرض المتاحة لهم للحصول على منافع آنية لسد احتياجاتهم الأساسية من خلال الاستغلال الجائر للأرض المتاحة لهم أو قطع الأشجار أو صيد الأنواع النادرة من الحيوانات والطيور , كما يميل فقراء الريف في حالات أخرى ـ من اجل تأمين الحاجات الأساسية لهم ولعائلاتهم ـ إلى الهجرة للمدن ومنافسة فقراء المدينة على الخدمات الأساسية الموجودة بحد الكفاف , وبذلك يعيشون في أحياء سكنية تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات الأساسية معرضين أنفسهم للأمراض الانتقالية والمزمنة التي تقلل إنتاجيتهم وقابليتهم للعمل .ومن هنا يمكن القول أن أي سياسة تنموية تهدف إلى خلق تنمية شاملة لا بد من أن تستوعب العلاقة المتبادلة بين السكان والبيئة بإبعادها الكمية والنوعية وان تستوعب بشكل كامل لحقيقة أن قابلية الطبيعة لاستلام الملوثات الناجمة بفعل الإنسان محدودة.أمين إبراهيم
البيئة والسكان
أخبار متعلقة